Author Search
أستاذ مساعد في العلاقات الدولية والامن الدولي، ورئيس قسم الشؤون الدولية بجامعة قطر. حاصل على دكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة نبراسكا-لينكن بالولايات المتحدة، قسم العلوم السياسية. تصبّ اهتماماته البحثية في العلاقات الدولية والسياسات المقارنة، والحوكمة وبناء السلام، والتحولات الديمقراطية وقضايا التنمية في دول الربيع العربي. له عدد من الأبحاث حول التحولات الديمقراطية والحوارات الوطنية في دول الربيع العربي، وقضايا بناء السلام، وسياسة الولايات المتحدة الخارجية تجاه الشرق الأوسط.
الباحث بكيل الزنداني يحاضر في سيمنار المركز العربي
الباحث بكيل الزنداني
الزنداني أثناء تقديمه العرض
جانب من الحضور المشارك في السيمنار

مثّل المشهد الحزبي في اليمن، بين اندلاع ثورتها حتى سقوطها في هوة الحرب الأهلية، مساحةً مهمة للبحث في جزء مهم من ملامح المراحل الانتقالية. وقد خصّ سيمنار التحول الديمقراطي الذي يُعقد ضمن السيمنار العام للمركز العربي، هذه القضية باهتمامه، واستضاف الدكتور بكيل الزنداني، الأكاديمي اليمني المختص بالعلاقات الدولية والأمن الدولي، ورئيس قسم الشؤون الدولية بجامعة قطر، الذي استعرض بحثًا يعمل عليه موضوعه "الأحزاب السياسية والإصلاح السياسي في اليمن: دراسة مقارنة لدور حزبي التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام من 2011 إلى 2015".

مهّد الزنداني لموضوعه باستعراض خلفية عامة عن تطور النظام الحزبي في اليمن قبل عام 2011، وبيّن أن اليمن الجنوبي، قبل أن تجمع الوحدة شطرَي اليمن في التسعينيات من القرن الماضي، كان لا يعرف سوى نظام الحزب الواحد وفق النمط الاشتراكي، في حين لم يعرف الشمال الممارسة الحزبية وإنما برزت مساعٍ في شكل مؤتمر أشبه بالحزب الواحد، حاول فيه النظام استقطاب القوى السياسية الموجودة على الأرض من دون ممارسة حزبية. ثم جاء الانتقال الكبير مع الوحدة اليمنية، وما أتاحه دستور الوحدة من مساحة جديدة للعمل الحزبي، وبدأ الأمر في شكل توافق بين حزبَي الإصلاح والمؤتمر، قبل أن تعرج العلاقة بينهما إلى مرحلة تأزم. وبعد حسم الحرب الأهلية لمصلحة علي عبد الله صالح، تمكَّن المؤتمر من الهيمنة على الحياة السياسية إجمالًا، وفكّ ارتباطه بحلفائه السابقين، معزّزًا وجوده بقوى الأمن والمؤسسة العسكرية التي دانت بالولاء لشخص صالح؛ ما دفع الأحزاب إلى البحث عن بدائل، فتشكّل تكتل جديد باسم "اللقاء المشترك" في عام 2003، وتمكّن من تشكيل تهديد للمؤتمر، وخشيَ صالح أن ترجّح كفة مرشح اللقاء، فيصل بن شملان، الذي بدت لديه فرصٌ للمنافسة. وجاء سعي صالح لمصادرة الحياة السياسية في اليمن، مُنهيًا كل أمل لتطور سياسي حقيقي، حتى أتت لحظة الثورة التي برزت بوصفها حلًا وحيدًا وفرصة لجيل الشباب، وقد أتى في أغلبه من خارج الخريطة السياسية التقليدية، لإحداث التغيير.

ومع الثورة ظهر تباين مواقف الحزبين؛ ففي الوقت الذي ألقى فيه الإصلاح بثقله داعمًا الاحتجاجات الشعبية، بعد تردّدٍ قصير بسبب خشيةٍ مفادها أنْ يُعدّ التحرك الشعبي "ثورة إسلامية"، وقف المؤتمر، على النقيض تمامًا، منحازًا إلى صالح، مالكه ومحرّكه الحقيقي، ساعيًا بذلك نحو عرقلة التغيير. وبدأت مرحلة من الوساطة مع تعاظم المشهد الثوري واتساع الحراك، وتعدّد ساحات التغيير لتشمل أغلب المحافظات، وبدأت مساعٍ داخلية للوساطة، جرت عرقلتها بحدّة، حتى أتى يوم الكرامة الذي شهد سقوط 50 شهيدًا، فأغلق هذا الباب، تاركًا ساحة للوساطة الخارجية، كان أبرزها، بطبيعة الحال، المبادرة الخليجية. وبعد خمس جولات منها، قضت بالقبول بإزاحة صالح مع ترك نصف الحكومة له. وجرى انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة وفاق وطني، رغم ما تسبّب فيه هذا الاتفاق من إحباط لشباب الثورة. وجرى الاتفاق، أيضًا، على أن تنظم عملية حوار وطني، جمعت الطيف السياسي اليمني؛ وهو ما ركّز عليه النصف الثاني من محاضرة الزنداني.

استعرض الباحث مساهمة الحزبين في مؤتمر الحوار الوطني وقضاياه، وكيفية مشاركتهما في مداولاته، وقارن بين رؤاهما في عدة قضايا دار حولها الصراع في تلك الفترة؛ هي قضية الجنوب، ومسألة الفدرالية التي شغلت جزءًا مهمًا من النقاش، وشَكْل نظام الحكم، وكيفية استقراره مرة أخرى على النظام الرئاسي، وتطوير النظام الانتخابي وسجلاته، وأخيرًا قضية إصلاح المؤسستين الأمنية والدفاعية وإشكالية تكوينهما وهيكلتهما، ومنع تشكّل أيّ انحياز قبَلي أو جهوي أو حزبي فيهما على نحو ما كان في عهد صالح.

وفي نهاية العرض، بيّن الزنداني أنّ هذه القضايا لا تزال تشكّل الأجندة السياسية لأيّ حل مقبل. ثمّ فتح النقاش حول ما طرحه الزنداني بين الحضور من الباحثين والأساتذة وطلاب معهد الدوحة وجامعة قطر.