العنوان هنا
مقالات 03 مارس ، 2011

الإخوان والثورة المصرية أيّ مستقبل؟

الكلمات المفتاحية

أماني الطويل

باحثة وخبيرة في الشؤون السودانية بمركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية". عضو "المجلس المصري للشؤون الأفريقية"، وعضو مجلس إدارة "مركز الدراسات السودانية بمعهد البحوث و الدراسات الأفريقية" في جامعة القاهرة . عملت استشاريا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان 2005- 2006، وأستاذا زائر بـ"مدرسة إليوت للشؤون الخارجية"، بـ"جامعة جورج واشنطن" في الولايات المتحدة الأميركية 2009 – 2010. إضافة لتدريس التاريخ السياسي للسودان وعدد من الدول الأفريقية في جامعة عين شمس 2004 - 2006. شاركت في تأليف التقرير الاستراتيجي العربي وتقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية الصادرين عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. وهي مؤلف مشارك لـكتاب الأمن المائي والمتغيرات الإقليمية في حوض النيل، تحت الطبع مركز الأهرام . و مؤلف كتاب الدور السياسي للنخبة المصرية قبل ثورة يوليو عن دار الشروق المصرية 2007، و مؤلف مشارك ومحرر كتاب حالة المرأة في مصر دراسة في مستويات التمثيل بالمراكز القيادية الصادر عن مركز الأهرام للدراسات. ساهمت في تنظيم وعقد العديد من المؤتمرات وورش العمل العلمية كما شاركت أيضا في مؤتمرات وورش عمل المتعلقة بالتطورات السياسية في أفريقيا عموما والسودان خصوصا في مركز الأهرام وعدد من المراكز البحثية في مصر والسودان خصوصا والعالم العربي عموما إضافة لبعض الجامعات الأميركية .
وتكتب د . أماني الطويل مقالات في صحف مصرية مثل: الأهرام والمصري اليوم والشروق والوفد، والأخبار والأحداث السودانيتين والشرق القطرية وغيرها من الإصدارات الصحفية في الشؤون السودانية الأفريقية وقضايا التطور الديمقراطي في العالم العربي. كما تساهم في المتابعات التحليلية في الفضائيات المصرية والعربية . حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة عين شمس في موضوع العلاقات المصرية السودانية.

احتلّت جماعة الإخوان المسلمين المصريّة وزناً نسبياً أعلى من باقي القوى السياسية خلال الثورة المصرية، رَغْم أنها لم تخطّط لاندلاعها، أو للمساهمة فيها منذ اللّحظات الأولى. وقد احتلت الجماعة هذا الوزن لأسباب عدّة، منها أن الرئيس السابق حسني مبارك قد وظفها طوال فترة حكمه فزّاعةً على المستوييْن الداخلي والخارجي، واعتبارها البديل الوحيد عن نظامه و عن الدولة المدنية المصرية معاً، فحظيت بمكانة المضطهد المستحقّ للتعويض, كما أنّ الجماعة ذات بناء تنظيمي تاريخي يزيد عمره على ثمانين عاماً, وتمتد دولياً عبر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.


لماذا الإخوان؟

إنّ جماعة الإخوان المسلمين لها من التعاطف الشعبي الكثير، وهذا التعاطف مؤسَّس على نوعين من الجهد: أحدهما دعوي ديني والثاني اجتماعي تغلغل في النّسيج المصري من دون منافس مستخدماً المرجعيّة الإسلامية, كما أنّ جماعة الإخوان لها من الخبرات السياسية في التعامل مع نظم الحكم كلها, ومع القوى السياسية ما لا يُستَهان بتأثيراته وانعكاساته على المعادلات السياسية.

وفي هذا السياق لا يمكن إغفال دور العامل الخارجي في التركيز على هذه الجماعة من زاوية المخاوف من أن تتحوّل مصر إلى دولة دينية، الأمر الذي يعني قلب الموازين الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وينطوي على نوع من التهديد للمصالح الغربية إجمالاً، وخصوصاً في ضوء الطبيعة الدينية للدولة الإيرانية, واحتمالات تصعيد التهديدات ضدّ إسرائيل.

