بدون عنوان

تضمّن العدد الأربعون من دورية "سياسات عربية" التي تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات سبع دراسات علمية، ناقشت موضوعات الشعبوية في باب دراسات، وموضوعات العلاقات الخليجية – الأميركية في ملف خاص بعنوان: "العلاقــات الخليجية - الأميركية: مقاربات واقعية في العلاقات الدولية،" إضافة إلى مراجعة كتاب، وتوثيق الصراع العربي الإسرائيلي والتحول الديمقراطي في العالم العربي، وتقرير صادر عن المؤشر العربي.

انطلق عزمي بشارة، في دراسة له بعنوان "الشعبوية والأزمة الدائمة للديمقراطية"، من مجادلة مفادها أنّ ما يُعدُّ أزمةً تمر بها الديمقراطية الليبرالية المعاصرة مع انتشار الشعبوية اليمينية في الغرب ليس ظاهرة جديدة، بل هو من تجليات ما يمكن تسميته أزمة دائمة للديمقراطية في ظروف جديدة. كما تعامل بشارة في دراسته مع خطر الشعبوية على الديمقراطية، مميزًا بين تهديدها لديمقراطية ليبرالية راسخة قادرة عمومًا على احتوائها، وخطرها في الديمقراطيات الوليدة، ولا سيما تلك التي نشأت بالانتقال من نظام سلطوي ولم تتطوَّر بالتدريج عن ليبرالية سابقة لها. كما ناقش بشارة مصادر الشعبوية في الخطاب الديمقراطي نفسه، والتوتر البنيوي مع الليبرالية، ووجود درجات من الشعبوية في خطاب الأحزاب الرئيسة ذاتها، وكذلك المصادر الثقافية والسوسيو - اقتصادية للمزاج السياسي الشعبوي، بما في ذلك مسائل الهوية في عصر العولمة، وتحوّلها إلى أداة احتجاج للقطاعات المتضررة من العولمة. وناقش أيضًا انزلاق الشعبوية من الخطاب إلى الأيديولوجيا، وميّز بين الشعبوية والحركات الأيديولوجية الشمولية التي تكتسب تأييدًا شعبيًا عبر استخدام الديماغوجيا، والتحريض ضد الآخر.

في ملف خاص بعنوان "العلاقات الخليجية - الأميركية: مقاربات واقعية في العلاقات الدولية" اشتمل على ست دراسات، ناقش أنتوني كوردسمان، في دراسة له عنوانها "الأنماط الجديدة للعلاقات الأميركية - الخليجية وأزمات الشرق الأوسط في ظل إدارة ترامب"، التحولات التي رافقت شكل العلاقات الأميركية - الخليجية وطبيعتها، وصولًا إلى إدارة ترامب. ركزت الدراسة على مجموعة من التحديات التي قد تشكل تهديدًا للعلاقات الخليجية – الأميركية، وخصوصًا التغيير السياسي الداخلي في الولايات المتحدة، والانقسامات بين الدول العربية، وتأثير النزاعات الإقليمية، وعدم الاستقرار، والدور المتنامي للقوى الخارجية. ترى الدراسة أن العلاقات الأميركية – الخليجية، وإن شابها بعض التحولات، فإنها تبقى مرتبطة بالأمن؛ وذلك من منطلق الحاجة إلى التعامل مع إيران، ومحاربة التطرف، وتأمين تدفق صادرات النفط من الخليج وشبه الجزيرة العربية لتلبية حاجات الاقتصاد العالمي، وتوفير المصدر الرئيس للدخل لدول الخليج.

أما مروان قبلان، فبحث في دراسته "قطر والولايات المتحدة الأميركية: تحولات العلاقة وحدود التوافق والاختلاف"، في جذور العلاقات القطرية - الأميركية، والأسس التي قامت عليها، والضوابط التي تحكمها. يرى قبلان أن حاجة قطر إلى ضمانات أمنية أميركية لم تمنعها من تبنّي سياسات مستقلة، وأحيانًا متعارضة مع السياسات الأميركية. ويرى أيضًا أن قطر نحت في علاقاتها الإقليمية والدولية إلى تبني سياسة خارجية مستقلة عن واشنطن، إلا أنها حرصت في الآن نفسه على البقاء قريبة منها، وجعلت من نفسها حاجة حيوية للمصالح الأميركية، سواء فيما يخص حضورها العسكري في المنطقة، أو الأدوار الفريدة التي تضطلع بها في تهدئة التوترات والنزاعات وعمليات الإغاثة الناتجة من احتفاظها بعلاقات مع كل الأطراف في المنطقة، وخصوصًا تلك التي لا تستطيع واشنطن التواصل معها إلا عبر وسيط. يستنتج قبلان أن هذه الاعتمادية المتبادلة أسهمت في تجاوز العلاقات القطرية - الأميركية كل التحديات والصعوبات التي واجهتها، على مدى العقود الثلاثة الماضية، وبلغت ذروتها في عهد إدارة ترامب.

