العنوان هنا
مقالات 16 فبراير ، 2011

الثورة الشعبية في مصر: القوى المحركة وتحديد الأدوار في المرحلة الانتقالية

الكلمات المفتاحية

أميمة عبد اللطيف

شغلت وظيفة باحث مساعد ومنسّق تقرير مراكز الأبحاث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حاصلة على ماجستير العلوم السياسية من كلية "الدراسات الشرقية والأفريقية" بـ"جامعة لندن"، وبكالوريوس صحافة من "جامعة القاهرة". شغلت منصب مدير المشاريع وباحث بـ"مركز كارنيغي للشرق الأوسط" في بيروت، من 2006 إلى 2009. وشغلت منصب مساعد رئيس تحرير "الأهرام ويكلي" منذ عام 2004. كتبت العديد من الأبحاث والدراسات المتعلقة بالشأن المصري وتابعت الحراك السياسي هناك منذ فترة.

 وأخيراً جاء التغيير، وجاء من الباب الذي قد لا يتوقعه الجميع: باب الشارع، متمثلا بثورة شعبية نقلت المطلب الديمقراطي المصري خطوات نحو الأمام، وسجلت جملة سوابق في التاريخ السياسي المصري، أهمها -على الإطلاق- إسقاط وتغيير الحاكم عبر الشارع.

ولئن بدت الحالة الثورية في ميدان التحرير، وعموم مصر، مختلفة عن كل لحظات الاحتجاج التي خبرتها البلاد طيلة العقد المنصرم، على كثرتها؛ ولئن تم استحضار "الحدث التونسي" باعتباره المحفّز (catalyst)، فمنه حاكى المتظاهرون ما حدث في مصر، إلا أن ما باتت تعرف بـ "ثورة 25 كانون الثاني/يناير" هي في جوهرها نتاج جملة من العوامل المجتمعة، التي حولتها من كونها مجرد لحظة احتجاجية أخرى، تضاف لقائمة طويلة من التعابير الاحتجاجية، إلى فعل حقيقي يلامس معنى الثورة.

ولعل السؤال المهم يتعلق بالعوامل التي جعلت تظاهرة بدأت في ميدان التحرير بحوالي 20 ألف متظاهر يوم الثلاثاء 25 كانون الثاني/يناير تنتشر على أوسع نطاق. ويمكن إجمال أبرز العوامل فيما يلي:

  • أولاً: تأتي هذه الحالة الثورية متكئة على عدد كبير من الإضرابات والاحتجاجات، التي مست كل المواقع العمالية والوظيفية في مصر. فعلى سبيل المثال، بلغ عدد الحركات الاحتجاجية العمالية في مصر خلال العام 2007 ما يقرب من 1000 فعل احتجاجي ما بين إضراب ووقفة واعتصام، طالت كل قطاعات العمل، الحكومية منها والخاصة، فيما بلغ عددها أزيد من 800 احتجاج في عام 2009[1]. وقد تواصلت هذه الاحتجاجات حتى خلال أيام الثورة، ففي اليوم الخامس عشر للثورة كان هناك أكثر من 20 وقفة احتجاجية وإضراب في 9 محافظات مصرية وفي مرافق حيوية مهمة كالهيئة المصرية للاتصالات وهيئة السكك الحديدية.
  • ثانيًا: اتكأت الحالة الثورية أيضا على تراث حركات التغيير والاحتجاج السياسي التي عرفتها البلاد منذ العام 2005، وبالتحديد مع ظهور "حركة كفاية" على المشهد السياسي المصري، والتي قامت برفع سقف المعارضة السياسية لحدها الأقصى، حين اختارت رأس النظام لتصب عليه جام احتجاجها. وكان شعارها ضد التمديد لمبارك لولاية سادسة، ورافضةً توريث الحكم لابنه.
    ومن رحم هذا الزخم الاحتجاجي خرجت الحركات الست التي كانت المحرك الرئيس لثورة 25 كانون الثاني/يناير. وقد ولد بعضها تضامنا مع إضرابات العمال ("حركة 6 ابريل" تضامنا مع عمال غزل المحلة)، أو احتجاجا على التعذيب والتعامل الأمني القامع (مجموعة "كلنا خالد سعيد")، أو لتحقيق مطالب سياسية ("الجمعية الوطنية للتغيير" و"الجبهة الديمقراطية" و"حزب الغد").
  • ثالثًا: لعل العامل المهم والفارق هو "الوعي الجمعي" لدى جموع المتظاهرين بأن ما يقومون به هو "ثورة" ضد النظام القائم، ومن أجل المطالبة برأس هذا النظام. هذا الوعي (الإدراك) -وهو عامل حاسم به تعرّف الثورات-، قاد المصريين لهذه اللحظة الثورية الاستثنائية بعد أن اقتنعوا أخيراً بضرورة تغيير رأس النظام، لأنهم أدركوا أنه المسؤول الأول عن إفقارهم وقهرهم وإذلالهم. ومن هنا يمكن فهم تمسك الشارع بما سمي "مطالب الحد الأقصى"، وهي تنحي مبارك عن الحكم، ورفض أي صيغة أخرى تحاول الالتفاف على هذا المطلب الأصيل.


