العنوان هنا
أوراق استراتيجية 24 يونيو ، 2021

كتائب القسام ومعركة "سيف القدس": ممكنات الردع النسبي في حرب غير متناظرة

أحمد قاسم حسين

باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومدير تحرير دورية "سياسات عربية"، ومدير تحرير الكتاب السنوي "استشراف للدراسات المستقبلية". عمل أستاذًا مساعدًا في كلية العلوم السياسية بجامعة دمشق. حاصل على الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة فلورنسا بإيطاليا. له العديد من الأبحاث والدراسات المنشورة في مجال العلاقات الدولية. تتركز اهتماماته البحثية في نظريات العلاقات الدولية. صدر له كتاب "الاتحاد الأوروبي والمنطقة العربية: القضايا الإشكالية من منظور واقعي" (المركز العربي، 2021). حرّر العديد من الكتب، منها: "ليبيا: تحديات الانتقال الديمقراطي وأزمة بناء الدولة" (المركز العربي، 2022)؛ "حرب حزيران/ يونيو 1967: مسارات الحرب وتداعياتها" (المركز العربي، 2019)؛ "استراتيجية المقاطعة في النضال ضد الاحتلال ونظام الأبارتهايد الإسرائيلي: الواقع والطموح" (المركز العربي، 2018).

مقدمة

اتسمت المواجهات العسكرية بين قوى المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي (2008/ 2009، 2012، 2014، 2021)، التي كانت ساحتها الأساسية قطاع غزة المحاصر منذ خمسة عشر عامًا، بأنها حروب غير متناظرة Asymmetrical Warfare، نظرًا إلى التفاوت في القوة العسكرية بين الطرفين من ناحية، وبسبب التكتيكات والاستراتيجيات التي تتبعها قوى المقاومة الفلسطينية في مواجهة القوة الهائلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي من ناحية أخرى. ومع ذلك، لم تستطع إسرائيل، ذات التفوق العسكري في هذه الحروب غير المتكافئة، من تحقيق نصر أو حسم المواجهات لصالحها، وفشلت في تحقيق الأهداف التي تضعها عند كل مواجهة، مثل ضرب البنية التحتية للمقاومة، وإضعاف قدراتها، وردعها عن إطلاق الصواريخ تجاه العمق الإسرائيلي، بل على العكس، ازدادت قوة المقاومة الفلسطينية نسبيًا في قطاع غزة على مستوى الكفاءة القتالية (التدريب، والتعليم، والتطوير)، والكفاءة الفنية (التحضير، والتجهيز، وإدارة المعركة)، خاصةً في المواجهة الأخيرة في أيار/ مايو 2021 التي أطلقت عليها قوى المقاومة الفلسطينية معركة "سيف القدس".

لقد استطاعت غرفة العمليات المشتركة لقوى المقاومة الفلسطينية تحديد ساعة الصفر لمعركة سيف القدس، في محاولةٍ منها ردع سلطات الاحتلال للسماح للمستوطنين المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى بعد دعوات للاحتفال بالذكرى السنوية لاحتلال القدس الشرقية، وتنفيذ مخطط لإخلاء عائلات فلسطينية قسرًا من منازلها في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية وإحلال مستوطنين مكانهم، إذ بعد اقتحام الجنود الإسرائيليين للمسجد الأقصى ردّت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة برشقات صواريخ دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى، ليبدأ بعدها جيش الاحتلال عدوانه العسكري على القطاع.

وتشير المواجهة الأخيرة إلى تغير قواعد الاشتباك بين قوى المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي؛ فقد كانت المواجهات السابقة تقوم على أن أي عدوان إسرائيلي على قطاع غزة يقابله رد من قوى المقاومة، تعقبه هدنة هشة بوساطة أطراف إقليمية أو دولية، أما معادلة الاشتباك الجديدة فأصبحت تقوم على رد المقاومة المسلحة على أي اعتداءات إسرائيلية على مدينة القدس، وهو ما يطرح مجموعة من التساؤلات عن مدى إمكانات المقاومة الفلسطينية، وخاصة كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، رغم الحصار المفروض على قطاع غزة، في تطوير قدراتها العسكرية، وما الأسلحة الجديدة التي أدخلتها في معركة سيف القدس؟ وهل استطاعت تحقيق درجة من الردع لجيش الاحتلال الإسرائيلي؟