من الجلسة الأولى للسيمنار
من الجلسة الأولى للسيمنار
عبد الفتاح ماضي
عبد الفتاح ماضي
عادل كندير
عادل كندير
فرج سليمان حمودة
فرج سليمان حمودة
نجوى الصديق
نجوى الصديق
أحمد حسين
أحمد حسين
محمد حمشي
محمد حمشي
من الجلسة الثانية
من الجلسة الثانية
خيري عمر
خيري عمر
علي محمد سالم
علي محمد سالم
عبد الحميد صيام
عبد الحميد صيام

استضاف سيمنار التحول الديمقراطي في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عددًا من الباحثين الليبيين والعرب لمناقشة الحالة الليبية وما جرى فيها من تحولات على مختلف الصعد السياسية، منذ اندلاع ثورة 17 فبراير 2011. وقدم عبد الفتاح ماضي السيمنار، موضحًا أنه يأتي في صيغة يوم دراسي؛ بغية النقاش العلمي لأجزاء من مشروع يتبناه المركز العربي في شكل كتاب جماعي سيصدر بالعنوان نفسه الذي يحمله السيمنار "ليبيا: تحديات الانتقال الديمقراطي وبناء الدولة". وأشار إلى أن المأمول اليوم هو التعرف إلى أبرز صور التحول السياسي منذ سقوط معمر القذافي، وتعرّف ما يتصل بها من وجهة التحول الديمقراطي، وما عرقل المسارات التي حاولت التأسيس للتحول الديمقراطي في ليبيا. كما أوضح أن النقاش في السيمنار يشرك الجماعة البحثية في تقديم تغذية راجعة يفيد منها الباحثون المشاركون في الكتاب.

توزعت أعمال السيمنار بين جلستين، ناقشت الجلسة الأولى التي ترأسها أحمد حسين، محرر الكتاب الجماعي، ثلاثة مداخلات لعرض الأوراق، أولها لعادل كندير، الأستاذ المشارك بكلية القانون، جامعة طرابلس، والثانية لفرج سليمان حمودة الأستاذ المشارك في مسلك القانون الخاص بكلية القانون، جامعة طرابلس، والثالثة قدمتها الأستاذة نجوى الصديق بن وهيبه، الباحثة والإعلامية الليبية. وفي معرض تقديمه للمشاركين بالجلسة الأولى، رسم رئيس الجلسة بانوراما للمحطات الرئيسة لمسار الثورة ومسار الانتقال وكيف تعطل، مبينًا أن ضرورة بحثية دفعتنا إلى تبني مشروع بحثي متعدد التخصصات لبحث هذه الحالة العربية ومساراتها المتعثرة.

في بداية مداخلته، طرح عادل كندير "أزمة الدستور الليبي المنشود وتداعياته على العملية السياسية"، منوها بأن الاتجاه في ليبيا ما بعد القذافي قد انصرف إلى بعث نظام دستوري جديد، يجري من خلاله اجتياز قواعد النظام القديم وأسسه. وقدم عرضًا للسياقات التي مهدت لهذا الدستور، مبينًا تداعيات ذلك على المسار السياسي. وأوضح أن هيئة تأسيسية لصياغة مشروع دستوري، وفقًا للإعلان الدستوري المؤقت الصادر في 3 آب/ أغسطس 2011، قد جرى انتخابها، لكنها تأخرت في أعمال الصياغة التي توجب أن تتم في مدة لا تتجاوز 120 يومًا وفق الإعلان، لتستغرق ثلاثة سنوات تقريبًا. واستعرض الباحث عددًا من الجدالات القانونية والسياسية في هذا السياق، ومنها المتعلق بمحتوى الدستور. أسهم هذا الجدل في إطالة المرحلة الانتقالية، التي جرى تمديدها أكثر من مرة، وسط خلافات بين القوى السياسية أخذت في التعمق. وصحبتها صراعات أيديولوجية، وجدالات حول طبيعة الدولة المطلوبة، فضلًا عن جدالات مناطقية عن الفيدرالية والدولة الموحدة. وقد برزت اعتراضات على المكونات الثقافية الواردة في المشروع. فكان من نتاج هذا كله تراكم أزمة سياسية انعكست سلبيًا على اعتماد مشروع الدستور في 2017. وهكذا بدلًا من أن يشكل مشروع الدستور محطة مفصلية تفضي إلى تأسيس ديمقراطية، تراكمت تداعيات سلبية على العملية السياسية، وكانت سببًا في مزيد من الانقسام والاحتقان وتعثر الانتقال الديمقراطي.

