بدون عنوان

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الخمسون من الدورية العلمية المحكّمة "سياسات عربية" التي تُعنى بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، وتصدر كلّ شهرين. وقد تضمّن العدد ملفًا خاصًا بعنوان "العلاقات الدولية والجائحة"، وترجمة، وورقة في باب المؤشر العربي، وتوثيقًا لأهمّ محطات الصراع العربي – الإسرائيلي، وأهم محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي ووثائقه، ومراجعة كتاب.

افتتح محمد حمشي، محرر الملف الخاص، العدد بتقديم له بعنوان "العلاقات الدولية وجائحة كورونا: قصة قصيرة وأربع مقالات"، افتتحه بقصة كلاسيكية عن اندلاع حريق داخل مبنى بمخرجٍ واحدٍ مكتظ بأشخاص أنانيين، من دون مشرف على عملية إخلائهم من المبنى. وهي قصة يستحضرها مدرسو العلاقات الدولية ليشرحوا للطلاب دور البنية في تقييد سلوك الفاعلين. ومن ثم، يشبّه المبنى بالنظام الدولي، وقاطنيه بالدول، والحرائق التي تندلع فيه بالأوبئة والجوائح. ثم يؤكد أنّ الملف يناقش إشكاليات يثيرها تفشي الجائحة من منظور حقل العلاقات الدولية. وهو ينطلق من الافتراض أن الجائحة مسألةٌ سياسية في المقام الأول، وأنّ في القلب من كل ما يتعلق بها تقريبًا، تكمن الدولةُ والعلاقاتُ بين الدول.

وفي دراسة له بعنوان "نظريات العلاقات الدولية وجائحة كورونا: أنْبذة معتَّقة في قنانٍ جديدة ونبيذ لمَّا يُعتَّق" يحاجّ حمشي بأنّ النظريات الثلاث السائدة في العلاقات الدولية، أي الواقعية والليبرالية والبنائية، لا تقدم سوى المزيدِ من الشيءِ نفسِه في مقاربتها لتفشي الجائحة. أما نظرية التعقُّد، فتقدم الجائحة بوصفها مشكلةً معقدة تتطلب رؤية انتقائية تحليلية. لذلك، يرى حمشي أنّ نظرية التعقّد تشكّل فرصة تجعل النقاش بين النظريات المختلفة ممكنًا. وهو ما لا يتوافر في المقاربة الواقعية التي تقدم الجائحة بوصفها تهديدًا يقتضي انكفاء الدول على نفسها وتمسّكها بسياسة الاعتماد على الذات، والمقاربة الليبرالية التي تعني التعامل مع الجائحة بوصفها تحديًا عابرًا للحدود للنظام الدولي الليبرالي، والمقاربة البنائية التي تقدّمها بوصفها بناءً اجتماعيًّا، أي إنها ما تصنعه منها الدول.

أما أحمد قاسم حسين في دراسة له عنوانها "النظام الدولي وجائحة كورونا: سجال تأثير الأوبئة في العلاقات الدولية"، فيؤكد أنّ الجائحة منحت باحثي العلاقات الدولية فرصة لفتح حوارٍ عن تأثير الأوبئة المعدية وسريعة الانتقال في بنية النظام الدولي، ومدى قدرتها على تكثيف العوامل الأساسية التي تسهم في التغيير/ التغير في هذا النظام. ويخلص حسين إلى أن أدبيات العلاقات الدولية لم تتعامل، إلا في ما ندر، مع الأوبئة والأمراض المعدية على أنها أزمات دولية قد تحمل في طياتها القدرة على التأثير في شكل السياسات الداخلية - الخارجية للدول القومية، فعادة ما كان يجري التنظير للأوبئة في إطار المسائل العابرة للحدود القومية التي فرضتها العولمة الاقتصادية، وتدرجها ضمن التهديدات الأمنية والبيولوجية التي تواجه الدولة. أما كوفيد-19 فقد تنبّه له منظرو العلاقات الدولية، ولمدى قدرته في التأثير في السياسة الدولية.