وجادل روس هاريسون، في دراسته "قصور سياسة الولايات المتحدة الأميركية الخارجية تجاه منطقة الشرق الأوسط"، بأن مفهوم توازن القوى التقليدي، وفق المقاربة الواقعية في العلاقات الدولية الذي تعتمد عليه الإدارات الأميركية في ضمان مصالحها في المنطقة، قد عفا عليه الزمن؛ وذلك بالنظر إلى الحقائق السائدة في الشرق الأوسط حاليًا. ويرى هاريسون أن التنافس بين القوى الإقليمية الرئيسة، السعودية وتركيا وإيران، ليس له طابع المواجهة المباشرة، بل يحدث من خلال المشاركة بالوكالة في الدول التي مزقتها الحروب الأهلية (سورية، واليمن، والعراق). واستنتج هاريسون أن مصالح الولايات المتحدة لا تكمن في مستوى العلاقة بكل دولة من حلفائها على حدة، مثل السعودية وإسرائيل، بل إن مصالحها تكمن أيضًا في المستوى الإقليمي، وأن الاستجابة الأشد فاعلية، فيما يتعلق بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، تكون من خلال مقاربة أكثر توازنًا ودقةً، عمادها إطار أمني جماعي مدعوم دوليًا.

ركز محمد المنشاوي، في دراسة "العلاقات السعودية - الأميركية وتحولاتها: المخاطر والاحتمالات"، على تتبع شكل العلاقات السعودية - الأميركية وطبيعتها، منذ وصول الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، وصعود محمد بن سلمان إلى ولاية العهد السعودي. كما ركز على دور الفرد في التأثير في العلاقات بين الطرفين، من خلال تحليل العلاقات الشخصية بين ترامب ومحمد بن سلمان ودورها في الانتقال بالعلاقات بين البلدين من كونها علاقات استراتيجية خاصة إلى علاقات خاصة شبه شخصية، وهو ما قد ينتج منه تبعات شديدة الخطورة تتخطى توازنات الداخل السعودي واستقراره من ناحية، واستقرار مصالح واشنطن في الشرق الأوسط وتغيرها من ناحية أخرى.

ورأت روري ميلر، في دراسة "العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج العربية: تطور الرؤى الإقليمية في عصر عدم اليقين"، أن الارتماء في أحضان الولايات المتحدة الأميركية، بصفتها ركيزة أساسية من ركائز الأمن والدفاع، أدّى إلى إهمال دول الخليج العربية بدرجات متفاوتة، وأفقدها عملية بناء قدرة أمنية إقليمية مستقلة، وتطوير علاقات أمنية واسعة مع جهات خارجية أخرى غير الولايات المتحدة. ركزت الدراسة على تأثير الواقع الإقليمي في شكل وطبيعة العلاقات الاستراتيجية والأمنية بين الولايات المتحدة والخليج العربي، في سياق الآراء المتباينة لواشنطن وشركائها المحليين بشأن أساليب إدارة الأمن الإقليمي، ولا سيما دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية، باعتباره طرفًا فاعلًا في مجالَي السلام والأمن.

أما رابح زغوني فعالج، في دراسة بعنوان "بين الثروة والقوة: الاقتصاد السياسي لسياسة الطاقة الأميركية في منطقة الخليج العربي"، موضوع الثروة والقوة لسياسة الطاقة الأميركية في منطقة الخليج العربي، وفق مقاربة الاقتصاد السياسي الدولي، الذي يفترض علاقة التأثير المتبادل بين السوق والسياسة الخارجية. استند زغوني إلى مقاربتين تحليليتين رئيستين، هما الليبرالية الاقتصادية، والواقعية الاقتصادية "الماركنتيلية". وتتبع زغوني مسار سياسة الطاقة الأميركية في منطقة الخليج العربي، وأثرها في استقراء عوامل تقرير مصالح أمن الطاقة الأميركي الواقعة بين ثنائية الأهداف الاقتصادية والأهداف السياسية، أو هدفَي خلق الثروة وتعظيم القوة، وعوامل الترجيح الأميركية لإحداهما على حساب الأخرى أو الدمج بينهما.

كما اشتمل العدد، في باب المؤشر العربي، على تقرير أعدته دانا الكرد، عنوانه "سياسة الولايات المتحدة من منظور الرأي العام العربي: بيانات من السعودية والكويت". وقد أظهر التقرير أن المستجيبين الكويتيين انتقدوا سياسات الولايات المتحدة في السنوات الخمس الأخيرة على نحو أكبر من انتقاد السعوديين لها.

واحتوى العدد أيضًا على توثيق "محطات التحول الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية"، لشهري تموز/ يوليو، وآب/ أغسطس 2019. كما رصد أبرز الوثائق السياسية ذات الصلة بالتحول الديمقراطي في الوطن العربي والخاصة بالحراك الاحتجاجي في السودان، خلال شهري شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2019.

وتضمّن العدد أيضًا، في باب مراجعات وعروض كتب، مراجعة أحمد قاسم حسين كتاب "سياسة الولايات المتحدة وإدارة الأزمات الدولية: إيران، العراق، سورية، لبنان، أنموذجًا" لعبادة محمد التامر. وقد ركزت المراجعة على تفكيك الأبعاد الاستراتيجية والسياسية لسلوك الولايات المتحدة في إدارة الأزمات الدولية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بتناول نموذج محدد لأزمات دولية في المنطقة تعاملت معها إدارتان أميركيتان، جمهورية (إدارة جورج بوش الابن)، وديمقراطية (إدارة باراك أوباما).

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.