بدون عنوان

بدعوة من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات - بيروت، وبالتعاون مع الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية، عُقدت في المركز العربي نهاري 8 و9 كانون الأول/ ديسمبر 2016، حلقة دراسية بعنوان "الجامعات الحكومية العربية: نظرة تاريخية".


قُدِّمت في الحلقة أوراق بحثية من 11 بلدًا عربيًا. وشارك في الحلقة المغلقة أكثر من 20 باحثًا وأستاذًا جامعيًا ومختصًا بمجال التربية، وجرت مناقشة الأوراق البحثية ذوات الشأن، كما نوقشت قضايا أخرى متعلقة بالتعليم الجامعي العربي.

تأريخ كرونولوجي

في الكلمة الترحيبية التي ألقاها مدير المركز - فرع بيروت خالد زيادة، ذكر أن هذه الحلقة الدراسية هي حصيلة تعاون بين المركز والهيئة اللبنانية للعلوم التربوية. وهي تهدف إلى تبادل المعطيات المنهجية بين الباحثين. ثم بدأ المشاركون في تقديم أوراقهم البحثية حول التعليم الجامعي العربي الحكومي، وقد تناولوه تناولًا تأريخيًا كرونولوجيًا في كل من البلدان العربية الـ 11 التي شارك باحثون منها في تقديم الأوراق؛ وهي تونس، والمغرب، ولبنان، والسودان، ومصر، وسورية، والأردن، وليبيا، والكويت، وعُمان، واليمن. وتمحور التأريخ الكرونولوجي للجامعات الحكومية، في كل من هذه البلدان، في العناوين الأساسية التالية:

- نشأة الجامعات الحكومية والتعليم الجامعي الحكومي، وملابسات هذه النشأة قانونيًا وإداريًا، في السياقات السياسية-الاجتماعية لكل بلد.

- متابعة المراحل والمنعطفات الأساسية التي عرفتها الجامعات الحكومية والتعليم الجامعي.

- صلة الجامعات بالدولة والمجتمع والتحولات السياسية والاجتماعية.

- التحولات القانونية والإدارية والأكاديمية التي شهدتها الجامعات والتعليم فيها.

- مراحل توسع التعليم الجامعي وتكاثر اختصاصاته وكلياته ومعاهده وفروعه.

- نشأة الحركات الطلابية في الجامعات، وتحولات هذه الحركات أيديولوجيًا وسياسيًا، وتأثيرها في الصراعات الاجتماعية والسياسية.

شكّلت الأوراق البحثية المقدّمة في الحلقة، وكذلك المناقشات التي دارت حولها، عرضًا تأريخيًا استقصائيًا، بانوراميًا موثقًا، لمسارات التعليم الجامعي العربي الحكومي الحديث، منذ نشأته الأولى في الحقبة الاستعمارية والانتدابية إلى اليوم، مرورًا بحقبة الاستقلالات وقيام الدول الوطنية، وبحقبة الانقلابات العسكرية ونشأة الأنظمة الديكتاتورية، وصولاً إلى حقبة ثورات الربيع العربي، بحسب كل بلد من البلدان العربية.

وقدمت الأوراق البحثية أيضًا صورة ومعلومات موجزة عن التعليم التقليدي الإسلامي المصادر، السابق على التعليم الحديث الوافد من الغرب، والمنبثق من الثقافة الغربية ومناهج تفكيرها.

كان المنهج المتبع في الأوراق البحثية، استقصائيًا وصفيًا، وقدّم معطيات ومعلومات ومصادر حول الجامعات العربية الحكومية أو الرسمية. واللافت في هذه الأوراق أنها تبّين الارتباط الوثيق، بل العضوي بين الجامعات والتعليم الجامعي وبين الحقب والمراحل السياسية-الاجتماعية-الثقافية التي عاشتها البلدان العربية من القرن العشرين إلى اليوم. وبهذا المعنى، تصلح الأوراق البحثية لتكون دليلاً تأريخيًا مرجعيًا على تطور التعليم الجامعي العربي وتحولاته، وعلى نشأة الحركات الطلابية وتحولاتها، وعلى تكوّن النخب الثقافية والاجتماعية، على المدى الطويل.


تونس

من تونس قدم الباحث محمد ضيف الله ورقة عن الجامعة التونسية بين السلطة والمجتمع (1960-2016)، خلص فيها إلى تزامن تأسيس الجامعة التونسية مع الاستقلال، وإرساء دولة الرعاية التي تدخلت في تسيير شؤون الجامعة وتحديد أهدافها ومسارها؛ لتخريج نخب حديثة في مجالات مختلفة. ولاحظ الباحث أن الجامعة التونسية أدّت دور"المصعد (الارتقاء) الاجتماعي" للمتعلمين طوال ثلاثة عقود (1960-1990). وذلك عبر تشغيل الخريجين الجامعيين مدرسين في مراحل التعليم ما قبل الجامعي، وموظفين في مختلف إدارات الدولة. لكنْ في ثمانينيات القرن العشرين، بدأت تتوقف آلية استيعاب المتخرجين الجامعيين واحتوائهم. فتفاقمت ظاهرة الجامعيين العاطلين عن العمل في التسعينيات، حتى بلغت نسبتهم 26 في المئة، في العام 2016.


