بدون عنوان

حضور غفير في الندوة التي تسبق المؤتمر السنوي الثاني لمراكز الأبحاث

أكد مسؤول العلاقات الخارجية في حركة "حماس" أسامة حمدان في ندوة نقاشية عقدت مساء اليوم (الجمعة 6 كانون الأول/ ديسمبر) قبل انطلاق أعمال المؤتمر السنوي الثاني لمراكز الأبحاث العربية وموضوعه هذا العام "قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني" أنّ مقاومة الاحتلال الإسرائيلي هي فعل وطني فلسطيني وليست مقصورة على أي فصيل فلسطيني. وأوضح بأنّ "خيار المقاومة عملي ويثبت أنه واقعي، وأعتقد أنّ أهميته قد ازدادت بعد ما جرى ويجري في المنطقة". وشدد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ومسؤول ملف المفاوضات الفلسطينية مع إسرائيل صائب عريقات على أنّ مسار هذه المفاوضات قائم على مرتكزات قوية وأنه لا تفريط في أي من مطالب الشعب الفلسطيني الشرعية، مؤكدًا أنّ مساري المفاوضات والمقاومة يشتركان في هدف فلسطيني واحد هو إعادة فلسطين إلى خط الجغرافيا، وأنّ هذا الهدف لم يكن يومًا أقرب إلى التحقق مثلما هو اليوم.


المقاومة فعل وطني غير مقصور على فصيل واحد

نظّم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات هذه الندوة عشية افتتاح المؤتمر السنوي الثاني لمراكز الأبحاث العربية الذي ينعقد أيام 7 و8 و9 كانون الأول/ ديسمبر 2013. وكانت مداخلة أسامة حمدان بعنوان "المقاومة: الخيارات والمستقبل". واستعرض في البداية تاريخ مسار المقاومة الفلسطينية منذ الانتداب البريطاني وحتى الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، وخلص من هذا العرض إلى أنّ مسار المقاومة وطني فلسطيني خالص وليس مقصورًا على فصيل من الفصائل، وأنه عملي وقد أثبت واقعيته، وأنّ أهميته قد ازدادت بعد ما جرى ويجري في المنطقة من تحولات في خضم الربيع العربي. وركّز على أنّ المقاومة الفلسطينية لم تعان يومًا أزمة في الفكرة أو تقبّل الشعب الفلسطيني لها، وإنما عانت من إرباك داخلي أو إقليمي.

أسامة حمدان

ورأى حمدان أنّ من الضروري استكمال مسار الوحدة الفلسطينية لأنّ أي خطوة جديدة لن يكتب لها التوفيق الحقيقي إذا لم تستند إلى وحدة وطنية فلسطينية، سواء تعلق الأمر بالمقاومة أو بالمفاوضات.

وعن وضع المقاومة في ظل التحولات في المنطقة، قال حمدان إنّ المشهد لم يكتمل بعد في ظل عزم الشعوب العربية على تغيير واقعها والتخلص من الاستبداد، فيما يسعى تيار لكبحها وإعادتها إلى "القمقم". وتحدث أيضًا عن المشهد الإقليمي الذي يرى أنه ينمو، وأنّ أبرز وجوه التحول فيه العلاقة الجديدة بين إيران والولايات المتحدة، وتوقيع الاتفاق المبدئي بشأن الملف النووي الإيراني الذي أظهر إيران كقوة إقليمية مع حفاظها على خيارها الإستراتيجي تجاه القضية الرئيسة في المنطقة وهي القضية الفلسطينية، وهذا دليل - بحسبه - معاكس لمن يعتقدون أنّ الحصول على الأدوار الإقليمية في المنطقة يمر عبر التنازل والتخلي عن المواقف المساندة للقضية الفلسطينية. وأوضح أنّ المقاومة خاضت حربين منذ عام 2008، واحدة في ظل الربيع العربي وأخرى قبله، وقد نجحت في كلتيهما، وهذا ما يثبت قوة المقاومة، مضيفًا بأنّ أي محاولة جديدة للتقدم نحو غزة ستفاجئ إسرائيل.

وقد عقّب الباحث والمحلل خليل شاهين على مداخلة أسامة حمدان، وأشار إلى أنّ المقاومة هي جزء من الأزمة الفلسطينية، وحاول الإجابة عن سؤال: لماذا لم ينتصر الفلسطينيون بعد عقود من المقاومة؟ وأوضح في هذا السياق أنّ جانبًا مهمًا من الجواب يكمن في طبيعة الصراع نفسه، فالمشروع الصهيوني مفتوح ولا يمكن أن نتنبأ أين ينتهي، ولذلك وجب أن يكون الصراع مفتوحًا. ووفق هذا المنظور، يرى المعقّب ضرورة إعادة صوغ المشروع الوطني الفلسطيني، ووضع إستراتيجية جديدة هدفها تعديل ميزان القوى على الأرض المختل حاليًا بصورة صارخة لمصلحة إسرائيل.