وفي ضوء هذا الوزن النّسبي لجماعة الإخوان المسلمين وإعلانها تكوين حزب سياسي تحت اسم "حزب الحرية والعدالة" يصبح من المهم رصْد تطوّر التفاعل السياسي الراهن بينها وبين القوى المختلفة الصانعة للثورة المصرية في محاولة لاستشراف نتائج هذا التفاعل، ومدى قدرته على المساهمة في ترسيخ الشرعية الثورية المصرية، وتدشين دولة مدنية ديمقراطية تستطيع أن تحقّق لمصر شروط التقدّم والتحديث في المجالات كلّها، وتكون قيمة مضافة إلى أرصدة القوة العربية والأفريقية.

يمكن القول إنّ المتابعة الدقيقة للإخوان المسلمين وخطابهم السياسي خلال الأسبوع الأوّل من أيام الثورة المصرية لا تستطيع أن تنكر مستوى من الوعي والنّضج , إذ اعتمد خطابهم العام على أنهم مكوّن من مكونات الشّعب الثائر, لكنهم ليسوا التعبير الوحيد عنه. فالشعارات التي رفعوها كانت منحازة إلى التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، ولم تسلك طرائقهم المعروفة في رفع المصاحف أو رفع شعارات، مثل "الإسلام هو الحلّ". وقد كان هذا الأداء مرتبطاً بعدم وجودهم في التّظاهرات باعتبارهم تيارا سياسيا واضحا إلاّ يوم جمعة الغضب في 28 كانون الثاني/يناير، بينما كان وجودهم السابق خجلاً ومتوارياً، وربما يعبّر عن إرادات شخصية وليس عن تعليمات تنظيمية، وخصوصاً أنّهم خضعوا لتهديدات النظام بعدم المشاركة في الدعوة التي أطلقها الشباب لإعلان الغضب في 25 كانون الثاني/يناير.

لكن هذا الأداء السياسي للإخوان لم يُقنعْ النّواة الصلبة للدولة المصرية في مؤسّساتها المختلفة بوزنهم الهامشي في تصعيد الأحداث، مستندين في ذلك إلى عقود من المواجهة بين الطرفيْن، وإلى ملاحظة أن عمليات إحراق أقسام الشرطة ومباني أمن الدولة قد تمّت في توقيت واحد في جميع المحافظات, فضلاً عن تأمين الإخوان جزء مهم من الإمدادات اللوجستية في ميدان التحرير.

وقد ساعد على ترسيخ هذا التقدير من جانب الدولة المصرية والنخب المدنية الإشارات المتراكمة التي أرسلها الإخوان اعتباراً من جمعة الرّحيل في 4 شباط/ فبراير , والتي بدا أنّهم تجاهلوا ما أثمرته الثورة من معادلات جديدة على السّاحة المصرية, وانغمسوا كالعادة في حساباتهم الضيّقة والخاصّة بالجماعة بغضّ النظر عن تأثير هذه الحسابات في المسار الوطني العام، وعن دورها في كبْح آمال الثوار في الوصول بمصر إلى محطة الديمقراطية الحقيقية. 


مسارات الأداء السياسي

يمكن رصدُ ملامح هذا التغير في تنظيم تظاهرات إخوانية منفصلة ترفع شعاراتهم الدينية في كل من الإسكندرية وأسيوط في الصعيد, علاوة على حوادث منفردة لرفع المصاحف في ميدان التحرير. وهو ما يمكن تفسيره، على الأرجح، في إطار رغبة الإخوان في معرفة مدى استعداد التربة المصرية في أثناء الثورة لتقبل دولة دينية في مصر.

أمّا على مستوى الخطاب السياسي فإنّ الراصد لخطابات بعض رجال الإخوان على الفضائيات خلال جمعة الرحيل يكتشف أنها عبّرت عن تصوّرات منفردة في شأن تعديل بعض بنود الدستور , ولا سيّما أن بعض هؤلاء ذكّر بنضاله منذ ثمانين عاماً في مصر. وأكّدت هذه الخطب التعهّد بعدم الترشّح لمنصب رئيس الدولة, والاكتفاء بثلث مقاعد البرلمان في الانتخابات المقبلة[1].

