عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يوم الأربعاء 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، ندوةً لمناقشة أحد أحدث إصداراته من الكتب، وهو كتاب الدكتور عماد قدورة، الباحث في المركز ومدير قسم التحرير فيه، والذي يحمل عنوان السياسة الخارجية التركية: الاتجاهات، التحالفات المرنة، سياسة القوة.

شارك في الندوة، التي عُقدت بطريقة مزدوجة، حضوريًا وعن بُعد، ثلاثة من الباحثين المختصين في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية التركية، وهم الدكتور أحمد أويصال، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط (أورسام) في أنقرة؛ والدكتور هاني البسوس، أستاذ الدراسات الأمنية والاستراتيجية والعميد المساعد لشؤون البرامج في أكاديمية جوعان بن جاسم للدراسات الدفاعية؛ والدكتور باسل حسين، أستاذ السياسة الدولية ومدير مركز كلواذا للدراسات وقياس الرأي العام العراقي.

استُهلت الندوة بعرض قدّمه المؤلف لأطروحات الكتاب ومحاوره الرئيسة، وذكر أنه يجادل بأن السياسة الخارجية التركية الحالية تعمل على تقوية العلاقات مع القوى الكبرى في الغرب والشرق معًا، من خلال تحالفات مرنة، تتجنب الاعتماد الكلي على حليف مُهيمن، وتعمل في حال التوتر على موازنة أحدهما بالآخر. وأشار إلى أن الكتاب يتوسع في تناول اتجاهات السياسة الخارجية التركية في الفترة 2010-2021، وفي الوقت نفسه يعرض المسارات التاريخية التي أدت إلى تبلور هذه السياسة منذ تأسيس الجمهورية التركية 1923 وحتى الآن. وقد اعتمد المؤلف في مقاربته للموضوع على النظرية "الواقعية الكلاسيكية الجديدة"، التي تشمل تحليل بنية النظام وأثر المتغيرات المحلية في صناعة السياسة الخارجية.

ثمَّن المعقِّب الأول، أحمد أويصال أهمية اللحظة التي جاء فيها الكتاب والدور الذي سيقوم به في فهم السياسة الخارجية التركية، وأكد على أهمية دراسة تحولات موقف وزارة الخارجية التركية أثناء الانقلابات. كما أشار إلى ما ذكره الكتاب من تحولات حول حجم تأثير موقع الرئاسة التركية في صناعة القرار السياسي الخارجي، منوهًا بالدور الذي تلعبه وزارة الدفاع وجهاز الاستخبارات وبعض مراكز التحليل السياسي في صناعة السياسة الخارجية التركية. وقد وافق المعقِّبُ المؤلفَ في أهمية نقاش الوطنية التركية والنزعة الاستقلالية في الساحة التركية، في الوقت الذي تنشغل فيه الكثير من الدراسات حول جدلية العلمانية والدين.

أما التعقيب الثاني فكان لهاني البسوس؛ إذ أشاد بمدخل "الدبلوماسية الشخصية"، الذي توسّله المؤلف في فهم السياسة الداخلية والخارجية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأشار إلى أنه ما قبل التحول إلى النظام الرئاسي، كان الجيش ووزارة الخارجية يؤديان الدور الأكبر في صناعة السياسة الخارجية التركية. كما أشار إلى ضرورة "الدبلوماسية الدفاعية" مدخلًا نظريًا آخر لفهم السياسة الخارجية التركية، ولا سيما بعد أن أصبحت القوات العسكرية جزءًا من القوة الإنتاجية والصناعية، وهما ما أفرد لهما المؤلف محاور في الكتاب.

وكان التعقيب الثالث، والأخير، لباسل حسين، الذي نوّه بالقيمة المعرفية التي يقدمها الكتاب للقارئ العادي والباحث المختص على السواء. وفي إطار الاشتباك النقدي مع الكتاب ومنهجيته، تحفظَّ الباحث على قدرة مقاربة المدرسة الواقعية الكلاسيكية الجديدة وحدها على الإلمام بفترة ما بين الحربين العالميتين، بحكم أنها تقوم على مركزية مفهوم الصراع لا مفهوم التعاون. أما فيما يتعلق بأطروحة الكتاب، فيرى الباحث أن التحالفات المرنة تعكس أزمة الهوية في تركيا وتنَّازُعها بين الشرق والغرب، وهو مما أدى إلى عدم قدرتها على إقامة تحالف دائم مع أي من القوى الكبرى، ولذلك جرى التأكيد في الكتاب على عدم وجود تحالف موثوق "تمامًا".

وقد أعقب المداخلات الثلاث نقاش ثري، شارك فيه الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا. واختتمت المناقشة بتعقيب لمؤلف الكتاب، عماد قدورة، عرض فيه لجملةٍ من القضايا والأسئلة التي أثارتها التعقيبات، ولأسئلةٍ أخرى وردت من المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي للمركز العربي.