Author Search
باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تركّز بحوثه في فلسفة الدين والمقدّس والمقاربات الحديثة للظاهرة الدينية، إضافةً إلى مطارحة قضايا الدين وأنسنة اللاهوت
Author Search
محرر في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حاصل على ماجستير في الأدب العربي، وهو حاليًا بصدد إعداد الدكتوراه. تتركز اهتماماته حول الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام وأصول الفقه الإسلاميين، والتاريخ الإسلامي (العصر الوسيط). 
الأستاذ رائد السمهوري متحدثا عن نشأة علم الكلام
الدكتور كمال طيرشي مبرزا خصائص علم الكلام الحديث
عدد من الباحثين المشاركين في التعقيب والنقاش
المحاضران
شارك عدد من الباحثين المختصين والأساتذة في النقاش على المباشر

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عن بُعد ونقلٍ مباشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي (فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب)، الدكتور كمال طيرشي والأستاذ رائد السمهوري، الباحثين في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، اللذين قدّما يوم الأربعاء 10 حزيران/ يونيو 2020، محاضرةً بعنوان "علم الكلام القديم والجديد: مقارنة في المنهجية والمفاهيم".

استهل رائد السمهوري المحاضرة بالحديث عن علم الكلام القديم ودوافع انبعاثه، وخصوصًا ما تعلق منها بالجانب السياسي. فلقد ذكر أبو الحسن الأشعري في كتابه "مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين" أنّ أول مسألة جرى عليها الاختلاف في الأمة هي مسألة "الإمامة"، والتي ظهرت مباشرة بعد وفاة النبي محمد (ص). وصارت هذه المسألة تؤرق العقل الإسلامي، حتى غدت من أمّات القضايا المُفكر فيها في حياة المسلمين، منذ ذلك الحين حتى يوم الناس هذا. كما كان للمشكلات والصراعات السياسية اليد الطولى في انبعاث وولادة التشابكات المفاهيمية والأسئلة والآراء في علم الكلام الإسلامي في صورته التقليدية. ومن أمثلة ذلك مسألة الأحكام والأسماء، والمقصود بها وصف الحاكم بالفسق أو الإيمان أو الكفر، وما يترتب على ذلك من أحكام الخروج، المختلف في شروطها بين المعتزلة وأهل الحديث والخوارج والشيعة. هذا إضافةً إلى أثر الظروف والمسببات والفواعل السوسيولوجية والفكرية والثقافية والاقتصادية، التي أمدّت العقل الكلامي بآليات وأدوات للتأطير المعرفي والإبستيمولوجي لهذا العلم (مبحث الأدلة ومصادر التلقّي).

 

فكان أن ظهر علم الكلام في نهاية القرن الأول للهجرة، ووصل إلى غاية اكتماله ونضجه في القرن الرابع الهجري، ثم اصطدم بالفلسفة، لأسباب سياسية غالبًا، في أواسط النصف الثاني من القرن الخامس الهجري (تهافت الفلاسفة، وفضائح الباطنية)، ولا سيّما مع أبي حامد الغزالي الذي أدخل، على نحو رسمي، وإن كان سبقه في ذلك ابن حزم، المنطق الصوري اليوناني ليحتل منزلة رفيعة بوصفه أداة للاستدلال.

لقد كان علم الكلام القديم استجابةً لقضايا ومشكلات عرضت للمسلمين في زمن مضى، لكنه بقي على صورته ذاتها، في متونه المعروفة المعتمدة، يعالج الخلافات العقائدية ذاتها، والتي تدرّس كما هي في المعاهد الشرعية في أنحاء العالم العربي والإسلامي. فهل يبقى له ما يقوله في زمننا هذا؟ وهل يمكن الإفادة منه في مشكلات العصر؟ وما الآفاق التي يمكنه أن يفتحها لنا؟

عقب ذلك، انتقل كمال طيرشي للحديث عن محاولات اصطناع ما يسمى "علم الكلام الجديد"، وذلك بتحفيز من بعض أهل الاختصاص في الفلسفة وأصول الفقه والعقيدة والفكر الإسلامي، الذين رأوا ضرورة تجديد علم الكلام، ووضع أسس منهجية جديدة لحل مشكلات العصر، بحسب وجهة نظرهم، وتشابكوا مع منتجات الفلسفة الغربية، ولا سيّما فلسفة الدين. ولئن كانت هذه المحاولات لا تزال في بواكيرها الأولى، فإن الأمر لا يخلو من أسئلة وإشكالات تستدعي مقاربة الإجابة عنها. وفي هذا السياق، انطلق طيرشي من تساؤلات جوهرية منها: أيقوم علم الكلام الجديد على القطيعة التامة مع علم الكلام القديم، أم أنه يستمدّ منه أساسه المنهجي ويطوّره ويبني عليه؟ وبطريقة أخرى: أيُعدّ علم الكلام الجديد امتدادًا لعلم الكلام القديم في منهجه وقضاياه، أم هو بناء جديد بأصول جديدة وأهداف جديدة؟ وأيكون هدفه الدفاع عن عقيدة فرقة بعينها من فرق الإسلام، أم لا يلتفت إلى هذه الجوانب أصلًا؟ وأينفتح ليشمل الأديان والملل الأخرى، أم هو، على طريقة علم الكلام القديم، يهدف بالضرورة إلى إبطالها؟ وما المشكلات التي يحاول علم الكلام الجديد حلّها؟ وأيقوم على أساس من المدافعة والمنافحة والحجاج على وفق نظرية "الفرق بين الفرق" (عنوان كتاب للمتكلم عبد القاهر البغدادي)، أم يسعى إلى منطق آخر يقوم على الوفاق و"الجمع بين الفرق"؟

وعقب طرح هذه الأسئلة الأساسية، أعقب المحاضرة نقاش ثريّ، شارك فيه عن بُعد الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثون من الخارج، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.