بدون عنوان

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الثالث والستون من الدورية العلمية المحكّمة "سياسات عربية"، التي تعنى بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، وتصدر كل شهرين. ضمّ العدد دراسات عن الثقافة السياسية العربية في عصر الإنترنت، والسياسة الخارجية لدول الخليج العربية، والقبيلة في ليبيا، وتضمّن توثيقًا لأهمّ محطات الصراع العربي – الإسرائيلي، وأبرز محطات التحول الديمقراطي في الوطن العربي ووثائقه، ومراجعتَي كتاب.

افتُتح العدد بدراسة لحسن احجيج بعنوان "تحديات الشبكات الاجتماعية الرقمية لنظرية الثقافة السياسية الكلاسيكية"، كشف فيها عن الدور المركزي الذي تؤديه تكنولوجيا الاتصال الرقمية في توسيع نطاق المشاركة السياسية، من خلال السماح لمعظم الفئات الاجتماعية بالتعبير عن آرائها ومواقفها من القضايا. وأشار إلى أن تكنولوجيا الاتصال الرقمية شأنها شأن وسائل التواصل الاجتماعي باتت جزءًا أساسيًا من المجال العام، وأنها تغذّي الحوار العامّ، وأصبحت قوة رئيسة في الثقافة السياسية من خلال تمكين الجمهور من البقاء على اطّلاع على القضايا المهمة، وتعزيز المعرفة الاجتماعية والتقييم النقدي للأحداث العامة. مع ذلك، يعتقد احجيج أنّ هذه الوسائل أنتجت تمييزات على مستويات مختلفة، أبرزها "الفجوة الرقمية"، ولا سيما بين من يتوفرون على القدرة على امتلاك الوصول إلى تكنولوجيا الاتصال الرقمية والتأثير فيها وصناعتها، ومن لا يتوفرون عليها.

وعلى المنوال نفسه، قدّمت مروة فكري وعمرو عثمان في دراستهما بعنوان "شبكة الإنترنت والثقافة السياسية ومفارقة الذاكرة الجمعيّة: حالة ثورة 25 يناير 2011 المصرية"، مدخلًا جديدًا لدراسة أثر شبكة الإنترنت في الثقافة السياسية، مبينَين أنّ تطوّر شبكة الإنترنت قد يحدّ من دور الدولة والنخبة في تشكيل الثقافة السياسية، لكنه قد يزيد أيضًا حدّة الاستقطاب السياسي والاجتماعي وإضعاف ثقافة التسامح مع الآخر وفرص تحقيق المصالحة المجتمعية. وبالتركيز على ثورة 25 يناير المصرية والذاكرة الجمعية حولها، يعتقد الباحثان أنه على الرغم من كل محاولات التهميش والتشويه التي تعرّضت لها الثورة، أتاحت شبكة الإنترنت الحفاظ على ذكرها بوصفها تأصيلًا لثقافة رفض القمع والظلم والاستبداد والمهانة، بيد أنها أدّت أيضًا إلى تغذية مناخ الاستقطاب والغضب العاطفي وتعزيز مشاعر الانقسام وعدم الثقة بين الأفراد.

أمّا هاني موسى في دراسته بعنوان "القبلية والجهوية وتعثّر بناء الدولة الحديثة في ليبيا"، فيناقش معوّقات استكمال بناء الدولة الحديثة في ليبيا، ومدى تأثير العامل الجهوي ودراسة موقع القبيلة في عرقلة بنائها، منطلقًا من فرضية أساسية، مفادها أنّ ليبيا تعثّرت، ولم تسلك مسارًا تدريجيًا في تكوين الدولة الحديثة، ولم تجتز مراحل التحوّل السياسي اللازمة لذلك؛ ما جعلها تبقى حبيسة ولاءات ضيّقة تقطع الطريق على تعزيز الانتماء إلى الدولة. ويعتقد موسى أنّ مسار بناء الدولة المتعثّر، ارتبط بمحددات قبلية وجهوية وثقافية سياسية، تقاطعت مع عوامل خارجية. مع ذلك، يعتقد أنه دائمًا ثمة فرصة للخروج من الأزمة الليبية الراهنة، وبناء ليبيا جديدة، وذلك من خلال الترفّع عن الخلافات القائمة، وفتح صفحة جديدة، والانطلاق إلى المستقبل برؤية وطنية جامعة وعقد اجتماعي جديد، والمصالحة الوطنية.

ويناقش وديع العرابيد في دراسته بعنوان "نهج دول الخليج المانحة عبر الرابطة الثلاثية في السياقات الهشة والمتضررة من الصراع: الواقع والتحديات والآفاق" تدفقات المساعدات الخارجية المقدّمة من دول الخليج العربية المانحة للمناطق الهشّة والمتضررة من الصراعات. وقد أظهرت بيانات الدراسة أنّ دول الخليج المانحة قادرة على الاضطلاع بدور رفيع المستوى في المستقبل في تعزيز التنمية والسلام في العديد من المناطق الهشّة والمتضررة من الصراعات. وبيّنت الدراسة الحاجة إلى معالجة التحديات المتعلقة بضعف التنسيق وتبادل البيانات والمعلومات والتحليلات، والتحوّل من التمويل الثنائي إلى التمويل المتعدد الأطراف والمرن، وتوجيه التمويل صراحةً نحو تعزيز نهج الرابطة الثلاثية. ويرى أنّ التغلب على هذه التحديات يمنح دول الخليج فرصة لتقديم نموذج عربي فريد في سياق الرابطة الثلاثية، يعكس تعاونًا عربيًا مستدامًا ومتكاملًا للاستجابة للأزمات.

ويجادل عماد قدورة في دراسته بعنوان "موقع دول الخليج العربية في مبادرة الحزام والطريق الصينية" في أنّ الخليج يقع في صلب اهتمام الصين ومتطلبات مبادرة الحزام والطريق. ويعرض كيفية اندماج كل دولة في مشاريع هذه المبادرة بالتدريج. ويناقش وسائل الغرب ومشاريعه البديلة للردّ على المبادرة وعرقلتها، ومدى انطباق هذه الوسائل على دول الخليج العربية. ويقدّم ملاحظات استنتاجية حول نهج الصين المحتمل، إذا ما عُرقلت المبادرة وتعرّضت مصالحها للضرر، وأثر ذلك في دول الخليج العربية. ويناقش قدورة أنّ المسألة الرئيسة تكمن اليوم في حاجة دول الخليج العربية إلى تحديد أولوياتها بنفسها، ودراسة منافعها الاستراتيجية، الاقتصادية والسياسية والأمنية، قبل الانخراط في هذه المشاريع الكبرى أو المشاريع البديلة للقوى الكبرى المتنافسة؛ لأنّ الانعكاسات المستقبلية تقع بالدرجة الأولى على هذه المنطقة. 

وفي باب "التوثيق" اشتمل العدد على توثيق لأهمّ "محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي"، و"وثائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية"، في المدة 1 أيار/ مايو - 30 حزيران/ يونيو 2023. وفي باب "مراجعات الكتب"، أعدّت بسمة أحمد صدقي الدجاني مراجعة لكتاب "التكوين: ترومان واليهود الأميركيون وأصول الصراع العربي – الإسرائيلي" لجون ب. جوديس، وأعدّت أسماء بن مشيرح مراجعة لكتاب "صراع القوى الكبرى في الهندوباسيفيك: إعادة تخيّل الخريطة الاستراتيجية لآسيا"، لعبد القادر دندن.

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.