العنوان هنا
تقييم حالة 27 يوليو ، 2011

مشروع الإصلاح في الجزائر: مبادرة للتغيير أم استمرار احتكار السلطة للصواب؟

الكلمات المفتاحية

عصام بن الشيخ

حاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية اختصاص علاقات دولية من جامعة الجزائر، ويحضر أطروحة الدكتوراه بعنوان "الأبعاد الدولية لقضايا الجندر والسيدا و تأثيرها على أوضاع المرأة المغاربية"، ويعمل حالياً محاضراً في جامعة قاصدي مرباح –ورقلة الجزائر. للباحث عدة مؤلفات وأبحاث ومقالات منشورة منها، انتخابات الرئاسة في الجزائر: دراسة في سلوك التصويت، حزب الأغلبية في التجربة الجزائرية، تجربة الحركة السلفية في الجزائر: محصلات التضارب بين الفكر والممارسة، الجزائر: ترقية المصالحة الوطنية إلى عفو شامل. كما أن للباحث اهتمامات بالتاريخ وتوثيق الصور والأرشيف الوطني حول تاريخ الثورة الجزائرية، وشارك في العديد من الفعاليات والمؤتمرات الأكاديمية والثقافية في الجزائر وخارجها.

يترقّب الجزائريون تصويت البرلمان على عدد من مشاريع القوانين الإصلاحية التي هي حصيلة المشاورات السياسية التي أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد الخطاب المهم الذي توجّه به إلى الشعب الجزائريّ يوم الجمعة 15 نيسان/ أبريل 2011، وقدّم فيه رؤيته للإصلاح السياسي الذي يرغب في تحقيقه، وتضمّن اعترافه بتأخّر تحقيق ما يطالب به الجزائريون من حريات، وعزا التأخير إلى استمرار العمل بحالة الطوارئ منذ إلغاء المسار الانتخابي سنة 1991.

وقد أُعلنت المبادرة الرئاسية للإصلاح السياسي في الجزائر في شهر نيسان/ أبريل 2011 كاستجابة للتحولات المحلية والإقليمية على إثر تزايد الاحتجاجات الشعبية في تونس ومصر والجزائر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا، في ما اصطلح
على تسميته موجة "الربيع العربي". كما أن إعلان مبادرة الإصلاح يأتي استجابة لمطالب الطبقة السياسية الجزائرية التي زاد إلحاحها على إحداث التغيير الداخلي قبل فوات الأوان. وكانت أحزاب سياسية وتنظيمات نقابية وشبابية والرابطة الوطنية لحقوق الإنسان قد أنشأوا "التنسيقية الوطنية من أجل التغيير" التي تطالب بإسقاط النظام وتغييره، ثم ما لبثت التنظيمات المؤسسة أن انقسمت على بعضها جناحين، واحدا ضم الأحزاب السياسية والثاني رابطة حقوق الإنسان والتنظيمات الشبابية.

وتدرس هذه الورقة مضامين وأبعاد ودلالات المبادرة الرسمية للإصلاح التي تقدّم بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، متبنيا خيار الإشراف الرئاسي على روزنامة "التغيير المتدرّج".، كما تبحث مدى قدرة الخطاب الرسميّ على كسب التأييد الكافي لرسم خريطة طريق التغيير في الجزائر، بعد الانتهاء من المشاورات السياسية بين مفوضي الرئاسة وممثلي الطبقة السياسية الجزائرية.

وبناء على ما تقدّم، سيكون مناسبا دراسة الموضوع من خلال محاولة الإجابة على السؤال التالي:

هل يهدف النظام السياسيّ في الجزائر إلى ربح الوقت وتفادي عملية الانهيار المفاجئ نتيجة الضغوط الشعبية، وتكرار سيناريو أحداث تشرين الأول/ أكتوبر 1988، أم أنّ الظروف الدولية والإقليمية تفرض على الجزائر اقتناص فرصة تغيير جدّي يجنّب البلاد خطر التدخل الخارجيّ أو أيّة محاولات من المعارضة الداخلية الاستقواء بالخارج وفر ض التغيير من الخارج؟

وتنبثق من هذا السؤال الرئيس مجموعة أسئلة جزئية على النحو التالي:

هل استطاعت هيئة المشاورات السياسية التي أنشأها الرئيس بوتفليقة للحوار مع الفعاليات السياسية والاجتماعية حول مقترحات التغيير، أن تغطّي مطالب كافة الشرائح والحساسيات السياسية حول التغيير السياسيّ المطلوب، أم أنّها قامت بالتغطية على قطاع من هذه الشرائح السياسية -كالإسلاميين المتشدّدين -، ومنعها من المساهمة في اقتراح بدائل سياسيّة من أجل التغيير؟

هل سنشهد تنافسا نزيها في الانتخابات التشريعية المقبلة بعد إقرار قانوني الانتخابات والأحزاب، يفضي إلى تشكيل هيئة رقابية تشريعية قوية، بإمكانها أن تحاسب الهيئة التنفيذية، وتراقب أداءها السياسيّ؟، وهل ستتغير الخارطة الحزبية في الجزائر بإضافة قوى سياسية جديدة قادرة على المساهمة في تحقيق حراك سياسيّ ينهي حالة الإضراب السياسيّ الشعبيّ والعزوف والمقاطعة الشعبية للحياة السياسية؟.

هل سنشهد انفتاحا إعلاميا جديدا يعيد للحياة السياسية روحها المفقودة؟، وهل بإمكان الطبقة السياسية أن تطرح مشاريعها السياسيّة عبر إعلام جديد حرّ يمنح لها فرصة تقديم نفسها أمام الشعب، والتنافس بكل حرية لامتلاك وعاء انتخابيّ يجدّد صورة المشهد السياسي؟.

وتعتمد هذه الورقة في محاولة الإجابة على الأسئلة التي طرحناها على تحليل مضامين الخطابات الرسمية للرئيس بوتفليقة المتعلقة بمبادرته للإصلاح السياسيّ، إضافة إلى دراسة مضامين البيانات الرسمية لمجلس الوزراء ذات العلاقة بالمبادرة.