ندوة نقاشية حول كتاب "الاتحاد الأوروبي والمنطقة العربية"عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يوم الأربعاء 23 شباط/ فبراير 2022، في إطار برنامج السيمنار العلمي، ندوةً لمناقشة كتاب أحمد حسين، الباحث في المركز ومدير تحرير دورية "سياسات عربية"، بعنوان الاتحاد الأوروبي والمنطقة العربية: القضايا الإشكالية من منظور واقعي. وشارك في الندوة، التي عُقدت بطريقة مزدوجة حضوريًا وعن بُعد، وأدارها عبد الفتاح ماضي، الباحث في المركز العربي ورئيس تحرير دورية "حكامة"، ثلاثة من الباحثين المختصين في العلاقات الدولية وسياسة الاتحاد الأوروبي، وهم حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة؛ وبشارة خضر، أستاذ فخري في جامعة لوفان ببلجيكا؛ ومحمد حمشي، الباحث في المركز العربي وأستاذ العلوم السياسية بمعهد الدوحة للدراسات العليا.

في البداية، ثمّن حسن نافعة القيمة المعرفية التي يقدمها الكتاب للقارئ العربي، بما يشمله من رصد معلوماتي وتأريخ للتجربة التكاملية الأوروبية. وفي إطار الاشتباك النقدي مع الكتاب ومنهجيته، تحفظَّ الباحث على استخدام تعبير "المنطقة العربية" بدلًا من "العالم العربي" في عنوان الكتاب. وأشار إلى أن الكتاب شمل قسمين منفصلين يصلح أن يكون كلاهما كتابًا مستقلًا بذاته: الأول يتناول بالدرس الاتحاد الأوروبي من حيث هو تجربة تكاملية، والقسم الثاني يُعنى بموقف الاتحاد من بعض القضايا العربية. ويرى الباحث أن في القسم الثاني انتقائية في اختيار الحالات المدروسة. إضافةً إلى ذلك، لاحظ غياب تناول قضية انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد (بريكست)، وما تثيره من نقاش دائر في الأدبيات حول احتمالية تفكك الاتحاد واتباع بلدان أوروبية أخرى الخطى البريطانية.

أما التعقيب الثاني، فكان لبشارة خضر الذي أشاد بالكتاب، من حيث تعريفه بالتجربة التكاملية الأوروبية وتبلورها، بدءًا بالمجموعة الاقتصادية الأوروبية التي تشكلت عام 1951 وصولًا إلى نشأة الاتحاد الأوروبي إثر مجموعة من الاتفاقيات بين الدول الأوروبية. وشرح مسالة توسّع الاتحاد من ستة أعضاء مؤسسين، حتى وصل إلى 28 دولة عضو قبل انسحاب المملكة المتحدة منه. ولفت إلى أن الكتاب لم يتطرق إلى مسألة دول البلقان التي ترغب في الانضمام إلى الاتحاد، وغاب كذلك تناول الرفض الأوروبي لانضمام تركيا للاتحاد، رغم قبول ترشحها رسميًا إلى العضوية في عام 1999. كما أن الكتاب تطرّق إلى سياسات الاتحاد تجاه بعض القضايا العربية، من دون أن يسبق ذلك تمهيدٌ عن العلاقة بين الدول العربية وأوروبا. في المقابل. وأشاد الباحث بملاحظة المؤلف التي تتعلق بعدم معيارية السياسة الخارجية للاتحاد؛ فهو يتساهل في مواضيع الحريات وحقوق الإنسان والأنظمة السلطوية في بعض البلدان العربية، بينما يتشدد في خطابه وسياساته مع بلدان أخرى.

وكان التعقيب الثالث، والأخير، لمحمد حمشي، الباحث في المركز العربي، وأستاذ العلاقات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، الذي أشار إلى أهمية الكتاب في حقل دراسات التكامل/ الاندماج الإقليمي. وأضاف أن الكتاب يُبرهن على أن المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية تكافح من أجل إثبات قدرتها على تفسير التكامل الأوروبي. وركّز الباحث في مداخلته على الأبحاث المستقبلية التي يُمكن أن تُنجز من خلال النتائج التي توصل إليها الكتاب، ورأى أنه يجب أن تبحث مسألة وجود أقاليم عربية من دون إقليميات (اتحادات إقليمية)؛ إذ تتوافر العوامل الضرورية (الثقافية والاجتماعية والاقتصادية) للاندماج الأقاليمي في العالم العربي أكثر من تلك التي كانت تحظى بها أوروبا عند تأسيس الوحدة الأوروبية التي بدأت بالجماعة الأوروبية للفحم والصلب. أضف إلى ذلك ضرورة الانتقال إلى سؤال: لماذا يحدث التكامل الإقليمي في ظل الفوضى (وهو ما تعتقد المدرسة الواقعية بإمكانيته)؟ ومنه إلى سؤال: كيف يحدث التكامل؟

وقد أعقب المداخلات الثلاث نقاش ثري، شارك فيه الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا. واختتمت المناقشة بتعقيب لمؤلف الكتاب، أحمد حسين، عرض فيه لجملةٍ من القضايا والأسئلة التي أثارتها التعقيبات، ولأسئلةٍ أخرى وردت من المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي للمركز العربي.