العنوان هنا
دراسات 17 سبتمبر ، 2020

تطور السياسة الدفاعية القطرية بعد أزمة الحصار

إبراهيم اسعيدي

أستاذ الدبلوماسية والدراسات الأمنية والدفاعية بجامعة قطر. ومؤسس الخطة الدراسية لماجستير الدراسات الدفاعية بجامعة قطر. حاصل على الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة مونتريال وعلى الماجستير في التخصص نفسه من جامعة لافال بكندا. حاصل على ماجستير الدراسات المعمقة في الدراسات الاستراتيجية والسياسة الدفاعية من الكلية العليا للدراسات الدولية بباريس. اشتغل سابقًا أستاذًا للعلاقات الدولية بجامعة لافال وجامعة أوتاوا بكندا، وباحثًا مقيمًا بالكلية العسكرية للحلف الأطلسي في روما، وباحثا زائرًا بمعهد أبحاث السياسة الخارجية بفيلاديلفيا بأميركا، وباحثًا زائرًا بمعهد الأبحاث في الشؤون العسكرية في سيول بكوريا الجنوبية، وباحثًا مقيمًا بالمعهد الكيبيكي للدراسات الدولية بكندا. تعاون كأستاذ منتدب مع كلية أحمد بن محمد العسكرية وكلية جوعان بن جاسم للقيادة والأركان المشتركة بالدوحة. أصدر 6 كتب من بينها 3 كتب حول الحلف الأطلسي، وكتاب حول القيادة العسكرية الخليجية الموحدة. أصدر ما يفوق 30 مقالًا علميًا محكّما في السياسة الدفاعية والاستراتيجية العسكرية والأمن القومي في مجلات علمية متخصّصة.

مقدمة

مثّل قـرار حصـار دولـة قطـر الـذي اتخذتـه ثلاث دول خليجيـة، وهـي المملكـة العربيـة السـعودية، ودولـة الإمـارات العربيـة المتحـدة، ومملكـة البحريـن، إضافة إلـى جمهوريـة مصر العربية، في 5 حزيران/ يونيو 2017، منعطفًا في مسار السياسة الدفاعية القطرية، خاصة في ما يتعلّق بمصادر التهديدات العسكرية وتحدّيات التوازن الاستراتيجي الإقليمي. من المنظور الاستراتيجي، يعد قرار قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية معها بمنزلة إعلان حرب، ترتّب عليه الاستنفار عسكريًا لمواجهة أي تصعيد وتفعيل الاستراتيجيات القتالية الميدانية.

لقد وضع هذا الحصار والظروف التي أعقبته السياسة الدفاعية القطرية أمام تحدّي التدخل العسكري، وضرورة التحرّك السريع للحفاظ على السيادة الوطنية. فما الأبعاد العسكرية لهذا الحصار؟ وكيف استفادت منه قطر لتعزيز القدرات الدفاعية للجيش القطري؟ وهل نجحت في تجاوز تداعياته والزيادة في الاستثمار في قطاع الدفاع وتقوية علاقات التعاون العسكري مع عدد من الشركاء الإقليميين والدوليين؟ وهل كان لهذا الحصار تأثير في عقيدتها العسكرية لحمايتها من أي تهديد وخلق قوة ردع قادرة على الحفاظ على الوحدة الترابية والاستقلال الوطني؟

للإجابة عن هذه الأسئلة، تنطلق هذه الدراسة من وضع تصور لمحدّدات السياسة الدفاعية القطرية بناءً على المنهجية العلمية في حقل الدراسات الأمنية والدفاعية التي تربط الأمن والدفاع بمصادر التهديد، خاصة أن البعد العسكري لهذه الأزمة الخليجية يحيل إلى علاقة التهديدات الخارجية باستعمال القوة العسكرية، وبرؤية الدولة دفاعها الوطني وتأثير ذلك في عقيدتها العسكرية.

تهدف الدراسة إلى تناول وتحليل تأثير الحصار في السياسة الدفاعية القطرية، وأهم التحولات التي عرفتها في ما يتعلق بتعزيز مقومات القوة العسكرية. ويعتبر البعد العسكري من أهم مقومات الأمن القومي القطري، الذي يهدف أساسًا إلى إعداد مصادر القوة العسكرية في مجال تدريب الجيش القطري وتطويره وتسليحه، وبناء أحلاف عسكرية في الدفاع المشترك مع شركاء موثوق بهم. ولا شك في أن تحقيق هذا الهدف يعني بالضرورة تمكين الدولة من مواجهة التهديدات التي تسعى إلى إخضاعها أو الاعتداء على سيادتها الوطنية.