أمّا جمعة النصر في 18 شباط/فبراير فتعدّ مفصلا فارقا بين الإخوان المسلمين وباقي القوى السياسية، إذ لم يرقَ الأداء السياسي للإخوان إلى مستوى خطاب الشيخ يوسف القرضاوي الجامع والمعبّر عن الجماعة الوطنية المصرية بعنصريها المسلم والمسيحي, والمدرك لطبيعة مطالب الأمة المصرية في هذا التوقيت. وقد تقزم أداء الإخوان في مشهد منْع وائل غنيم، وهو أحد الفاعلين الرئيسين في ثورة الشباب، من اعتلاء منصة جمعة النصر. وبدا ذلك مؤشراً دالاً على السلوك السياسي الإقصائي للإخوان. وقد قدم أقطاب الإخوان تفسيرين متناقضين للواقعة يثبِتانها ولا ينفيانها, فقال عصام العريان "لقناة الحياة" إن الواقعة غير صحيحة البتة، و الوكالة المسؤولة عن إذاعتها، وهي (الفرنسية ) لا تتمتع بالصدقية[2], أمّا محمد البلتاجي الذي كان مسؤولاً عن منصة جمعة النصر فأكد المعلومة في برنامج "مانشيت"، لكنه نفى مسؤوليته عنها، وقال إن أحد اليساريين هو المسؤول عن عدم تمكين وائل غنيم من الصعود إلى منصة جمعة النصر !![3] وليس هو.

واستمراراً في هذا الخط التصاعدي المنفرد للإخوان بعيداً عن قوى الثورة المصرية جاءت جمعة التشديد على المطالب في 25\2\2011 لتشير إلى غياب نسبي للإخوان عن ميدان التحرير كما ورد في رسالة مزدوجة: تقول للقوى السياسية: نحن من نعطي التظاهرات وزنها الطاغي, وتقول للنظام: نحن من نستحق منك التركيز على مطالبنا. ولا يمكن عزل هذا الأداء عن إقدام الجماعة على صوْغ تفاهمات خاصة مع اللواء عمر سليمان بمعزل عن باقي القوى الوطنية في مراحل ما قبل تنحّي مبارك، وتنصّلهم من التحالف مع محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وصاحب المطالب السبعة للتغيير وقد صِيغت التفاهمات في نقاط عدة منها: تعهّد الجماعة بتقليص مشاركة أنصارها في الثورة بالتدريج، شرط عدم حدوث هجوم جديد على المتظاهرين، وهو ما وعدت المؤسّسة الرّسمية بعدم تكراره. ولم تشمل الصّفقة تقنين عمل الجماعة بل شملت السماح لبعض أعضائها بإنشاء حزب سياسي.[4] وقد جاءت هذه الخطوة مخالفة لتوجهات شباب الإخوان الذين رفضوها, كما اعتبرتها القوى والنخب السياسية محض خيانة لثوار التحرير[5] بكل فصائلــهم بمن فيهم شباب الإخوان. كما كانت لحظة كاشفة لطبيعة الانقسامات في صفوف الإخوان، في الوقت الذي تطالب القوى السياسية المصرية كلها بإعطاء الفرص لقوى الثورة لتأسيس أحزابها السياسية، أو التمتع بمناخ الحريات. ومن جانب آخر لا يلتقي إلا الإخوان[6] والمجلس العسكري في تقصير الفترة الانتقالية إلى ستة أشهر[7] وهو أمر يعني أن ينتج الصندوق الانتخابي المقبل في مصر القوى الجاهزة على الأرض، وهي الإخوان المسلمون وفلول الحزب الوطني التي عادت لتنظم صفوفها حالياً, وهو ما يعني الدخول في مرحلة جديدة من الاحتقان وعدم الاستقرار، وخصوصاً أن التطمينات التي يقدمها الإخوان عن عدم رغبتهم في الحصول على أكثر من ثلث المجلس التشريعي وعدم التقدم للانتخابات الرئاسية وعدم تشريع القوانين إلا بالاستفتاء العام،[8] لا تعد تنازلاً حقيقياً في ضوء أن نصيب الإخوان هذا لم يكن نتاجاً لبرنامج سياسي محدد، بل جاء تحصيلاً لمجهود دعوي واجتماعي مستند إلى مرجعية إسلامية عامة لا تتضمن تفصيلات محورية وأساسية في شأن مستقبل مصر السياسي, بل لا تنطوي على حالة من التعتيم على موقفهم من مسألة السيطرة على الفضاء الاجتماعي العام تحت مظلة تطبيق الشريعة الإسلامية.

