Author Search
​الخبير اللغوي المشارك بمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وعضو الهيئة التنفيذية ومنسق دائرة التحرير فيه. حاصل على درجة الدكتوراه في النقد والبلاغة (الرتبة العليا) من الجامعة الأردنية في عام 2002، والماجستير في عام 1992، والبكالوريوس (الرتبة العليا) من جامعة النجاح الوطنية – فلسطين في عام 1987.
الدكتور خالد الجبر محاضرًا والدكتور مراد دياني رئيسًا لجلسة السيمنار
الدكتور خالد الجبر
الدكتور مراد دياني
الجبر محاضرًا في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية وتجديد العقل العربي
الحضور المشارك في السيمنار
الجبر يجيب على تساؤلات ومداخلات الجمهور
يعرض الجبر تميّز معجم الدوحة التاريخي عن سواه من المعجمات
يستعرض الباحث أنماطًا مختلفة من التفكير
زاوية أخرى للحضور المشارك

استضاف برنامج السيمنار الأسبوعي الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، يوم الأربعاء 12 حزيران/ يونيو 2019، الدكتور خالد الجبر، الباحث والخبير المشارك بمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، والذي قدّم محاضرةً بعنوان "معجم الدوحة التاريخي وتجديد العقل العربي: الواقع المأمول".

استهل الدكتور الجبر حديثه ببيان مجموعة من الأصول التي لها تدخُّل مكين في فكرة الموضوع وجوهره؛ إذ إن للأمة تراثًا ممتدًا على مدى زمني طويل يعود إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، معنى ذلك أنه قد يصل إلى ثلاثين قرنًا من الزمان، وأن لهذه الأمة تراثًا وفكرًا متوزعًا في أنحاء شتى، وأنّ لها متنًا لغويًا؛ إذ إنّ معجم الدوحة التاريخي معنيٌّ – قبلَ كلّ شيء – بالمتن اللغوي للأمة، باعتبار أنّ للفكر محمولات كثيرة. أما التراث ففيه جوانب كثيرة قد لا تكون لغوية. وبحسب تصوره، فإنّ معجم الدوحة التاريخي غير معني بالجانب الفكري، وإنما يُعنى بالمتن اللغوي الذي يعالج وفق منهجية صارمة تمامًا، وقائمة في جانب منها على التاريخ بتتبع اللغة واللفظ في سياقاته التاريخية الممتدة، ثم بالبحث – وفق منهجية محددة – عن المعاني والمباني التي ينصرف إليها هذا اللفظ في سياقات مختلفة.

واستعرض الباحث أنماطًا من التفكير، موضحًا أن التفكير يمكن أن يكون مشروطًا، واشتراطه في هذه الحالة قد يكون بغايته، وقد يكون بالمادة التي يُفكَر بها بالموضوع، وقد يكون بالمنهجية، وقد يكون بالظروف المحيطة بالمفكِّر والمفكَّر به وغيرها من الشروط، ثم يذكر نمط التفكير المقيد، ونمط التفكير الحر الذي يكون متحررًا عادةً من كل قيد وشرط سوى شرط المنهجية؛ لأنّ كل تفكير خارج المنهجية يكون عشوائيًا لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج يقاس عليها أو يُعتدّ بها.

ثم عرّج الباحث في عرضه على الفاعلية اللغوية للأمة التي قطعت ذات حين من الزمان، فأصبحت الأمة من جزئين؛ جزء تابع لعصور كانت فيها يُعتدّ بلغتها، وجزء أُسقط تمامًا من هذا الاعتبار فتوقفت فاعلية الأمة اللغوية عند عصور الاحتجاج، وصار كل ما بعد ذلك لا يعتد به على غرار نصوص المتنبي التي لا نجد معاجم اللغة تستشهد بها. ويُرجع الباحث السبب لفكرة تثبيت اللغة عند درجة محددة من الصفاء خدمة للنص الشرعي وفهمه (القرآن الكريم)؛ فكأنّ النص وفهمه قد ثُبِّتا عند تلك اللحظة. بمعنى أنّ رهن اللغة قد رهن النص الذي ثبتت من أجله في ذاك الحين. ففكرة تجميد اللغة في المعاجم ظلَّت قائمة حتى تاج العروس الذي بقي تابعًا لعصور الاحتجاج.

وبخصوص تميّز معجم الدوحة التاريخي عن سواه من المعجمات، أبرز الباحث أنّ معجم الدوحة التاريخي قد حرّر المتن اللغوي من قيود المكان (شمال/جنوب، أطراف/هوامش)، ومن قيود الزمان. وقيود الدين، والعرق. كما حرر المعجم المتن اللغوي من الخلافات التي حدثت بين مجموعة من القبائل، والأماكن، والطوائف، والفرق، والمذاهب، ومن قيد العمر، والجندر؛ فأسقط معيار الذكورة والأنوثة، والشواهد التابعة للفحول دون غيرها، كما أسقط قيد العمر الذي يُلغي المتن اللغوي لصغار السن. لقد تحرر معجم الدوحة التاريخي من هذه المسلمات التي كانت شبه مسيطرة على العمل المعجمي العربي تاريخيًا. ومعنى أن يتحرّر من هذه القيود أنه سيتحرر في كثير من تفكيره ومنهجه، وسينعكس ذلك في التناول والتعامل مع النصوص.

وأخيرًا، أشار الدكتور خالد الجبر إلى أنّ معجم الدوحة التاريخي حاول أن يتخفف من الحمولات الثقافية الإضافية لأنها ليست من اللغة وإنما هي حمولات إضافية عليها. كما استنكر المواقف التي تقف من الشاهد مواقف متزمة، وذلك بتصنيف الشاهد بأوصاف نحو: الشاهد الصحيح، أو الخطأ، أو المستقيم، أو المحال، أو المنحول، أو الموضوع، مبينًا أنّ معجم الدوحة قد تخلص منها على غرار مواقف الناقد الأخلاقي أو الجمالي؛ كأن نقبل اللفظ الشريف ونرفض اللفظ السخيف، ونطلب اللفظ البليغ لا اللفظ السقيم، ونطلب مثل هذا ألا يكون مرذولًا، ولا متكلّفًا، ولا غريبًا موحشًا في الغرابة. ثم ختم بأن لا فصل بين اللغة والفكر، لأنّ كل لفظ يحوي فكرته، وأنّ أيّ ثورةٍ علمية لا يمكن أن يفكر بها العالم بنفس الطريقة التي كان يفكر بها قبلها.