الموقف الأميركي من سباق التسلح بين مصر وإسرائيل (1955-1967)

01 مارس،2018
المؤلفون

تبحث سلوى صابر في كتابها الموقف الأميركي من سباق التسلح بين مصر وإسرائيل (1955-1967)، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، موقف الولايات المتحدة من سباق التسلح بين هاتين الدولتين، بين توقيع اتفاقية مصر الأسلحة التشيكية (1955)، والنكسة (1967).

ميزة هذا الكتاب (تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة في 376 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) تناولُهُ التطور التاريخي للسياسة الأميركية تجاه سباق التسلح. فعلى الرغم من تعدد الدراسات التي تناولت العلاقات الأميركية - المصرية والعلاقات الأميركية - الإسرائيلية والصراع المصري – الإسرائيلي واختلافها، فإنها ما درست الموقف الأميركي تجاه سباق التسلح بين مصر وإسرائيل بشكل وافي، ولا أحصت الأسلحة المختلفة الموجودة في البلدين.

من الهدنة إلى "الثلاثي"

في التمهيد للكتاب، وهو بعنوان الموقف الأميركي من تسليح مصر وإسرائيل عقب اتفاقية الهدنة في عام 1949 وحتى شباط/فبراير 1955، تعرض صابر للمحاولات المصرية والإسرائيلية للتسلّح عقب توقيع اتفاقية الهدنة، وموقف الولايات المتحدة من البيان الثلاثي (1950)، ومن تسليح مصر بعد ثورة 1952، وموقف إدارة الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور من تسليح مصر وإسرائيل، خصوصًا تسليح مصر بعد اتفاقية الجلاء المصرية – البريطانية (1955). تكتب: "مع بداية عام 1955، ظهرت استراتيجيا جديدة داخل الإدارة الأميركية، تمثلت في ربط تقديم مساعدات عسكرية لمصر بتعاونها في مشروع السلام الأميركي - البريطاني المسمى مشروع ألفا؛ إذ تصورت واشنطن أن تقديم مزايا مادية متمثلة في منح عسكرية يمكن أن يحفز عبد الناصر على التعاون في سبيل تسوية النزاع العربي - الإسرائيلي، خصوصًا مع إدراك الولايات المتحدة حاجة عبد الناصر إلى الأسلحة لتدعيم موقفه السياسي داخل مجلس قيادة الثورة".

أما في الفصل الأول، الموقف الأميركي من سباق التسلح بين مصر وإسرائيل من عام 1955 وحتى نهاية ولاية أيزنهاور في عام صفقة الأسلحة التشيكية وآثارها في توازن القوى بين مصر وإسرائيل، فتبحث صابر في الموقف الأميركي من سباق التسلح بين مصر وإسرائيل من عام 1955 حتى عام 1961 ، باحثة في المماطلات الأميركية في الاستجابة لطلبات التسليح المصرية عقب غارة غزة، واضطرار الرئيس المصري جمال عبد الناصر إلى التوجه إلى دول أوروبا الشرقية وعقده صفقة الأسلحة المصرية – التشيكية(1955) التي تعتبر البداية الفعلية لسباق التسلح بين مصر وإسرائيل. بحسبها، حاولت الولايات المتحدة تجاوز صدمة هذه الصفقة وإعادة مصر إلى الحظيرة الغربية، فتفاوضت معها على تمويل السد العالي ورفضت طلبات التسلّح الإسرائيلية، موافقةً في الوقت ذاته على قيام فرنسا وكندا بتسليح إسرائيل. كما استغلت إسرائيل رغبة بريطانيا وفرنسا في ضرب عبد الناصر بعد تأميمه قناة السويس، وفي تحطيم الجيش المصري قبل استيعابه الأسلحة السوفياتية. وبعد فشل العدوان الثلاثي (1956)، وافقت أميركا على إمداد إسرائيل بمدافع لاإرتدادية (1958) وأجهزة إنذار مبكر (1960).

من كينيدي إلى جونسون

في الفصل الثاني، كينيدي ومحاولة احتواء سباق التسلح بين الجمهورية العربية المتحدة وإسرائيل القرار الأميركي ببيع صواريخ "هوك" لإسرائيل، تتناول صابر الموقف الأميركي من التطور النووي والصاروخي في كل من إسرائيل والجمهورية العربية المتحدة الولايات المتحدة ومحاولة الحد من التسلح في عهد الرئيس الأميركي جون كينيدي الذي اعتماد نوع من التأييد المتوازن بين إمداد إسرائيل بالمساعدات العسكرية المتمثلة في تزويدها بصواريخ "هوك" (1962)، والمساعدات الاقتصادية لمصر، مع محاولته استكشاف المشروع النووي الإسرائيلي المتمثل في مفاعل ديمونا في النقب وتحجيمه، وإطلاق أولى المبادرات الأميركية للحد من التسلح بين العرب وإسرائيل، لكن السياسة الأميركية تغيرت بعد اغتيال كينيدي (1963).

تتكلم صابر في الفصل الثالث، جونسون وسياسة بيع الأسلحة لإسرائيل، على انحياز الرئيس الأميركي ليندون الصارخ لإسرائيل، وعقده صفقات الأسلحة معها: صفقة دبابات "باتون" (1965)، وصفقة طائرات "سكاي هوك" (1966)، بعد فشله في تحجيم مشروعاتها النووية. تكتب: "ساهمت حرب 1967 في سقوط جميع الأقنعة التي حاولت الولايات المتحدة استخدامها لتبرير مساندتها ودعمها إسرائيل عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا، حيث أن إسرائيل استطاعت الحصول على أسلحة أميركية في الوقت الذي قامت فيه بتطوير برنامجها النووي والصاروخي، تحت مرأى ومسمع من الحكومة الأميركية التي عجزت عن إيقافه". كما تناولت صابر الموقف الأميركي من الصفقة الألمانية – الإسرائيلية، واستمرار محاولات أميركا للحد من التسلح المصري.

في الخاتمة، تتحدث الباحثة عن اعتمادها على الوثائق الأميركية المتمثلة في وثائق وزارة الخارجية الأميركية، ووثائق الرئيس الأميركي حون كينيدي التي تزخر بمادة على درجة كبيرة من الأهمية ولاغنى عنها في تتبع المناقشات التي دارت داخل الإدارة الأميركية بشأن موضوع سباق التسلح موضوع البحث. قالت صابر: "أما الوثائق العربية التي كان من أهمها وثائق الخارجية المصرية المحفوظة بدار الوثائق القومية، فتم الاستفادة منها في حدود البحث وفي حدود فترة زمنية قصيرة، نظرًا إلى أن تاريخ الوثائق يتوقف فعليًا عند عام 1960". كما اعتمدت صابر على كتب ومراجع عربية وأجنبية عدة، كانت على قدر كبير من الأهمية وذات صلة مباشرة بموضوع البحث، إضافةً إلى بحوث عربية وأجنبية في دوريات علمية عدة.

اقــرأ أيضًــا

فعاليات