نحن نرى في السودان مثلاً قانون النظام العام الذى يفرض على النساء زياً معيناً، ويجلدهم في حالة عدم التزام ذلك. كما أن من المحرم على السودانيين إقامة حفلات الأعراس وغيرها قبل منتصف الليل بساعة. وبموجب هذا النظام يُلاحق المواطنون في أماكن النزهة العامة, أو في محال الترفيه العادية مثل المقاهي.

إن هذا الأداء السياسي للإخوان المسلمين يمكن أن يدعم مقولات النظام ومزاعمه ضدهم، وتوظيفهم فزاعة كما جرت العادة دائماً على المستويين الداخلي والخارجي, وهي الفزاعة التي أعاقت، ولا تزال تعوق التطور الديمقراطي الحقيقي في مصر, وتدعم ميراث عدم الثقة بين الإخوان وبقية القوى السياسية.

إن هذه التوجهات تشكّل خطراً أساسياً على أهداف الثورة المصرية النهائية التي تبلورت في ضرورة انتقال مصر نحو تحول ديمقراطي حقيقي لا شكلي, يفارق جميع المقومات السياسية لنظام مبارك في الحجب والقمع، كما يعيد تشكيل الخريطة الاجتماعية لمصر على أسس عادلة. وبمعنى أكثر وضوحاً، لن يكون من المقبول أو المسموح به, أن تطرح أيّة جماعة نفسها أو أيّ فصيل سياسي بمعزل عن برنامج سياسي قائم على محددات واضحة، منها تدشين الدولة المصرية المدنية التي تحتضن الجميع بلا تفرقة و لا يسيطر فيها أيّ أحد على المجال العام بأيّ نوع من السلطات المعنوية أو الروحية. ومن هذه المحددات أيضاً قبول مبدأ المواطنة للجميع من دون تفرقة على أي أسس دينية، وخصوصاً الأقباط والمرأة, ولن يكون من المقبول انخراط الإخوان في العملية السياسية في مصر من دون الفصل الواضح والحاسم بين ما هو ديني ودعوي في خطابهم، وبين ما هو سياسي.

إن القوى السياسية المصرية التي انحازت دائماً إلى حق الإخوان في المشاركة السياسية ستكون معنية في أيّ مفاوضات مقبلة بالدفع نحو إلغاء قانون الأحزاب الراهن وتكريس مبدأ حرية التنظيم وتأليف الأحزاب، وبالتالي سيُفتح الطريق للإخوان وغيرهم لبلورة طبيعة وجودهم وشكله في المرحلة المقبلة.


مسؤوليات الإخوان

أظن أن على الإخوان المسلمين الانتباه إلى حساسية موقفهم وأدائهم في هذه المرحلة الدقيقة من التاريخ المصري، وعليهم مسؤولية الاستمرار في الوعي والنضج السياسيين اللذين بدؤوا بهما في الثورة المصرية, والقبول بأنهم جزء من كل. ونقول بوضوح إن هذه الثورة المصرية قد حجّمت الإخوان المسلمين إلى حدود وجودهم الحقيقي في الشارع المصري بلا زيادة ولا نقصان، ونجحت في ذلك، الأمر الذي لم تنجح فيه نظم الحكم في مصر، ونحن لا نتمنى أن نرى في مصر أداءً سياسياً، على غرار السودان، وهو الأداء الذي يتحمل فيه الإخوان المسلمون في ذلك البلد جزءاً كبيراً من المسؤولية عن تقسيم وطنهم, كما يتحملون المسؤولية الأخلاقية عن ظهور نزعة عنصرية مستهجنة ضدّ الآخر المغاير لهم دينيًا وعرقياً. وفي هذا السياق نجد أن من المطلوب أن يتوافق الإخوان المسلمون مع التغير الراهن في منطقتنا العربية, والدفع نحو تكوين دولنا العربية بشروط تستجيب لتيارات الحداثة والتقدم. ومن هنا يبدو موقف الإخوان المسلمين على محكّ الشرف الأخلاقي والسياسي في عدة مفاصل، منها ضرورة عدم الاستفادة من المرجعية الدينية للإخوان في حشد الأنصار السياسيين، والعمل على توجيه الحزب السياسي المعلن عنه مؤخراً إلى الاعتماد على مبدأ المواطنة المتساوية, وهو ما يعنى ضرورة إعادة النظر في مسألتي حق المرأة والأقباط في الترشح لمناصب الولاية الكبرى (رئاسة الجمهورية )، وهي خطوة تتطلب شجاعة مماثلة لتلك التي تحلَّوْا بها حينما تم إلغاء مجلس العلماء من برنامجهم باعتباره سلطة مراجعة عليا للتشريعات الصادرة عن البرلمان ,وهذا الأمر يقي الإخوان شر التناقض مع الدستور الذي لابد من أن يقرّ مبدأ المواطنة المتساوية انعـكاساً لتيار عالمي ومطالب وطنية.