ثورة شعبية

لقد نجح حسني مبارك طيلة فترة حكمه في اتباع نهج حوَّل الغضب الشعبي من سياسات وممارسات القمع والفساد ليتوجه نحو أفرادٍ (وزراء بعينهم أورجال أعمال أو حتى رئيس الوزراء نفسه)، يُقدَّمون دائما ككباش فداء، فيما يوهم الرئيس الشعب بأنه بعيد عن تلك الممارسات، ويلعب دور المخلص أو الوسيط الذي ينحاز للشعب؛ وبالتالي استطاع أن يبقى محصنا ضد أي غضب شعبي يستهدفه شخصيا أو ينظر إليه باعتباره شريكا -إن لم يكن المسؤول الأول- عن تلك الممارسات. وحتى حركات الاحتجاج السياسي التي حاولت خلق وعي لدى المصريين بأن مبارك بشخصه مسؤولٌ مسؤولية مباشرة عما آلت إليه الأوضاع في البلاد، عانت لوقت طويل من عزلة جماهيرية، وبدت عاجزة عن حشد وتعبئة عدد أكبر من الجماهير المصرية، حتى وإن تحركت للتظاهر من أجل قضايا يعاني منها جميع المصريين مثل البطالة أو الفساد.

ولم يكن خفيا على أحد، الحشد المتواضع الذي كانت حركات مثل "كفاية" أو "مصريون من أجل التغيير" أو "مصريون ضد الفساد" تحصده حين تدعو لمظاهرة، في الوقت الذي اختارت قطاعات واسعة من المجتمع المصري (موظفون وعمال وفلاحين) تعاني من المظلومية أن تنتظم بشكل غير مسيس أو مؤطر سياسيا، احتجاجا على الأوضاع ذاتها، وإن عبر مطالب فئوية. واجتاحت البلاد خلال عامي 2009 و2010 موجة عارمة من الاحتجاج الاجتماعي، غير أن مطالبها اقتصرت على الجانب المعيشي الاقتصادي ولم تتخطاه إلى السياسي. وقد استجاب النظام لبعضها فيما تجاهل السواد الأعظم من تلك المطالب. وبالتالي كان مفاجئا -حتى لحركات الاحتجاج نفسها- تحقيق هذه القفزة النوعية في الانتقال من المطلب الفئوي أو المعيشي الخاص إلى المطلب السياسي العام. فكل التوقعات كانت تؤشر عن "ثورة جياع"، يكون محركها الأول العامل الاقتصادي، غير أن ثورة ميدان التحرير لم تكن انتفاضة خبز وإنما انتفاضة "تغيير، حرية وعدالة اجتماعية" كما أشارت بعض شعاراتها. وبدا المطلب السياسي، متمثلا في "إسقاط النظام"، هو المطلب الأسمى. كما أن هذه الثورة كانت عابرة للطبقات، فاستحقت صفة الثورة الشعبية.

ثمة ملمح في هذه الهبة الشعبية يشبه حركات الاحتجاج في الأربعينيات واحتجاج الحركة الطلابية في العام 1968 ضد الأحكام العسكرية المخففة بحق قادة الجيش المسؤولين عن هزيمة 1967، وكذا احتجاج العام 1972 للمطالبة بشن الحرب، وانتفاضة كانون الثاني/يناير في العام 1977. ويتجسد هذا الملمح المشترك في فكرة المطلب المحدد والإرادة المجتمعية الموحدة، أو ما يوصف بـ "اللا الاجتماعية الموحدة". وبالتالي فإن ما بدا أنه استجابة النظام بوجوهه "الجديدة القديمة" التي ضمها التشكيل الحكومي الجديد، وتحويل بعض الوزراء السابقين للمحاكمة، وإعادة تشكيل الحزب الحاكم، والتخلص من رموز المرحلة السابقة، وتشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور؛ كل ذلك لم يكن -من وجهة نظر المحتجين- سوى محاولات للالتفاف على المطلب الجماهيري الأصلي، حتى وإن استعانت هذه المحاولات برموز المعارضة التى لا تستطيع أن تدّعي أنها تملك رصيدا شعبيا محترماً؛ فمهما قدّم الرئيس ونظامه، لن يرضى الناس بأقل من ذهابهما.


