Image
تقييم حالة 04 أغسطس ، 2011

آفاق المعارضة في إقليم كردستان العراق: صلابة البنى التقليدية ورهان تفكيك "المناطقية"

الكلمات المفتاحية

رستم محمود

باحث سوري مهتم بقضايا الأكراد في المنطقة. حاصل على بكالوريوس في الإعلام من "جامعة دمشق" . وهو طالب في ـ"المعهد العالي للعلوم السياسية" في مدينة التل السورية، قسم الدراسات الدولية والدبلوماسية . عمل كاتبا في القسم السياسي في صحيفة "الحياة" و"المستقبل" و"السفير" وموقع "الأوان" لعدة سنوات. كما عمل باحثا في مركز "فلورنسا – باريس " . واشتغل قبل ذلك باحثا في مؤسسة الفكر العربي ببيروت، وأعدّ لصالحها بعض الأعداد الخاصة من دوريتها الفكرية السياسية: "حوار العرب" عن "الإشكالية الكردية في الذهن العربي الراهن" و" العرب بعيون تركية" و" أين العرب من العملاق الروسي". ساهم في إعداد و إخراج سلسلة من الأفلام الوثائقية عن واقع "المهمشين" سياسيا في مناطق الشرق الأوسط.

بعد عامين من عمرها البرلماني، طالبت كتلة "التغيير" التي تعد أكبر كتلة سياسية معارضة في برلمان إقليم كردستان العراق (25 مقعداً من أصل 111) بحلّ البرلمان وحكومة الإقليم، وتشكيل حكومة من التكنوقراط تمهيداً لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة. كما طالبت بكف تدخل الحزبين الكرديين الرئيسيين (الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني) في الجهاز البيروقراطي للحكومة، والتعهد بعدم ممارسة "التوريث السياسي"[1].

تناقش هذه الورقة آفاق ومستقبل "الصراع" السياسي في إقليم كردستان العراق، والذي تجسد قطبيه قوى السلطة المتمثلة بالحزبين الكرديين التقليديين، والقوى السياسية الصاعدة في الحياة السياسية في المناطق الإدارية التي تتبع لسلطة الإقليم ضمن الدولة العراقية[2]. وتبحث الورقة في تموضع هذه القوى حاليا، وارتباطاها بالجو السياسي العام الذي يعيشه الإقليم. كما تتساءل عن المسارات الممكنة للمعارضة السياسية، وفق التغيرات المرتقبة في الإقليم على المدى المنظور.


الفاعلون الرئيسيون

  1. الحزبان الكرديان الرئيسيان: الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة رئيس الإقليم مسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الرئيس العراقي جلال الطالباني[3].
     
  2. حركة كوران "التغيير" المنشقة عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، والتي تعتبر أكبر حزب معارض في البرلمان (25 مقعداً من أصل 111 مجموع مقاعد البرلمان).
     
  3. مجموعة الأحزاب الإسلامية واليسارية المتحالفة مع الحزبيين الرئيسيين، وهي: الاتحاد الإسلامي الكردستاني (بقيادة صلاح الدين محمد بهاء) والجماعة الإسلامية الكردستانية (بقيادة الشيخ علي بابير) والحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني ( بقيادة محمد حجي محمود) والحزب الشيوعي الكردستاني.
     
  4. مجموعة الأحزاب السياسية الممثلة لتطلعات الأقليات الدينية والقومية في الإقليم (التركمانية والعربية والآشورية واليزيدية).


فاعلون من خارج الإقليم

  1. الحكومة المركزية العراقية، ومجمل القوى السياسية العراقية.
     
  2. القوى الإقليمية والدولية المؤثرة على الحياة السياسية في الإقليم الكردي (تركيا وإيران وسوريا وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي).

توجد إشكاليتان بنيويتان في الحياة السياسية في إقليم كردستان العراق:

أولاً: يضم إقليم كردستان تيارين مختلفين على أسس "الشرعية السياسية"، فمن جهة هناك القوى السياسية الرئيسية ممثلة في الحزبين الحاكمين المنحدرين من تاريخ "ثوري" مؤسس على العنف العسكري، والذي بُني طيلة عقود من مقارعة المركز في بغداد؛ لذا فإن خطابهما السياسي (والمؤسس على طيف واسع من الحضور الشعبي) يركز على اعتبار أن المفاهيم القومية و"الثورية" هي أساس لشرعية الحكم في الإقليم. مقابل ذلك، فإن المعارضة السياسية الصاعدة تؤسس شرعيتها السياسية على مفاهيم المنظومة المدنية للحكم الديمقراطي؛ فهي تركز على مواضيع الفساد والخدمات والتوريث السياسي، وتعتبر أن تلك المفاهيم هي التي يجب أن تكون منبع شرعية السلطة الحاكمة. لذا، فإن المُلاحظ في إطار "الشرعية السياسية" في الإقليم الكردي هو وجود هذه الثنائية، وهذا التباين.

ويعود سبب حضورهما سوية، إلى التموضع التاريخي لكردستان العراق، فالإقليم نتج كيانياً إثر صراع امتد عقوداً بين القوى السياسي الكردية الرئيسية وبين الدولة المركزية، وهذا اعتبر منبع الشرعية الأولى. لكن الإقليم بالمقابل، نظّم حضوره السياسي في العقد الأخير على أساس تناقضه ككيان سياسي "ديمقراطي" مضاد لسلطة المركز "الاستبدادية"، وخصوصاً بعد الغزو الأميركي للعراق. وبات الإقليم الكردي يدرج نفسه في خانة الكيانات الـ"ما بعد استبدادية"، وهو جوهر ما تبنى عليه الشرعية الثانية. وتباين الشرعيتين لم يكن مجرد اعتبار طبيعي في الممارسة السياسية، بل هو جوهر البنية التكوينية للإقليم.

ثانياً: ليس للإقليم الكردي حدود جغرافية وسياسية محددة وواضحة، فعلى الرغم من أن العملية السياسية "الداخلية" تجري في ثلاث محافظات فحسب، إلا أن موضوع المناطق المتنازع عليها (كركوك والموصل) يبدو حاضراً بشكل جوهري في تلك العملية. والمنافسة السياسية في الإقليم ليست بالشكل التقليدي، حيث يسعى كل تيار سياسي إلى الاستحواذ على الأغلبية البرلمانية وتشكيل الحكومة في المناطق المسيطر عيلها، بل أن التصارع السياسي يبدو أشد في المناطق غير المسيطر عليها، والتي تتساوى مساحتها مع مساحة المحافظات الكردية الثلاث، وتمثل الكتلة السكانية فيها النسبة الغالبة من سكان الإقليم. لكن الأهم في الأمر، أن الولاء السياسي لهؤلاء الأكراد الذين يقطنون خارج الإقليم، غير مضبوط تماماً في لعبة المال والولاء، فقد كانوا خارج التنافس السياسي بين الأطراف الرئيسية في الإقليم حتى بداية الغزو الأميركي للعراق في عام 2003.


[1] لقراءة ومتابعة مطالب حركة "التغيير" البرلمانية الكردية يمكن قراءة الرابط التالي : www.alrafidayn.com/2009-05-26-22-07-53/29332-2011-01-30-09-58-01.html

[2] للاطلاع على تركيبة برلمان إقليم كردستان العراق، يمكن قراءة الرابط التالي : www.perleman.org/default.aspx

[3] لمتابعة مواقف واستراتيجيات الأحزاب الكردية الحاكمة في إقليم كردستان العراق، يمكن فتح الروابط التالية:www.kdp.se,www.pukonline.com ,www.kurdiu.org