بدون عنوان

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الثاني والسبعون من الدورية العلمية المحكّمة "سياسات عربية"، التي تُعنى بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، وتصدر كل شهرين. تضمّن العدد مجموعة من الدراسات التي تناولت قضايا سياسية متنوّعة، من بينها: تحولات حقوق الإنسان في مصر، والدور السياسي للمحكمة الدستورية الفلسطينية، والانتقال السياسي في سورية، والعلاقات القطرية – الصينية، والبارادبلوماسية ووظيفة الدولة الخارجية. واشتمل على ترجمةٍ، وتوثيق لأهم محطات الصراع العربي – الإسرائيلي، وأبرز مراحل التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي ووثائقه، إلى جانب مراجعة كتاب.

يؤكد معتز الفجيري، في دراسته بعنوان "النشاط العابر للحدود وتحولات حقوق الإنسان في مصر بعد انقلاب عام 2013"، أنّ النظام العالمي لحقوق الإنسان مثّل مساحة لمقاومة التسلطية في مصر، وأنّ أهميته تصاعدت مع التقييد الواسع للحقوق المدنية والسياسية، وانتقال كثير من ناشطي حقوق الإنسان والمشتغلين بالعمل السياسي، اضطراريًا أو اختياريًا، إلى العيش في المهجر. ويخلص إلى أنّ استجابة الحكومة المصرية لضغوط الشبكات العابرة للحدود تكشف عن شبكة من العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، وخطابات مضادة مكّنت النظام من الحدّ من تأثير تلك الشبكات الدولية. وينتهي إلى أن استجابة الحكومة للضغوط تعكس نهجًا يقوم على تبنّي إصلاحات شكلية محدودة لكسب الوقت، وتهدئة الضغوط الدولية، وصرف الانتباه عن سجلّها الحقوقي مع إضعاف المعارضة ومطالبها.

ويجادل رشاد توام ومحمود أبو صوي، في دراستهما بعنوان "فوق الهرم: القيمة القانونية لإعلان الاستقلال الفلسطيني في ضوء الدور السياسي للمحكمة الدستورية"، بأنّ المحكمة الدستورية الفلسطينية، في قرارها الصادر عام 2018 بمنح إعلان الاستقلال الفلسطيني لعام 1988 الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية مكانة "فوق دستورية" تعلو على القانون الأساسي الصادر عن المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية، تجاوزت نطاق اختصاصها التفسيري. ويرى الباحثان أنّ هذا التجاوز يُضفي على القرار أبعادًا سياسية تستهدف تعزيز شرعية السلطة عبر استدعاء الشرعية الرمزية للمنظمة. ويخلصان إلى أنّه كان يجب اعتبار هذا الإعلان وثيقة دستورية مرجعية ذات قيمة رمزية وتاريخية تؤطّر المسار الوطني، ولا تتفوّق على القانون الأساسي الذي ينظّم عمل مؤسسات السلطة الفلسطينية.

ويناقش عماد العلي، في دراسته بعنوان "الانتقال السياسي في سورية: بناء الدولة وإصلاح المؤسسة السياسية، تحديات وآفاق"، تعقيدات الانتقال السياسي في سورية ومستقبله، بعد سقوط نظام بشار الأسد. ويرى أن دراسات الانتقال السياسي ونظرياته السائدة تركز على التحول الديمقراطي، بينما يفترض الانتقال السياسي في سورية معالجة جذرية للعناصر المكوّنة للمجال السياسي، وهي: الدولة، والنظام السياسي، والمجتمع. وبدلًا من ذلك، يطرح العلي نموذجًا للتفاعل السياسي، يتناسب مع خصوصيات الحالة السورية، ويهدف إلى تعزيز إنتاج ثقافة سياسية جمعية تنظر إلى السياسة بوصفها مفهومًا وممارسة في آن واحد. ويخلص إلى أنّ نجاح الانتقال السياسي يقتضي إصلاح النظام السياسي والاجتماعي عبر إعادة تنظيم العلاقة بين الدولة والسلطة والمجتمع، بما يتيح بناء مجال سياسي جديد قائم على التفاعل المستمر، ويُنهي في الوقت ذاته حالة تغريب المؤسسة السياسية عن المجتمع.

ويركّز محمد صالح المسفر، في دراسة له بعنوان "الصين وعلاقاتها الخارجية من خلال محدد ثقافتها الاستراتيجية: العلاقات الصينية - القطرية نموذجًا (1988-2024)"، على مفهوم القوة الناعمة لتفسير علاقة الصين وقطر، بخاصة في المجال الاقتصادي. ويرى أنّ الدولتين تسعيان إلى تطوير هذه الشراكة بما يتلاءم مع استراتيجية الصين المتعلّقة بمشروع "الحزام والطريق" ورؤية قطر الوطنية 2030. ويبين أنّ الصين تدرك الدور الفاعل الذي تؤديه قطر في الوساطة وحلّ النزاعات والتنمية والاستثمارات، فضلًا عن أهميتها الحيوية بوصفها مصدرًا أساسيًا للطاقة، لا سيما الغاز الطبيعي. وفي المقابل، ترى قطر في الصين دولة صاعدة وتدرك إسهامها في مشاريعها الاستراتيجية في مجالات البنية التحتية والتقنية والزراعة والأمن الغذائي والمياه.

أمّا إيناس عبد السادة علي وحيدر صباح كاظم، في دراستهما بعنوان "البارادبلوماسية ووظيفة الدولة الخارجية: تكيّف أم إعادة هيكلة؟"، فيبحثان مفهومًا صاعدًا في العلاقات الدولية هو البارادبلوماسية، بما يطرحه من تحديات جديدة أمام نظام الدولة الذي تأسس مع معاهدة وستفاليا وشكّل الأساس الذي يقوم عليه النظام الدولي الحديث. ويرى الباحثان أنّ السياسة العالمية خلال العقدين الأخيرين شهدت تحولات في بنى الفواعل الدولية وأنماط تفاعلها، من أبرزها صعود الحكومات اللامركزية، ما أتاح لها تعزيز مصالحها الاقتصادية والثقافية والسياسية، والمشاركة إلى جانب الحكومة المركزية في إدارة الشؤون الخارجية. ويخلصان إلى أنّ هذا المفهوم يفتح المجال لتصوّر نظام حوكمة عالمية متعدد المستويات والطبقات، لا يقتصر على الدولة القومية بوصفها فاعلًا مركزيًا، بل يشمل أيضًا فواعل أخرى، ويشيران إلى أنّ ذلك يمثّل انتقالًا من هيكل هرمي تقليدي إلى فضاء حوكمة يعكس طبيعة النظام الدولي المعاصر القائم على التشابك والتداخل.

وفي باب "دراسة مترجمة"، نُشرت ترجمة أحمد قاسم حسين لدراسة ألكسندر ونت "مشكلة الفاعل - البنية في نظرية العلاقات الدولية". أما باب "التوثيق" فتضمّن أهم "محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي" ووثائقه، و"الوقائع الفلسطينية" في المدة 1 تشرين الثاني/ نوفمبر - 31 كانون الأول/ ديسمبر 2024. وفي باب "مراجعات الكتب"، قدّمت هيبة عامير مراجعة لكتاب "الجغرافيا السياسية للرياضة" لباسكال بونيفاس.

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.