استعادة فلسطين لم تكن يومًا أقرب مما هي عليه اليوم

من جانبه، تحدث صائب عريقات عن "المفاوضات: الخيارات والمستقبل"، مؤكدًا على أنّ الوحدة الفلسطينية هي أساس الإستراتيجية الفلسطينية، مبديًا تفاؤله بالقول: "لم نكن يومًا أقرب من تحقيق هدفنا بإعادة فلسطين إلى خط الجغرافيا - وهو الهدف الذي تشترك فيه كل الفصائل الفلسطينية - مثلما نحن اليوم".

صائب عريقات

وأوضح عريقات أنّ المفاوضات الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي ترتكز هذه المرة على أربع نقاط هي: الوحدة الفلسطينية السائرة في طريق التجسيد، والدعم العربي لمسار المفاوضات في ظل التحول الذي تعيشه المنطقة العربية نحو الديمقراطية باعتبار ذلك أفضل شيء يخدم القضية الفلسطينية، والاتفاق الذي توصلت إليه السلطة الفلسطينية مع الاتحاد الأوروبي للضغط على الطرف الإسرائيلي، وأخيرًا توسّع المصالح الأميركية في المنطقة وتكثف وجودها فيها بما يجعلها تدرك جيدًا أنّ لا أمن ولا استقرار ولا ديمقراطية من دون تجفيف مستنقع الاحتلال الإسرائيلي.

واعترف عريقات أنّ السلطة الفلسطينية قد تكون أخطأت بعدم توقيع صكوك الانضمام إلى نحو 63 منظمة دولية بمجرد تصويت الجمعية العامّة للأمم المتحدة على انضمام فلسطين إليها كدولة غير عضو، وأنّ هذه الخطوة أصبحت ملحة. ورأى أنّ أولويات العمل الفلسطيني في المرحلة الحالية من المفاوضات مع الاحتلال هي تعزيز التنسيق والدعم العربيين وتعزيز التوجه الأوروبي نحو الضغط على إسرائيل.

وشدد عريقات على أنّ المفاوضات لن تقدم أي تنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني قائلًا: "لا يعقل أن تكون دولة فلسطينية من دون أن تكون غزة جزءًا منها وأن تكون القدس عاصمتها، ولا من دون تحمّل إسرائيل مسؤوليتها تجاه اللاجئين وبحسب ما يختاره هؤلاء من خيارات"، موضحًا أنّ الاحتلال الإسرائيلي يوظّف الاستيطان وقضية المعتقلين والكثير من القضايا للمساومة حقًا بحقٍ لدفع المفاوض الفلسطيني إلى التنازل عن هذا السقف، وهو ما لن يرضخ له.

وقد أثار المعقب جورج جقمان نقاش مهمًا بخصوص شرعية استمرار السلطة الفلسطينية إذا لم تنجح في التحول إلى دولة فلسطينية. وقال إنّ استمرار السلطة في تأدية دور بلدية كبرى تدير شؤون السكان المدنيين الفلسطينيين يفقدها شرعيتها أمام الرأي العام الفلسطيني، وهو ما يرى بعضهم أنه يبرر المطالبة بحل السلطة الفلسطينية. ورأى أنّ من دور السلطة أيضًا المقاومة من خلال المقاومة الدبلوماسية والقانونية، ويدخل في ذلك استكمال المسار الذي بدأته بالذهاب إلى الأمم المتحدة بالانضمام إلى المنظمات الدولية والاستفادة من كل ما يتيحه لها وضعها كدولة غير عضو في الهيئة الأممية.

ورد صائب عريقات على هذا التعقيب مؤكدًا أنّ السلطة الفلسطينية ولدت لنقل الشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال، ولن تستجيب لرغبات نتنياهو الذي يريد احتلالًا من دون كلفة وسلطة من دون سلطة.

وشهدت الندوة نقاشات مهمة شارك فيها عدد من الباحثين والناشطين في ظل حضور كبير غصت به قاعة الندوة.

 

محاضرة "المقاومة: الخيارات والمستقبل"
محاضرة "المفاوضات: الخيارات والمستقبل"