المغرب

قدّم الباحث محمد الفران في ورقته البحثية صورة عن الجامعة المغربية الرسمية، جامعة محمد الخامس، منذ نشأتها، في بدايات القرن العشرين. وهي أول جامعة في المغرب الحديث، وتخرج فيها معظم كبار المسؤولين في الدولة المغربية. واللافت أن هذه الجامعة تضم، إلى الاختصاصات بفروعها المختلفة، معهدًا للدراسات الأفريقية (1987)، ومعهدًا للدراسات الإسبانية والبرتغالية. أما الحركة الطلابية المغربية فنشأت في العام 1912، وبلغت ذروتها في مطلع الستينيات، تضامنًا مع الثورة الجزائرية. وفي ترتيب الجامعات وتصنيفها دوليًا من حيث الأهمية؛ ورد اسم جامعة محمد الخامس ضمن الجامعات المرموقة عالميًا. وهي تحتل المرتبة الرابعة في أفريقيا.


لبنان

قدّم الباحث عدنان الأمين ورقة عنوانها "الجامعة اللبنانية تحت وطأة التحولات السياسية". فأشار إلى أن وصول أول صوت طالب بإنشاء الجامعة اللبنانية الرسمية أو الحكومية، صدر عن الجامعة اليسوعية (القديس يوسف). وهو صوت طالب في اليسوعية وُصف بأنه أول شهيد من أجل إنشاء جامعة لبنانية وطنية. قسّم الأمين تطور الجامعة إلى حقب زمنية. فبعد الحقبة الأولى (المطالبة اليسوعية)، يأتي زمن "الشغب" الطلابي (1959-1967)؛ وهو زمن الحركة الطلابية الناشطة في لبنان، ما قبل زمن مأساة الجامعة اللبنانية (1967-1975)، والذي امتد فيه زمن "الشغب" الطلابي، تمهيدًا للحرب الأهلية في لبنان.

أما زمن التفكك في الجامعة اللبنانية (1975-1990)، وهو زمن الحرب الأهلية، فيليه الزمن السوري ووصايته على لبنان (1990-2005)، وصولاً إلى الحقبة السادسة والأخيرة، وهي الزمن الشيعي. وفي كل من هذه الأزمنة الجامعية عرض الباحث كيفية إدارة شؤون الجامعة وملابساتها السياسية والإدارية، وتركيب هيئتها الأكاديمية والتعليمية، ونشاط الحركة الطلابية.


السودان

أما الباحث عبد المنعم محمد عثمان فقدم ورقته عن جامعة الخرطوم، أقدم الجامعات السودانية، وهي من الجامعات الأفريقية العريقة. وعالجت الورقة أوضاع الجامعة في حقب سياسية سودانية أربع؛ الحكم الأجنبي، والحكم الذاتي، والحكم الديمقراطي، والحكم العسكري الشمولي بأنواعه المتعددة المتلاحقة. أما محاور البحث فتوزعت على الحوكمة في الجامعة وهياكلها وعلاقتها بالحكومة، وتطور الحركات الطلابية السياسية في الجامعة، بأنشطتها وآثارها، والمعالم والتطورات الأكاديمية البارزة في مسار الجامعة. هذا، وقد عرضت الورقة الاتجاهات الفكرية والأدبية والعلمية في جامعة الخرطوم.


مصر

"جامعة القاهرة تاريخًا وسيرة"، هو عنوان الورقة البحثية للباحث كمال مغيث. والمعروف أن جامعة القاهرة أقدم الجامعات العربية وأعرقها. وكان جرجي زيدان من أوائل من دعوا إلى إنشاء جامعة في مصر في العام 1896. وعرضت الورقة تأسيس جامعة "أهلية" وطنية في العام 1906، ليتم افتتاحها في العام 1908. أما الجامعة المصرية الحكومية فنشأت العام 1925، برئاسة علي ماهر وزير المعارف. وبعنوان "الجامعة وثورة يوليو (1952)" التي أقرّت ونفذت مجانية التعليم الجامعي وسواه في مصر، عرض الباحث تطورات التعليم الجامعي في مصر في عهد عبد الناصر والسادات ومبارك، وصولاً إلى ثورة يناير الأخيرة (2011)، ومرورًا بنشاطات الحركة الطلابية المصرية ونضالاتها الوطنية في السبعينيات.


سورية

قدّم الباحث السوري عمار السمر، ورقته عن جامعة دمشق، بوصفها أول جامعة حكومية في العالم العربي. وقد مهد لذلك بعرض مسهب عن أحوال التعليم في زمن التنظيمات العثماني. وفي عهد الحكومة العربية الأولى في دمشق (1918-1920)، بدأت تنشأ في دمشق معاهد تعليم عالٍ، للطب (1918)، والحقوق (1919). وكانت هذه النواة الأولى لجامعة دمشق. وقسم الباحث الحقب اللاحقة للتعليم الجامعي في سورية إلى الحقبة الانتدابية، والحقبة الاستقلالية، والحقبة البعثية، ثم حقبة حكم حافظ الأسد.