وتسعى شهرزاد خيّر في دراسة بعنوان "الاقتصاد السياسي الدولي وجائحة كورونا: تأملات نظرية ومساءلات مبكرة" للإجابة عن سؤال الارتباط بين الاقتصادي الدولي والسياسي الدولي في تفشي جائحة كورونا وآثارها الجسيمة في الاقتصاد العالمي. وهي تحاجّ بأنّ حقل الاقتصاد السياسي الدولي يمكن أن يقدّم إجابات عن الكيفية التي تُشكِّل من خلالها هذه الجائحة (أو تفشل في تشكيل) العلاقات الاقتصادية الدولية. وتدعو خيّر إلى دفع الاقتصاد السياسي للصحة نحو مركز البحوث الصحية، ما دامت الصحة مسألة عابرة للحدود. وتناقش فشل المؤسسات الدولية في تفعيل قنوات التعاون الدولي وأدواته، مقدِّمةً فحصًا للدور الذي تؤديه الشعبوية القومية في تقويض التعاون الدولي لمواجهة جائحة كورونا.

ويقدم عبد الكريم أمنكاي في دراسة له بعنوان "شعبويو السلطة وجائحة كورونا بين اعتيادية التدابير وخصوصية الخطاب: حالة الولايات المتحدة تحت إدارة دونالد ترامب"، مساهمة في النقاش الدائر عن الشعبوية في زمن جائحة كورونا. ويبيّن أن أيّ محاولة تحليلية لا تأخذ في الاعتبار التنوعَ الكبير في التيارات الشعبوية، سواء من حيث الأيديولوجيا المرافقة للخطاب الشعبوي أو من حيث موقعها في السلطة، ستقع بالضرورة في تعميمات تعارضها الحججُ الإمبريقية. وبالتركيز على حالة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب فسّر أمنكاي عناصر الخطاب الترامبي خلال الجائحة. وبيّن كيف أنه تأرجح بين نوعين من الخطاب: "خطاب الانفصام" الذي حمل سردية تخالف واقع الإجراءات العملية التي اتخذها لمواجهة الجائحة، و"خطاب الإثبات" الذي وُظفت فيه الجائحة لتعزيز مشروعية فكرة الخطر الخارجي.

وضمّ باب "دراسة مترجمة" ترجمة سارة إسماعيل لدراسة "الأمراض والفوضى المعولمة: مقاربات نظرية للصحة العالمية"، لديفيد ب. فيدلر، التي تركز على تزايد بروز مكانة الصحة العامة في السياسة العالمية بسبب تفشي الأوبئة. ويناقش فيدلر أسئلة من قبيل لماذا ينبغي أن تتصدّر الصحة العامة الأجندات الدبلوماسية العالمية؟ وكيف ينبغي ضبط المساعي الهادفة إلى بلوغ صحة عامة أفضل وتنفيذها على صعيد عالمي؟

أمّا في باب "المؤشر العربي"، فأعدّت وحدة استطلاع الرأي العام ورقة عنوانها "الرأي العام العربي والأداء الحكومي في مجال الخدمات الأساسية"، ركزت على تقييم اتجاهات الرأي العام العربي نحو الأداء الحكومي في مجال السياسات العامة والخدمات الأساسية، وعلى إبراز العلاقة بين تقييم الأداء الحكومي والثقة بالحكومات وترتيب الخدمات العامة ضمن أولويّات مواطني المنطقة العربية.

واشتمل العدد في باب "التوثيق" على توثيقٍ لأهمّ "محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية"، في المدة 1/3-30/4/2021. وتناولت "وثائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي" الحراك الاحتجاجي في لبنان في شهري شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2020.

وفي باب "مراجعات وعروض كتب"، أعدّت لورد حبش مراجعةً لكتاب "فيروس كورونا والنظام العالمي: مستقبل الصراع والتنافس والتعاون" الذي حرره هال براندز وفرانسيس غافين.


** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.