بدون عنوان

تضمّن العدد الخامس والثلاثون من دورية "سياسات عربية" التي تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ست دراسات علمية، توزعت موضوعاتها كما يلي: تنظيم الدولة المكنّى "داعش"، وموقف جماعة الإخوان المسلمين من الحقوق السياسية للأقباط في مصر، والجيش والسلطة والدولة في الجزائر، وأثر السلطة الفلسطينية في تثبيط المجتمع الفلسطيني، والاتحاد الأوروبي والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، ونهاية سياسة الهند المترددة تجاه غرب آسيا، إضافةً إلى مراجعتين مهمتين، وهما: مراجعة كتاب لوسيان بويا "نهاية الغرب: نحو عالم الغد؟"، ومراجعة كتاب لمجموعة من الباحثين بإشراف بيير جورنود "اللغز الصيني: إستراتيجية الصين وقوتها وتأثيرها منذ الحرب الباردة"، وتقرير المؤشر العربي عن محددات المشاعر الطائفية.

في دراسة "تنظيم الدولة المكنّى’داعش‘: إطار عام ومساهمة نقدية في فهم الظاهرة"، تناول عزمي بشارة حزمة الأسئلة المنهجية ذات الصلة بفهم ظاهرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وذهب إلى أن ظاهرة مركّبة، سياسية واجتماعية ودينية، مثل داعش، تستدعي رؤية مركّبة وتعددية في زوايا النظر، ومن ثم، مقاربة منهجية تكاملية تتداخل فيها الاختصاصات وتعبرها في آن واحد، تضع ظاهرة داعش في سياقها، ولا تهمل مميزاتها الفكرية والدينية. وركز بشارة على ضرورة أخذ زوايا نظر عدّة في الحسبان عن دراسة هذه الظاهرة، فهذا يستوجب تداخلًا في مناهج علم الاجتماع والاقتصاد والعلوم السياسية وعلم النفس والتاريخ الاجتماعي وتاريخ الأفكار وغيرها. ورأى أنه لا يمكن فهم تنظيم داعش باعتباره امتدادًا للسلفيّة، أو تمظهرًا لفكرة خلافة إسلامية تبرز وتختفي في مراحل تاريخية مختلفة.

أما خليل العناني في دراسته بعنوان "مواطنون أم ذميون؟ موقف جماعة الإخوان المسلمين من الحقوق السياسية للأقباط في مصر"، فقد سعى إلى تفكيك تصورات جماعة الإخوان المسلمين للحقوق السياسية للأقباط في مصر. وجادل بأن ثمّة فهمًا ملتبسًا لدى الجماعة لمفهوم المواطنة عمومًا، وهو ما ينعكس، بدوره، على تصوراتها لمسألة الحقوق السياسية والمدنية للأقليات الدينية والسياسية والمذهبية. ورأى أن جماعة الإخوان تعيش ضمن مجتمع تقليدي محافظ يميل إلى معاملة المرأة وغير المسلمين بوصفهم مواطنين من الدرجة الثانية، وقد عقّدت هذه البيئة قدرة جماعة الإخوان على تغيير موقفها من حقوق المواطنة تجاه الأقباط والمرأة. واستنتج أن الجماعة كباقي الفواعل السياسية، يميلون إلى استرضاء جمهورهم وحلفائهم المحافظين على حساب الأقليات. ومن المفارقات أن الجماعة ضاعفت تحفظها بعد ثورة يناير 2011 بدلًا من انفتاحها.

وفي دراسته "الجيش والسلطة والدولة في الجزائر: من الأيديولوجيا الشعبويّة إلى الدولة النيوباترمونيالية" عالج نوري دريس الأوضاع التي أدّت إلى احتلال الجيش قلب الدولة والسلطة في الجزائر المعاصرة، وانعكاسات ذلك على عملية بناء المؤسسات السياسية والقانونية، وتجربة الانتقال الديمقراطي. وركز في دراسته على مفهومَي الشعبويّة والنيوباترمونيالية؛ لرسم المسار الذي أخذته السلطة في الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا؛ فالشعبوية بحسب الدراسة كانت وصفًا لتلك الأيديولوجيا التي كرّست الأحادية الحزبية والشرعية الثورية، والنيوباترمونيالية كانت شكل الممارسة السياسية للسلطة التي نتجت منها. واستنتج أنّ وضع هذين المفهومين في سياقهما التاريخي سمح لنا بفهم ظروف استيلاء الجيش على السلطة وتماهيه مع الدولة، ومعرفة أسباب رفضه إعادة توزيع السلطة داخل الجسم الاجتماعي بعد إقرار التعددية الحزبية في دستور 1989.

وفي دراستها "تثبيط مجتمع مُعبّأ: أثر السلطة الفلسطينية في المشاركة السياسية"، بحثت دانا الكرد في مستويات التعبئة الجماهيرية للمجتمع الفلسطيني. ورأت أن السلطة الفلسطينية اليوم تقبض على مقاليد الحكم وتكتسب طابعًا استبداديًا متناميًا. لكن هذه السلطة لا تبسط سيطرتها الكاملة على أراضيها، إذ تتفاوت درجة السيطرة تبعًا لإعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي (اتفاقية أوسلو). وركزت على التفاوت في سيطرة السلطة الفلسطينية على أشكال التعبئة والديناميات الاجتماعية. واعتمدت الدراسة على مجموعة أولية من البيانات من أجل تقييم التطور التاريخي للسلطة الفلسطينية. وفي ضوء ذلك استنتجت أن للسلطة الفلسطينية تأثيرًا في طريقة احتجاج الفلسطينيين.