سوابق تاريخية

هناك بعض السمات التي ظهرت بها الثورة، التي خلعت الرئيس حسني مبارك، تمثل كلها سوابقاً في التاريخ السياسي المصري، لعل أبرزها:

  • استعادة الشارع كساحة للفعل بعدما أُغلقت كل فضاءات العمل السياسي المشروع. بل إن الشارع صار يتحرك بوتيرة أسرع من الطبقة السياسية المرتبطة بالنظام كما المعارضة، حتى في ظل غياب قيادة موحدة لثورة الشارع. وكان برنامجها السياسي مجموع الشعارات التي حملها أو هتف بها المتظاهرون.
  • محاولة إسقاط صيغة الحكم، أي الصيغة السلطوية التي حُكِمت بها البلاد منذ 1952، واستبدالها بصيغة ديمقراطية (تغيير الحاكم عبر ثورة شعبية).
  • دخول النخبة الحاكمة في مفاوضات (على شكل حوار وإن كان شكلياً) مع قوى احتجاجية وأحزاب معارضة وشخصيات مدنية حول شكل الحكم في البلاد، وهو ما يحدث لأول مرة منذ ثورة 1952 (حركة الضباط الأحرار التي أدت إلى إنهاء الحقبة الملكية).
  • انهيار أسطورة الدولة القوية أو دولة المؤسسات، إذ جاءت الأزمة كاشفة عن الحال التي آلت إليها مؤسسات الدولة المصرية خلال عهد مبارك، وكيف انهارت بشكل كامل. والأسوأ هو كيف تحولت بعض المؤسسات "السيادية" المنوط بها حماية السلم الأهلي إلى مهددٍ له وأداةٍ لترويع الآمنين، وهو ما أمست عليه المؤسسة الأمنية يوم الجمعة 28 كانون الثاني/يناير. مرد ذلك أن مؤسسات الدولة المصرية، بما فيها المؤسسة الأمنية، كانت قد تحولت منذ زمن إلى مجرد "جماعة مصالح" (interest group) مثلها مثل غيرها من جماعات المصالح.

وأصبحت المؤسسة الأمنية في ظل حكم مبارك أحد أهم أذرع النظام في إحكام السيطرة على البلاد في منظومة ثلاثية تشمل أيضا الحزب الحاكم وطبقةً من رجال الأعمال وصحافة موالية. ووفقا لإحصاءات صندوق النقد الدولي، أنفقت الحكومة المصرية قرابة 11 بليون جنية على الأمن والنظام. وتحصي وزارة الداخلية المصرية 1.7 مليون موظفاً (850.000 رجل شرطة، 450.000 جندي أمن مركزي و400.00 فرد في الشرطة السرية) وفق إحصاءات 2009. يضاف إلى ذلك ما يمكن أن يطلق عليه الكتلة غير الرسمية للأمن، أو بالأحرى الكتلة المكلفة بترويع الآمنين، المتمثلة فيما اصطلح على تسميتها "ميليشيا البلطجية"، التي خلقت ثقافة من العنف المرخص من قبل الدولة، تُستخدم لقمع التظاهرات وتخويف المعارضين وتزوير الانتخابات. وقد استخدِمت المؤسسة الأمنية بأذرعها المختلفة (جهاز أمن الدولة الذي مارس دورا في تخريب الحياة السياسية المصرية وملاحقة المعارضين، والأمن المركزي في محاصرة التظاهرات والاحتجاجات الإجتماعية التي أصبحت روتينا يوميا خلال السنوات العشر الماضية، وميليشيا البلطجية ذراع الشرطة القوي) كوسيلة للضبط الاجتماعي social control مع ما أعطي لها من صلاحيات بفعل قانون الطوارئ المعمول به منذ 1981. وأظهر درس 25 كانون الثاني/يناير أن التعامل القمعي والنظام البوليسي الذي رسَّخ الخوف عند الناس طيلة سنوات حكم مبارك، هو ذاته الذي منح زخماً لهذه التظاهرات، وكان سقوطه المدوي يوم الجمعة 28 كانون الثاني/يناير هو ما أعطى دفعا عظيما للثورة، وحولها من مجرد حركة مطلبية إلى ثورة شعبية كسرت حاجز الخوف.