فيديو الجلسة الأولى من السيمنار

وفي مداخلته، ناقش فرج سليمان "انقسام المؤسسات السيادية الاقتصادية وتأثيره في قضية التحول الديمقراطي في ليبيا"، منوهًا إلى أن الانقسام السياسي في ليبيا قد بدأ مع انتخابات مجلس النواب في حزيران/ يونيو 2014، وأنها قد شهدت خلافًا حول شرعيتها، قاد إلى حكم المحكمة العليا الليبية بعدم دستورية الانتخابات. ومنذ ذلك الحين، عرفت الحكومة الليبية انقسامًا، اقتصر في بدايته على السلطة التشريعية (مجلس نواب بطبرق ومؤتمر وطني بطرابلس)، ثم شمل لاحقًا مؤسسات السلطة التنفيذية (حكومة مؤقتة بالبيضاء وحكومة إنقاذ وطني بطرابلس). وعلى أثر مفاوضات الصخيرات، نشأت وفق الاتفاق السياسي مؤسسات جديدة، كان يؤمل منها أن تمهد السبل لانتقال ديمقراطي ومنها مجلس النواب، الذي استعاد شرعيته بموجب الاتفاق، ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي. لكنّ خلافات شديدة برزت، وانتهت بفض الاتفاق السياسي ذاته. من ثم انقسمت الحكومة بين الشرق ممثلًا في مجلس النواب والحكومة المؤقتة، والغرب ممثلًا في المجلس الرئاسي ومجلس الدولة ومجلس الوزراء. وصحب هذا انقسام آخر على مستوى المؤسسات السيادية الاقتصادية ممثلة في مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط. كان لوضع انقسام هذه المؤسسات السيادية الاقتصادية أثره في تعميق أزمة الانتقال الديمقراطي. وقد بيّن الباحث تداعيات الاجتياح العسكري الذي قاده اللواء المتقاعد خليفة حفتر لمناطق الغرب الليبي في نيسان/ أبريل 2019 وما سببه من تعميق للانقسام. وأشار إلى جهود الأمم المتحدة لمعالجة الانقسام بالاتفاق مؤخرًا على تشكيل حكومة وحدة وطنية تتكون من مجلس رئاسي ومجلس وزراء، وإجراءات لضبط قطاع النفط إلى حين استلام حكومة موحدة زمام الأمور، مع توحيد مصرف ليبيا المركزي.

وتحدثت نجوى الصديق عن "إشكاليات العدالة الانتقالية وأثرها في مستقبل المسار الديمقراطي في ليبيا". وأوضحت أن العدالة الانتقالية في الحالة الليبية تقدم نموذجًا لتعثر هذه العدالة، على الرغم من حضور غايات العدالة والإنصاف كمطلب يعنون حراكات الشارع الليبي. وبينت الأسباب التي أدت إلى تعثر العدالة الانتقالية في ليبيا رغم صدور تشريعات وقوانين مهمة. ونوهت بحضور مسألة العدالة الانتقالية في طروحات الحكومات المتعاقبة منذ الثورة وفي تصورات القوى السياسية المختلفة، وأن جدلًا ثار حول موضوع المحاسبة والتعامل مع جرائم النظام السابق في مقابل المحاسبة عن الانتهاكات التي وقعت في السنوات الأخيرة. وسعت الباحثة للإجابة عن السؤال حول الخيارات المجتمع في التعامل مع إرث الانتهاكات الجسيم والفراغ السياسي والأمني. وختمت الباحثة بالقول إن حجم الانتهاكات، منذ الدخول في النزاع الداخلي، باتت تفوق ما عرفه الليبيون خلال 40 عامًا؛ وهو أمر يصعب تجاوزه في ضوء ضعف الإرادة السياسية وغياب التوافق حول العدالة الانتقالية والانتقال الديمقراطي.


