Author Search

أستاذ بقسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الدكتور مولاي الطاهر - سعيدة، الجزائر.

عبد القادر عبد العالي يقدم ورقته
عبد القادر عبد العالي يقدم ورقته
مراد دياني مترأسًا الجلسة
مراد دياني مترأسًا الجلسة
جانب من السيمنار
جانب من السيمنار

افتتح المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة يوم الأربعاء 15 أيلول/ سبتمبر 2021 برنامج سيمنار المركز العربي في العام الأكاديمي الجديد 2021/ 2022، والذي استضاف في أولى حلقاته الدكتور عبد القادر عبد العالي، الأستاذ بقسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الدكتور مولاي الطاهر - سعيدة، الجزائر، الذي قدّم محاضرةً بعنوان "المنهج المقارن في علم السياسة: تطور التحليل المقارن بين التحديات الإبستيمولوجية-المنهجية والاستراتيجيات البحثية".

اقترح عبد القادر عبد العالي في محاضرته تحليلًا يتعرض للمنهج المقارن في العلوم السياسية من حيث أهميته وأهدافه واستراتيجياته البحثية كبديل منهجي في اختبار الفرضيات وبناء النظريات، إضافة إلى توسيع مجال المقارنة. وأبرز أنّ هذا المسعى لا يخلو من الصعوبات التي تبدأ من استقلاليته كمنهج مستقل في اختيار المفردات البحثية وجمع البيانات وتحليلها ومعضلة المتغيرات غير المنضبطة؛ ما يؤدّي ببعض المقارنين، وفقًا للباحث، إلى اقتراح العديد من استراتيجيات البحث المقارن التي تمكن من اختبار الفرضيات، وإجراء المراجعة على منطق التحليل المقارن.



بدأ الباحث عرضه بالقول إنّ تاريخ البحث المقارن يكشف عن تطور منهجي ونظري انتقل من الوصف والتصنيف الشكلي والأحادية السببية والمعرفة الإثنومركزية إلى التصنيفات المتطورة جيدًا، والنظريات التفسيرية الأكثر خصوبة، والقائمة على التعددية السببية وتقنيات البحث المختلطة. ثم عرج إلى تقديم تعريفات المنهج المقارن، وأبرز أنها لا تكفي لوحدها في إبراز معالم هذا المنهج، فما يجعل أي منهج يتمتع بميزاته الخاصة هو طريقة اختباره للفرضيات ونوعية المعطيات وتوزيعها عبر الزمان والمكان وطريقة الحصول عليها ومعالجتها وتحليلها واستخراج المكتشفات منها للبرهنة على الاستنتاجات السببية.

وأبرز عبد العالي الأهداف البحثية المبدئية للمنهج المقارن، الذي يسعى إلى محاولة صياغة نظريات بناءً واختبارًا ومفاهيم نظرية وإجرائية يمكن أن تكون صالحة للتعميم على أكبر قدر من الحالات أو الوحدات الكبيرة والمتوسطة التي تشمل الثقافات والحضارات والدول والمؤسسات، أو تقديم تصنيفات جديدة للحالات والعناصر التي تدرسها. وأبرز الباحث أن الهدف الإبستيمولوجي يعترض عليه التوجه "الثقافوي" بحجة أنه هدف غير واقعي من الأساس؛ فإيجاد تفسير سببي ذي طابع كوني يتجاوز تفرد الأحداث والحالات ويهمل التأويلات الثقافية، والسياق الذي تختص به كل حالة لن يؤدي إلا إلى تفسيرات سطحية ومختزلة، لأن الظواهر الإنسانية تتسم بالانعكاسية والتفاعلية والتغير في قواعدها وانتظاميتها؛ فهي بدلًا من ذلك تحتاج إلى اكتشاف المعاني والسياقات الخاصة لفهمها وتأويلها، ما يجعلها تختلف تمامًا عن ظواهر العلوم الطبيعية التي يمكن رصدها واكتشاف انتظاميتها وقوانينها السببية. كما عرض عبد العالي أهدافًا أخرى للمنهج المقارن ذات طابع منهجي، تتعلق بالقدرة على اختبار الفرضيات، أو بمساعي بناء نظريات كلية مقابل الاكتفاء بنظريات جزئية محدودة التعميم، ولكن أكثر دقة من الناحية التفسيرية.

وعرض الباحث بعض قضايا تطبيق المنهج المقارن، والاستراتيجيات البحثية في هذا المنهج، وأخيرًا بعض التطبيقات المقارنة من خلال عينة من الدراسات.

انتهى عبد العالي إلى القول إنه يصعب الحكم بإمكانية خروج الدراسات المقارنة من دائرة التحيز الثقافي والإثنومركزية. ومع ذلك، فقد عرف المنهج المقارن تطورات منهجية كمية ونوعية وتقنيات في جمع وتحليل المعطيات وتوسع مجال المقارنة على مستوى الدراسات السياسية والاجتماعية في الحقب الأخيرة، وأصبح يتجه نحو صياغة منهجية وتنظير يستوعب أكبر قدر من المتغيرات والحالات عبر الثقافات والمجتمعات. واختتم محاضرته بالتساؤل: إلى أي مدى أنتجت تطبيقات المنهج المقارن دراسات ترمي إلى التخلص والانفكاك من التفسيرات المحدودة ثقافيًا وأيديولوجيًا؟ وأجاب بأنّ المسألة مرهونة أيضًا بتقييمات من خارج هذه المدارس الفكرية والنظرية، ومن خارج المنظومة الفكرية الغربية التي أنتجت تراثًا معتبرًا من أدبيات الأبحاث المقارنة.

وقد أعقب المحاضرة نقاش ثريّ، شارك فيه الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثون من ربوع الوطن العربي وخارجه، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.