Author Search
باحث في مركز البحوث الدولية بمعهد الدراسات السياسية في باريس، وهو مختص في العلاقات الدولية، وله العديد من المقالات والكتب تتناول بالدرس شبه الجزيرة العربية والحركات الإسلامية.
من قاعة السيمنار
لوران بونفوا مع الدكتور مراد دياني مشرف السيمنار
لوران بونفوا
أثار موضوع السيمنار نقاشات مهمة
جانب من نقاشات المحاضر مع الحاضرين

ناقش المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في جلسة السيمنار الأسبوعي، يوم الإثنين 5 آذار/ مارس 2018، موضوع "السلفية في اليمن: بين نقد الحزبية، والعنف، والتسييس"، قدمه لوران بونفوا، الباحث في مركز البحوث الدولية بمعهد الدراسات السياسية في باريس، وهو مختص في العلاقات الدولية، وله العديد من المقالات والكتب تتناول بالدرس شبه الجزيرة العربية والحركات الإسلامية.

في البداية، قدم الباحث في محاضرته تعريفًا مختصرًا لمفهوم السلفيّة، وأنواعها، ومدارسها الفكرية، وارتباطاتها. وقد نوّه إلى أن التعاريف التي تهتم بالسياق أكثر من العقيدة من شأنها أن تساهم في توضيح طبيعة الحركة السلفية، وطبيعة الفوارق بين أنواعها وتمظهراتها؛ ذلك أن المدرسة السلفية بصفة عامة تقوم على "الالتزام بالنص" كما جاء في القرآن والأحاديث النبوية الصحيحة، ورفض البدعة. كما أن غالبية المدارس السلفية وخاصة "السلفية الدعوية" تنظر إلى السياسة بعين الريبة والشك، وتحبذ الابتعاد عنها، كما ترفض "الأحزاب" و"الحزبيّة" لأنها في نظرها تقسّم الأمّة. ولا شك في أن السلفية الجهادية تشارك "الدعوية" في كثير من الأفكار، لكنها تفضّل تحقيق أهدافها لإحداث التغيير في المجتمع عن طريق العنف.

تطرّق الباحث فيما بعد إلى نشأة الحركة السلفية في اليمن بداية الثمانينيات من القرن المنصرم على يد الشيخ مقبل بن هادي الوادعي الذي ينحدر من محافظة صعدة شمال اليمن؛ إذ عمل على بناء شبكة من المؤسسات السلفية داخل اليمن من خلال "دار الحديث" التي تأسست في دماج، جنوب شرق مدينة صعدة، كنواة لاحتواء المذهب الزيدي، وخرجت منها كل المدارس السلفية المنتشرة في أماكن عديدة في اليمن. وعلى مدار العقود الماضية، كان للشبكة السلفية التي أسسها الوادعي دور ملحوظ في الصراعات مع الهويات أو المعتقدات الدينية القائمة ضمن المجتمعات المحلية اليمنية، ولم يقتصر نشاطها على احتواء الزيدية فقط، بل امتد إلى الشافعية، والصوفية، وغيرها من التوجهات بما فيها المدرسة الفكرية المرتبطة بالإخوان المسلمين.

ركزت السلفية اليمنية في بدايتها، خلال الثمانينيات، على الدعوة وكان التيار التقليدي فيها هو المهيمن، لكن مع بداية التسعينيات، بدأت تظهر محاولات للدخول في مجال السياسة تحت عنوان "العمل الخيري". وتعدّ "جمعية الحكمة اليمانية الخيرية" أبرز العناوين على هذه المحاولات التي فشلت في تحقيق اختراق حقيقي. لكنها ألقت بتداعياتها لناحية الانقسام داخل الحركة السلفية في اليمن؛ لوجود رافضين لهذه المحاولات، انطلاقًا من مبدأ رفض العمل الحزبي. وهو ما فرض وجود تيارات وتصنيفات مختلفة ومتنافسة داخل المدرسة الفكرية الواحدة.

وقد أفرزت الاحتجاجات الشعبية اليمنية عام 2011 تصنيفات جديدة، ووفرت وجهات نظر تختلف عما كان سائدًا، بحسب رأي بونفوا، داخل القوى السياسية اليمنية وعلى مستوى الحركة السلفية التي انقسمت ما بين تيار تقليدي يعارض الاحتجاجات، ويحاول رفع الشرعية عن هذا الحراك من باب رفض التدخل في السياسة، وآخرين كان لهم موقف مغاير راغبين في المشاركة السياسية من مداخل فقهية مختلفة. وقد دشن تأسيس اتحاد الرشاد السلفي عام 2012 بداية انخراط السلفيين في العمل الحزبي، وقد كانت تجربة حزب النور في مصر تجربة ملهمة لهم حاولوا استنساخها. لذلك، اضطلع اتحاد الرشاد بدور فاعل عادي في الحياة السياسية، وشارك في جلسات الحوار الوطني. وعلى الرغم من انقساماتهم، حظي هؤلاء بدعم من بعض القطاعات المجتمعية وكذلك تمتعوا بدعم سياسي من علي عبد الله صالح؛ وهذا ما جعلهم ضحية للحوثيين الذين رغبوا في القضاء عليهم انطلاقًا من حسابات مذهبية وطائفية فدخلوا في مواجهة مسلحة معهم، وفجروا "دار الحديث" في دماج. وفي الختام ركز بونفوا في محاضرته على التطورات السياسية والحرب اللاحقة في اليمن، بعد انطلاق عاصفة الحزم التي كان لها دور في إعادة ترتيب الأولوية والتموضعات ضمن فوارق تراوح بين الأيديولوجية والهوية بمختلف أشكالها وتعريفاتها. وميّز بعد عاصفة الحزم بين أنواع للسلفيين في اليمن، على النحو التالي:

  • التيار المتمأسس (Institutionalization): يعبّر عنهم تيار هاني بن بريك في جنوب اليمن، وهو يعدّ أحد أبرز المتحالفين مع عاصفة الحزم، ويتبنى توجهات انفصالية.
  • التيار الجهادي (Jihadization): يعبر عنها أبو العباس، وكان أحد طلاب الوادعي في دماج، ويقود فصيلًا ضد الحوثيين في المدينة.
  • تيار نقد الحزبية (Re-quietisation): ويعبّر عنه يحيى الحجوري أحد أنصار التيار التقليدي. وعلى الرغم من مواقفه المحافظة لجهة الانخراط في السياسة، فإن له موقفًا عدائيًّا واضحًا وسابقًا تجاه الحوثيين؛ ما جعله يؤيّد عاصفة الحزم.
  • تيار التهميش (Marginalization): ومن أبرزهم عبد الوهاب الحميقاني الذي صُنّف على لائحة الولايات المتحدة الأميركية للإرهاب.

وفي الختام، دار نقاش ثريّ بين الباحث والحضور، تناول قضايا ذات صلة بالتيار السلفي.