بغض النظر عما تواتر من تقارير صحافية، حاولت الإجابة عن سؤال: لماذا انسحبت قوات الأمن وغابت وزارة "سيادية" بأكملها في لمح البصر؟ وما إذا كان الأمر مقصوداً أم لا، ثمة قراءات عديدة، تشير إحداها إلى أن المؤسسة الأمنية تواطأت مع الرئيس لتعيث فسادا وترهب المصريين، بحيث لا يكون ثمة خيار ثالث، خارج الاختيار بين مبارك والفوضى؛ وقراءة أخرى تقول بأن الرئيس استعان بالجيش بعدما اشتم "رائحة الخيانة" من قبل وزير الداخلية وتيار في الحزب الوطني. وفي كل الأحوال، فإن لغز اختفاء المؤسسة الأمنية يحمل ملامح "صراع على السلطة" لم تتضح معالمه.


عن دور المؤسسة العسكرية في المشهد السياسي

ثمة قناعة طوباوية بعض الشئ لدى عموم المصريين بأن "الجيش جيش الشعب، ولم ولن يكون يوما أداة لضرب الشعب أو لقهره"، ولكن السؤال الجوهري ضمن حزمة أسئلة لم تجد إجابة لها، هو: ما هو الدور الذي يقوم به الجيش؟ ومع أي المعسكرين يقف؟ وهل يكون عاملاً حاسماً لإخراج البلاد من المأزق السياسي؟

وقد اعتبر البعض بأن النظام الجديد الذي يتشكل في مصر قوامه الشباب، مفجرو الثورة، والقوات المسلحة، بتبنيها لحركة وطموحات الشعب الثائر وهي المعوّل عليها أن تكون ضامنا لإدارة آمنة للمرحلة الانتقالية.

غير أن ثمة ملاحظات على أداء الجيش منذ بداية الأحداث حتى الآن:

  • أصدر الجيش عدة بيانات أهمها بيان الاثنين 31 كانون الثاني/يناير، أكد فيه على "مشروعية مطالب الشعب" وتعهد بألا يلجأ "إلى إستخدام القوة ضد الشعب المصري" وأن "حرية التعبير بالطرق السلمية مكفولة للجميع".
  • ثم أصدر الجيش بيانا يطالب فيه بضرورة الالتزام بحظر التجول، وهو ما لم تلتزم به قطاعات واسعة من المصريين. وكان أن أصدر بيانا ثالثا طالب فيه المتظاهرين بالعودة إلى منازلهم، ثم بدأ مجموعة خطوات لا تنم عن أن الجيش والشعب "يد واحدة" كما كان يردد المتظاهرون. إذ من الواضح أن الجيش في اللحظات الأولى كان مرتبكا وهو يختبر لأول مرة موقفا جديدا عليه، أي كيفية التعامل مع متظاهرين. وفي ما سمّي موقعة الجمل يوم 2 شباط/فبراير، حين أطلق النظام ميليشياته المدججة بالسلاح على المتظاهرين السلميين، وقف الجيش موقف المتفرج بشكل يثير الريبة، فيما المتظاهرون العزّل يتعرضون لاعتداء من قبل ميليشيا الحزب الوطني، وهو يرى السلم الأهلي مهددا من قبل هؤلاء بحجة "الحياد". كما حاول الجيش كل يوم التضييق على المتظاهرين من خلال اقتطاع مساحات من ميدان التحرير لمحاصرة المحتجين داخل بقعة ضيقة فيه. كما حاول أن يثني المتظاهرين عن التواجد في الميدان، وحثًّهم على العودة إلى منازلهم، مثل ما حدث حين خاطب قائد اللواء الخامس المتظاهرين وحثهم على فض التظاهرات "لإنقاذ مصر".
  • لقد ظلت المؤسسة العسكرية طيلة حكم مبارك أشبه بـ"الثقب الأسود"، ولا يعرف المصريون مدى التغيير الذي أصاب المؤسسة العسكرية بحيث لم تعد تشبه-ربما- تلك الصورة الطوباوية التي رسموها عنها انطلاقا من "حركة الضباط الأحرار" التي أنهت الحكم الملكي ووصولا إلى التلاحم بين الجيش والشعب الذي حقق نصر تشرين الأول/أكتوبر 1973. ورغم هذا الإبهام ظل المتظاهرون يحاولون كسب تعاطف الجيش ليقف إلى جانبهم. 