في حين ركز محمد حمشي، في دراسته "الاتحاد الأوروبي والـتحول الديمقراطي في العالم العربي: حدود القوة المعيارية"، على الدور الذي يؤديه الاتحاد الأوروبي في مسارات التحول الديمقراطي في العالم العربي، استنادًا إلى مفهوم "الاتحاد الأوروبي قوة معيارية". وحاجّ في دراسته بأن تعطل عمليات التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي، و"لا دور" الاتحاد الأوروبي من شأنهما أن يقدما أداة ملائمة لاختبار حدود القوة المعيارية للاتحاد. واستنتج الباحث أن التسليم بوجود تعارض بين المعياري والإستراتيجي في منطق قوة الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يسمح بفهم سياسات الدعم التي حظيت بها أنظمة عربية تسلطية قبل الربيع العربي؛ وفهم سياسات الصمت والترقب، وأحيانًا ممانعة التغيير التي اتبعها الاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع الأولى من اندلاع الربيع العربي؛ وأخيرًا، فهم سياسات اللاَّدوْر في منع تعثر مسارات التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي.

وفي دراسة "نهاية سياسة الهند المترددة تجاه غرب آسيا"، بحث عمير أنس التحديات التي تواجه السياسة الخارجية الهندية في منطقة غرب آسيا، ولا سيما السعي لتحقيق التوازن بين القوى الإقليمية في المنطقة العربية، في ضوء التنافس بين دول غرب آسيا لفرض نفوذها في المنطقة العربية. ورأى أن الدول العربية عبّرت عن رغبتها في أن تؤدي الهند دورًا أكبر في الحفاظ على السلام وتثبيت الاستقرار فيها، إلا أن الخيارات الإستراتيجية الهندية في المنطقة تبدو محدودة، فهي لا تحتاج إلى تعاون ثنائي مع المنطقة فحسب، بل تتطلّب منها تسويغ علاقات التنافس التي تقيمها على الصعيدين الإقليمي والعالمي. واستنتج أن الهند لا ينبغي لها أن تستمر في التردد إزاء الانخراط في العلاقات بدول غرب آسيا، فهي تحتاج اليوم إلى صوغ سياسة جديدة تتسم بالمبادرة والحزم وتتمحور حول المصالح.

كما اشتمل العدد على مراجعتين مهمتين؛ مراجعة كتاب لوسيان بويا "نهاية الغرب: نحو عالم الغد؟" الصادر عام 2018 عن دار نشر Les Belles Lettres في باريس، قدمها عثمان عثمانية وتناول فيها العديد من المسائل التي تواجه الغرب وتضع هيمنته محل الاختبار مستقبلًا، من هجرة وتنوع ثقافي وعرقي، واحتباس حراري، وصعود الصين قوةً عالمية، وتراجع الغرب أيضًا وابتعاده عن المكانة التي كان يحتلها سابقًا. كما يعالج الكتاب مجموعة من القضايا التي تواجه الحضارة الغربية المعاصرة، مثل الاحتباس الحراري والتدهور البيئي وتزايد التفاوت بين الدول وداخلها.

ومراجعة كتاب لمجموعة من الباحثين بإشراف بيير جورنود "اللغز الصيني: إستراتيجية الصين وقوتها وتأثيرها منذ الحرب الباردة" الصادر عام 2017 عن دار نشر L’Harmattan في باريس، قدمها حكمات العبد الرحمن وتناول فيها تحليل إستراتيجية الصين وتأثير دورها في المستوى الدولي، منذ نهاية الحرب الباردة حتى عام 2016 وأوضح الانعكاسات التي يمكن أن تسببها الأدوار السياسية والاقتصادية والعسكرية المتنامية للصين، وعمليات التحديث الواسعة التي تتبعها "بلاد إمبراطور ابن السماء".

أما باب المؤشر العربي، فقد ضم تقريرًا بعنوان "ما محددات المشاعر الطائفية؟" صدر عن وحدة استطلاع الرأي العام في المركز العربي. وقد تناول التقرير اتجاهات الرأي العام العربي وتقييمه مجموعة متنوعة من المؤشرات الديموغرافية والأسئلة التي تلتقط المشاعر الطائفية، وذلك من أجل تفسير العوامل التي تؤثر فعلًا في تفشّي المشاعر الطائفية. واشتمل العدد على توثيق "محطات التحول الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية"، لشهرَي أيلول/ سبتمبر، وتشرين الأول/ أكتوبر 2018. واختتم العدد أبوابه بتقرير من إعداد صوفية حنازلة، عن ندوة: "من السلاح إلى السلام: التحولات من العمل السياسي المسلح إلى العمل السياسي السلمي".


** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.