ولابد من الإشارة إلى أن إعلان عدم الدفع نحو الحصول على غالبية مؤثرة في البرلمان الانتقالي لا يبدو كافيا في ضوء ضرورة إتاحة فرص عادلة لا تقل عن دورتين برلمانيتين لبقية القوى السياسية ذات المرجعيات المدنية للعمل بحرية وجذب الأنصار على أسس مرجعياتهم، ليفصل بعد ذلك صندوق انتخاب نظيف بين الجميع طبقاً لفرص متساوية.

كما يبدو أن المطلوب من الإخوان المسلمين تأكيد مبدأ التوافق في صوغ دستور مصري لدولة حديثة تستطيع أن تلحق بالتقدم العالمي عبر تفعيل فقـه حرية الفكر والاعتقاد لجميع البشر لا تقييده، وذلك في مقابل السلوك الراهن الذي ينتج صيغاً انقسامية في شأن المادة الثانية من الدستور الحالي التي تقول إن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع, والتي كان وضعها السادات لأغراض سياسية، مثل محاربة اليسار والناصريين. وهذه المادة تتجاهل عمداً النسيج الاجتماعي المصري الذي يشكل فيه الأقباط نحو 10 % من السكان, وهي مصدر قلق لهم لا يجوز التعامل معه بمنهج الاستقواء بالوزن النسبي للمسلمين.

وربما يكون من الأمور الأساسية في هذه المرحلة التخلّي الفوري للإخوان عن الأساليب التاريخية في عقد الصفقات المنفصلة مع السلطة أيا تكن هذه الصفقات، والسير نحو تبني أمل الشعب المصري في تحقيق الحرية والديمقراطية بديلاً عن الاستقواء على القوى السياسية الأخرى بالمرجعية الدينية للإخوان المسلمين، والحصول على الوزن السياسي بناءً على هذه المرجعية.

في الإجمال، يبدو لنا، أن عدم تغيير السلوك السياسي للإخوان المسلمين في هذه المرحلة الحسّاسة سوف يتيح لقوى الثورة المضادة توظيفهم بهدف تعطيل عجلة التقدم نحو الديمقراطية الحقة، والمساهمة في إضعاف القوى الثورية، وخصوصاً أن الثورة المصرية على مفترق الطرق، فإمّا أن تنطلق نحو إنجاز أهدافها في إسقاط توجّهات نظام مبارك ورجاله, وإمّا الانتكاس نحو تغيير شكلي يطال بعض الأشخاص وليس مجمل السياسات، أي أن الخلاصة ستكون منتجا بائسا لا يليق بدماء الشّهداء، ولا بمحاولة استعادة أرصدة القوّة المبدّدة للدّولة المصرية.


[1] انظر القطب الإخواني صبحي صالح في جريدة" الشرق الأوسط "، 24\2\2011.

[2] القناة الفضائية المصرية، 20/2/2011.

[3] قناة أن تي في المصرية، 24/2/2011.

[4] جريدة " الشروق"، 7 شباط/ فبراير 2011.

[5] سأل الكاتب المرموق فهمي هويدي الإخوان: هل أنتم مع لاظو علي (مبنى وزارة الداخلية) أم مع التحرير (مقر الثوار). انظر صحيفة "السفير" اللبنانية، 11/2/2011.

[6] عصام العريان: ندوة "مصر بكره"، فندق جراند حياة، 23/2/2011.

[7] برنامج "العاشرة مساءً"، فضائية دريم المصرية، 24/2/2011.

[8] عصام العريان، ندوة "مصر بكره"، مصدر سبق ذكره.