الأردن

"تاريخ الجامعة الأردنية" هو عنوان ورقة الباحث نسيم برهم، ويعكس هذا التاريخ التحولات الاجتماعية والسياسية للملكة الأردنية، ويحمل في طياته نزعة نحو المركزية والتنظيم الهرمي في الإدارة الجامعية. ويتقصى البحث ثلاث مراحل في تاريخ الجامعة الأردنية؛ التأسيس، والنمو، والاستقرار. وإذا كانت الجامعة الأردنية قد تأسست عام 1926، فإنها شهدت نموًا وتزايدًا في عدد الكليات والطلاب في الثمانينيات. وعرض الباحث العلاقة بين النظام السياسي الأردني وبين النظام الاجتماعي العشائري، وانعكاسات ذلك على التعليم الجامعي الذي يتعرض لتدخلات عشائرية في إدارة شؤون الجامعة.


ليبيا

أما ورقة الباحث محمد صالح فرج رحيل من جامعة بنغازي فعنوانها "الجامعة الليبية: 60 عامًا من مسيرة أمة"، وقد تضمنت نظرة تحليلية نقدية لمسيرة جامعة بنغازي؛ الجامعة الأولى في الدولة الليبية المعاصرة. واعتمد الباحث تحقيبًا سياسيًا للمراحل التاريخية التي عرفتها الجامعة قسمه إلى ثلاث حقب؛ الملكية، وحقبة معمر القذافي، وحقبة الثورة منذ 2011. ويربط العرض بين تاريخ الجامعة وتاريخ المجتمع، انطلاقًا من فكرة العلاقة العضوية بين الجامعة والدولة.

أما العناوين الفرعية فتتناول الهيكلية الإدارية والمعالم الأكاديمية، والبرامج والنشاطات الثقافية، والحركات السياسية والفكرية في جامعة بنغازي.


الكويت

الباحث فوزي أيوب، وهو مختص بالتربية في الجامعة اللبنانية، قدم ورقة عن مسيرة جامعة الكويت في خمسين عامًا. فأشار إلى ان هذه الجامعة من أقوى الجامعات من حيث الموارد والإمكانات والكليات والتخصصات وعدد الأساتذة. وبين سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته، عاشت جامعة الكويت حقبة انفتاح ليبرالي على الصعيد الأيديولوجي، لا تنقصه الملامح التقدمية والتحررية. لكن بعد الغزو العراقي للكويت (1990)، تغيرت ملامح هذه الجامعة إداريًا وأكاديميًا، فبدأت تشهد تراجعًا تدريجيًا في السنوات الخمس الأخيرة.

ويتمثل التحدي الذي تواجهه الجامعة الكويتية، بأنها لم تشق طريقًا يمكّنها من أداء دور مشهود في قيادة المجتمع.


عُمان

قدّم الباحث سيف بن ناصر المعمري ورقته بعنوان "جامعة السلطان قابوس: التحولات والتطورات"، وقد سلطت الضوء على جوانب السياسة الحكومية والحزبية في مسيرة الجامعة، وعلاقتها بالموارد وسوق العمل والعمل النقابي المهني لكل من الأساتذة والطلاب. وقدمت الورقة إحصاءات عن أعداد الطلاب والمدرسين، وتطور هذه الأعداد في حقب زمنية مختلفة.


اليمن

أما الباحث طارق عبد الله المجاهد، فقدّم ورقته عن جامعة صنعاء (1970-2016)، موزعًا اهتمامه على نشأة الجامعة، وتطورها، والتحديات التي واجهتها، راصدًا عوامل النشأة والتحول من التعليم التقليدي إلى الحديث على الصعيد الجامعي (1970)، وكذلك مسارات التطور في التعليم الجامعي في المدّة بين عامَي 1970 و1990، والمواجهة التي حصلت بين أنصار كل من التعليم الديني والحديث. أما العلاقة بين الجامعة والحكومة وتأثيرها في التعليم الجامعي وإدارته، فحظيت برصد تأريخي موثق.

وقد كان للحركة الطلابية الجامعية، والهيكلية الإدارية لجامعة صنعاء، وواقع الجامعة في ظل الخطط الخمسية الحكومية، حضورها في متن البحث ومادته ومراجعه.


المشاركون

ليس ما تقدم عرضه هنا سوى عناوين وشذرات موجزة مما تضمنته الأوراق البحثية المختلفة. وإلى جانب المشاركين بأوراقهم البحثية، حضر الحلقة الدراسية نخبة من المختصين والمدرسين الجامعيين في لبنان، فشاركوا في المناقشات والتعليقات على الأوراق البحثية. ومع مدير المركز العربي للأبحاث - فرع بيروت، خالد زيادة، شارك كل من: فريدريك معتوق، ومنير بشور، وساري حنفي، ومارلين نصر، وجومانا كيال، وفارس أشتي، وعلي الموسوي، وهلا عواضة، وهيفاء جابر، وطوني جرجس.