فيديو الجلسة الثانية من السيمنار

في الجلسة الثانية، التي رأسها محمد حمشي، الباحث بالمركز العربي، طرحت مداخلات ثلاث، لخيري عمر، الأستاذ الزائر بجامعة صقاريا بتركيا، وعلي محمد سالم الأستاذ بكلية القانون بجامعة سبها، وعبد الحميد صيام، الباحث والأكاديمي، والمشرف على مشروع المركز العربي حول "الأمم المتحدة والقضايا العربية". وتناول خيري عمر، في مداخلته بعنوان "النظام الانتخابي في ليبيا والتحول السياسي"، خلفيات النظام الانتخابي الذي تشكل في ليبيا بعد ثورة 17 فبراير 2011، وتساءل عن تأثير طريقة تكوينه في مسارات التحول السياسي. وبيّن أن الانتخابات قد أسفرت عن تشكيل المؤتمر الوطني العام والهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، ثم مجلس النواب، وأن تداعياتها تطرح تساؤلات جديرة بالنظر عن تأثير النظام الانتخابي في المشاركة السياسية وفي استقرار المؤسسات. لقد كان التحول عن فلسفة النظام الانتخابي من النظام المختلط إلى النظام الفردي، والذي جاء استجابة لضغوط واسعة، قد شكّل عبئًا على إدارة الانتخابات وأسهم في تضييق نطاق تمثيل المؤسسات المنتخبة للمجتمع، كما أضعف من فرص تشكيل نظام حزبي فاعل. وقد لاحظ الباحث أن التغيرات التي طالبت بها الجماهير لم يستوعبها النظام الدستوري الانتقالي؛ ما ساهم في اندلاع الجدال حول المدة التي تستغرقها الفترة الانتقالية والوظائف التي تضطلع بها مؤسساتها. وخلص إلى أن محدودية قدرة النظام الانتخابي على التعبير عن اتجاهات الناخبين وضعف استيعاب النخبة السياسية قد أنتجا أمرين: أولهما بقاء كتلة حرجة خارج الجهات التشريعية، وثانيهما تقوية الاتجاهات المطالبة بتغيير المسار الانتقالي؛ ما أدى إلى انحدار البلاد في حرب أهلية وتعاظم دور العوامل الخارجية في الأزمة الليبية.

وفي مداخلة بعنوان "دور الأحزاب السياسية في ليبيا بعد ثورة فبراير 2011: الواقع والإشكاليات"، طرح علي سالم أن الحياة الحزبية في ليبيا، على الرغم من قصر مدتها، تبرز عديد الأسباب التي تقف خلف تعثر ثورة 17 فبراير 2011. وطرح الباحث تفنيدًا للأطر الدستورية والقانونية التي رسمت التعددية الحزبية والسياسية خلال المرحلة الانتقالية، كما عرض خريطة بالأحزاب والكيانات السياسية، بدءًا من انتخاب أول سلطة تشريعية منتخبة (المؤتمر الوطني العام ) في تموز/ يوليو 2012، وكذلك انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي في شباط/ فبراير 2014، وحتى انتخابات مجلس النواب الليبي التي جرت في حزيران/ يونيو 2014. وأوضح أن تلك الانتخابات بينت حقيقة أن الأحزاب كما كانت قوى فاعلة ضمن الحياة الحزبية الجديدة، فقد أسهمت في تعثر مسار الانتقال الديمقراطي مع انزلاق البلاد في آتون الحرب الأهلية.

أما عبد الحميد صيام، فقد استعرض "جهود الوساطة الدولية في النزاع الليبي"، مبينًا أن حالة ليبيا تعكس حدود فاعلية الوساطة التي تقوم بها الأمم المتحدة، وتطرق في ذلك إلى الأسباب التي تؤدي إلى نجاح الوساطة أو تعثرها. لقد أرسلت المنظمة ستة مبعوثين خاصين، وأنشأت بعثة دعم في الأراضي الليبية، غايتها مساندة القوى الليبية في الفترة الانتقالية ما بعد القذافي. كما أوضح الباحث أن العجز عن نقل الوضع في ليبيا من النزاع الداخلي إلى حال الاستقرار وتضاؤل جهود الدفع بالانتقال نحو الديمقراطية، طرحا عديد الأسئلة، منها بحث أوجه الصراع التي عرقلت تقدم الأمم المتحدة، وما يتعلق بخصائص أسلوب الوساطة الذي انتهجته المنظمة الدولية، وهل تضمنت ما عرقل التقدم في هذا المسار؟ وما دور القوى الإقليمية والدولية في عرقلة جهود المبعوثين الخاصين الستة للوساطة بين أطراف النزاع في ليبيا؟ وتطرق الباحث في تحليله للحالة الليبية إلى ظروف "الاتفاق السياسي الليبي" في مدينة الصخيرات بالمغرب عام 2015، وما تبعه من تعثرات، وتعطل الحوار الليبي- الليبي بما أعاد البلاد إلى مربع المواجهة العسكرية، والسعي إلى حسم الصراع بالقوة المسلحة.

عقب كل جلسة فُتح الباب للنقاشات ولتعليقات المشاركين، سواء عبر تطبيق زووم أم عبر منصات التواصل الاجتماعي للمركز العربي.