المشهد الانتقالي

في ظل هذه المعطيات حول سمات الثورة الشعبية المصرية، ونقاط الاستفهام المطروحة حول موقع المؤسسة العسكرية في مسار الثورة، يبقى السؤال الراهن هو: من هي القوى التي ستساهم في تشكيل المشهد االسياسي في المرحلة الانتقالية؟

  • أولاً: ثوار ميدان التحرير، الذين أتوا بثورة شعبية أقل ما يجب أن ينتج عنها هو عقدًٌ اجتماعيٌ جديدٌ، وهو عقد قوامه الشعارات التي تبنتها الثورة منذ يومها الأول (مساواة، حرية، عدالة اجتماعية)، وهؤلاء مؤمنون بأن من صنع الثورة هو من يضع قواعد الحكم الجديد، يختار الحكومة الانتقالية، يختار اللجنة الوطنية التى تغير الدستور، ويشكل لجنة حكماء الثورة، وهذا ما يفسر الرفض المطلق لما سمي لجان الحكماء -كما أحزاب المعارضة الرسمية-، فهي برأيهم لم تشارك في الثورة. غير أن الثورة لم تنتج قادةً جددأً في المشهد السياسي المصري أو حتى قوى منظمة ومؤطرة.
  • ثانيًا: المؤسسة العسكرية، التي اتسم موقفها بالغموض حتى الليلة السابعة عشرة من التظاهرات، حين أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية ما سماه "البيان رقم واحد". مما يفتح الباب مجدداً أمام التساؤل عن دور الجيش في الفترة القادمة، لا سيما في ظل تواتر تقارير غير مؤكدة عن "خلاف" بين نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان، ورئيس أركان الجيش سامي عنان حول تحرك الجيش لإنهاء التظاهرات. غير أنه من المؤكد أن أي ترتيبات في عهد ما بعد مبارك سيكون الجيش مكونا أساسا فيها. ويعول الكثيرون على أن يلعب الجيش دور الضامن للانتقال الآمن إلى حكم ديمقراطي.ويبقى السؤال عن مدى استعداد الجيش للقبول بحكم ديمقراطي يقلص دور العسكر في السياسة ويعيد التوازن للعلاقة بين المدني والعسكري في مؤسسات الدولة، وما إذا كانت بعض قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحالية لديها طموحات رئاسية.
  • ثالثًا: عدد من القوى المدنية وعدد من المثقفين الذين انضووا تحت لواء ما بات يعرف بـ "لجان الحكماء"، وهناك على الأقل اثنتان من هذه اللجان.
  • رابعًا: أحزاب المعارضة الرسمية التي لا تحظى بشرعية شعبية حقيقية.

 بعد تحقق هدفها الأول والأساس (إسقاط نظام حسني مبارك)، يبقى للثورة الشعبية المصرية أهداف عدّة تسعى لتحقيقها، من أهمها:

  • وضع عقد اجتماعي جديد عبر الانتقال من الصيغة السلطوية للحكم إلى صيغة ديمقراطية.
  • تغيير الطريقة التي تدار بها المؤسسة الأمنية في مصر، وتقليص نفوذها السياسي، الذي تنامى بشكل فاضح خلال فترة حكم مبارك، وبالتالي تحقيق الانتقال من "الدولة البوليسية" إلى "دولة القانون".
  • تقليص دور المؤسسة العسكرية في حكم مصر، وتغيير موازين القوى في العلاقة بين المدني والعسكري لصالح المدني.

[1] يبين تقرير لمركز الأرض أن الاحتجاجات في عام 2009 شملت 432 موقعا بالقطاعات الثلاثة (الحكومى ، الخاص والأعمال العام)، حيث شملت احتجاجات العاملين بقطاع الهيئات الحكومية 189 موقعا، بينما احتجاجات القطاع الخاص 176 موقعا، يليها احتجاجات قطاع الأعمال العام بـ67 موقعا. وتنوعت أشكال احتجاجات العمال فى القطاعات الثلاثة، حيث بلغ عدد حالات التجمهر 180 حالة، والاعتصام 126 اعتصاماً، والإضرابات 84  إضراباً، والتظاهر 42 حالة.