Author Search
​باحث زائر في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
عمر عاشور
من السيمنار
عبده موسى معقبا على ورقة السيمنار
عمر عاشور خلال مناقشة مع الحاضرين
عمر عاشور متوسطا عبد الفتاح ماضي (يمين) وعبده موسى
عبده موسى

استضاف برنامج السيمنار الأسبوعي الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يوم الأربعاء 31 كانون الثاني/ يناير 2018، الدكتور عمر عاشور، الباحث الزائر في المركز العربي والأستاذ المشارك في الدراسات الأمنية والعلوم السياسية في جامعة إكستر البريطانية، لمناقشة بحث بعنوان "كيف تقاتل ولاية سيناء؟ تحليل سياسي - عسكري للأزمة السيناوية". ثم عرض عاشور بحثه على نحو شامل، منطلقًا من تحليلات الصراع المسلح غير المتكافئ في الدراسات الأمنية والعسكرية، وحاول الإجابة عن فرضية أساسية لبحثه، هي: كيف تقاتل ولاية سيناء؟ وكيف لطرف هو الأضعف مثل تنظيم "ولاية سيناء" أن يبقى ويستمر وجوده في مواجهة طرف أقوى هو الدولة؟

في البداية، استعرض الباحث خرائط بيانية توضح طبيعة التنظيم وتنوعاته التشكيلية والحركية، وبيّن الفوارق بين المسلحين والقوات النظامية؛ إذ كان هناك مقاتل واحد من تنظيم "داعش" في الموصل مقابل 20 من القوات الحكومية النظامية عام 2014، وفي الرمادي كان هناك مقاتل واحد من التنظيم مقابل 25 عام 2015. والوضع ذاته في سورية؛ ففي مدينة الرقة على سبيل المثال كان مقاتل واحد مقابل 12. أمّا في الساحة السيناوية، فيوجد مقابل كل مقاتل من التنظيمات المتمردة في منطقة الشيخ زويد في سيناء 100 جندي نظامي. وأشار عاشور إلى أن الأرقام تقديرية لا تأخذ في الاعتبار كثافة النيران والقصف الإستراتيجي والعوامل المادية والإقليمية والدولية.

ورأى عاشور أن الدول عمومًا في الربع الثاني من القرن التاسع عشر استطاعت أن تحسم القتال مع التنظيمات الخارجة عن سيطرتها بنسبة 90 في المئة، ثم تراجعت هذه النسبة لتصل إلى 25 في المئة خلال الفترة 1976-2005. وأرجع ذلك الى مجموعة من الأسباب: أهمها الجغرافيا، والحواضن المحلية، والدعم الخارجي، والتطور التكنولوجي، فضلًا عن استخدام التنظيمات أساليب الدعاية والتأثير في الرأي العام، وكذلك قدرتها على الابتكار وتطوير قدراتها العسكرية وكسر احتكار القوة والمعدات العسكرية.

انتقل عاشور في رصده وتحليله للحالة السيناوية من المستوى الكلي Macro إلى الجزئي Micro، مبيّنًا البنية الاجتماعية لسيناء؛ فذكر أن 99 في المئة من سكانها هم من المسلمين، و70 في المئة منهم من البدو، ونسبة أهل الوادي منهم هي 25 في المئة، في حين أن ما نسبتهم 3.5 في المئة هم من المهجرين الفلسطينيين. وفي شرحه، ميّز عاشور بين شمال سيناء وعلى وجه التحديد مناطق رفح والعريش والشيخ زويد، وبين مناطق جنوب سيناء التي تعيش واقعًا اقتصاديًا أفضل من ناحية الاستثمارات وحركة السياحة؛ ما انعكس على نسب المشاركة السياسية لسكان سيناء في الانتخابات الرئاسية في عام 2012، إذ صوّت الجنوب الذي يجنح للاستقرار للمرشح أحمد شفيق، في حين صوّت الشمال لمحمد مرسي؛ وذلك لرغبتهم في تغيير الوضع القائم وطيّ صفحة القمع الذي عانوه في عهد حسني مبارك.

كما ركز الباحث بعد ذلك على العوامل التكتيكية التي قادت إلى صمود تنظيم ولاية سيناء، منها البيئة السياسية والاجتماعية الداعمة لوجوده. ثم قدم شرحًا لقدرات التنظيم العسكرية ومسارات تطورها، وكيف استطاع التنظيم بين عامي 2014 و2016 تنفيذ 880 هجومًا على القوات المصرية مغيّرًا من تكتيكاته العسكرية. وفي المقابل، بيّن الباحث التكتيكات التي اعتمد عليها النظام المصري لمواجهة هذا التنظيم، وعلى رأسها القمع المكثف الذي أضعف جهده الاستخباراتي نفسه، وكذلك دعايته "البروباغاندا" التي يستخدمها للتأثير في الرأي العام المصري. ثم شرح طبيعة تنظيم أنصار بيت المقدس، بوصفه فاعلًا مستقلًا، وكيف تمتع بقدرات عملياتية عزّزها نوع من الدعم المحلي، وكيف طوّر خطابه الدعائي استنادًا إلى التفاعل مع التطورات المحلية.

وفي الختام، عقب عبده موسى، الباحث في المركز العربي، فأثنى على البحث من جهة خوضه في هذا الموضوع على الرغم من الصعوبات الإجرائية والمعلوماتية التي تكتنف مثل هذه الدراسات، وفي ظل التعتيم الرسمي ومنع التعامل المباشر مع الواقع السيناوي بحثيًا؛ وكيف تجنب الباحث الوقوع في النظرة الضيقة والقاصرة التي طغت على الدراسات الأمنية حتى الآن. ثم قدّم موسى نقدًا لملمح الاعتناء بجانب الدولة والتنظيمات في هذه الدراسات من دون النظر إلى الضحايا على أنهم نقطة انطلاق في العملية البحثية يجب توجيه العناية إليهم. ثم تطرق إلى تطبيق هذا في إهمال الدراسات للجانب المتعلق بقضية التنمية، وفي حالتنا هذه عدّ فشلها في سيناء أحد مسببات دفع المجتمع السيناوي إلى العنف. ثم تلا ذلك مجموعة من الأسئلة والاستفسارات من الحضور.