موازين القوة في الحرب التجارية الكبرى: الرابح والخاسر بين واشنطن وبيجين
تحليلات اقتصادية 21 أغسطس ، 2025

موازين القوة في الحرب التجارية الكبرى: الرابح والخاسر بين واشنطن وبيجين

رعد محمود التل

رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الأردنية. حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة أبردين بالمملكة المتحدة. متخصص في الاقتصاد الكلي والنقدي والنمذجة الاقتصادية. عمل مستشارًا اقتصاديًّا في الديوان الملكي، وشارك في إعداد النموذج الاقتصادي الكلي لرؤية التحديث الاقتصادي، وشغل مهمّات متعدّدة موجِّهًا ومدرِّبًا اقتصاديًّا في مؤسسات محلية ودولية. عضو في لجان علمية، ومحكّم في مجلات اقتصادية، وباحث اقتصادي، وناطق رسمي في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد. حصل على دورات متخصصة من صندوق النقد الدولي، ونشر أبحاثًا علمية محكّمة. يكتب مقالات اقتصادية أسبوعية في صحيفتَي "الرأي" وJordan Times، وكتب سابقًا في صحيفة "الغد".

مقدمة

شهدت السنوات الأخيرة صراعًا تجاريًّا محتدمًا بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، وقد أثّر هذا الصراع كثيرًا في شكل النظام الاقتصادي الدولي وطبيعته. فالتنافس الاقتصادي تعدّى المواجهة المقتصرة على الرسوم الجمركية، لتتطور وتصل إلى تنافس استراتيجي متعدد الوجوه والأبعاد؛ ومن ثمّ شمل البعد التكنولوجي والطاقة وسلاسل التوريد، إضافةً إلى النفوذ والهيمنة الجيوسياسيَّين. وفي زيارة للرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لبيجين، في نيسان/ أبريل 2017، اتفق مع الرئيس الصيني شي جين بينغ على بدء محادثات تجارية مدتها 100 يوم تسعى من خلالها الولايات المتحدة للحدّ من عجزها التجاري مع الصين[1]. وفي عام 2018، ومع رؤية الولايات المتحدة أنّ المحادثات لم تؤدِّ إلى الهدفِ المرجوِّ منها، وتقديرها أن ما تسميه "سطوة الصين" على التكنولوجيا المبتكرة والملكية الفكرية قد وصل إلى 600 مليون دولار سنويًّا، وأنّ الحكومة الصينية تعمل على إغراق الأسواق العالمية بالبضائع المنخفضة السعر، قررت فرض التعرفات الجمركية لحماية اقتصادها. ومن الواضح أن القلق الأميركي تجاه الموضوع تضاعف مع تزايد فجوة العجز التجاري التي تسجلها الولايات المتحدة مع الصين.

بدأت الولايات المتحدة بفرض أول دفعة من التعرفات الجمركية في بداية عام 2018. ففي 22 آذار/ مارس 2018، وقّع الرئيس ترمب المذكرة الرئاسية عدد 301 التي يزعم أنها تحدُّ من "الاعتداء" الاقتصادي الصيني وكل أشكال التجارة الدولية غير العادلة[2]. وتمثلت الدفعة الأولى من العقوبات في تعرفات بنسبة 25% على بضائع صينية قيمتها 50 مليون دولار. وفي مقابل ذلك، ردّت الصين على هذه التعرفات في تموز/ يوليو 2018، بمجموعة من التعرفات وصلت قيمتها إلى 34 مليون دولار، وقد شملت 545 من أنواع البضاعة الأميركية[3]. وتطورت هذه "المناوشات التجارية" لتصبح سلسلة متبادلة من جولات الزيادة في الرسوم والتعرفات، وتواصلت تداعياتها إلى الوقت الراهن.


[1] “A Timeline of US-China Tit-for-Tat Tariffs Since Trump’s First Term,” AP News, 10/2/2025, accessed on 10/8/2025, at: https://acr.ps/1L9GPys

[2] "تصريحات للرئيس ترامب في خلال توقيع مذكرة رئاسية تستهدف الاعتداء الاقتصادي من الصين"، وزارة الخارجية الأميركية، 22/3/2018، شوهد في 10/8/2025، في: https://acr.ps/1L9GPL7

[3] Ana Swanson, “Trump’s Trade War with China Is Officially Underway,” The New York Times, 5/7/2018, accessed on 10/8/2025, at: https://acr.ps/1L9GPkc