العنوان هنا
تقييم حالة 19 ديسمبر ، 2017

مدينة القدس: بين الاستعمار الإسرائيلي والقبول الأميركي

نزار أيوب

حاصل على الدكتوراه في القانون الدولي (معهد الدولة والقانون، موسكو 1998)، والماجستير في إدارة النزاعات والوساطة (جامعة تل أبيب، 2019). محامٍ ينشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، متخصص في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. عمل محاميًا وباحثًا قانونيًّا في مؤسسة «الحق» الفلسطينية في رام الله (2000-2013). له العديد من الدراسات التي تعنى بنظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري في فلسطين التاريخية، والوضع القانوني للأراضي العربية المحتلة (فلسطين والجولان) منذ عام 1967، وعلى نحو خاص سياسة التطهير العرقي في القدس، والمكانة القانونية للمدينة ومواطنيها الفلسطينيين. نشر العديد من الدراسات عن النزاع في سورية، منها: «النزاع المسلح في سورية وسبل محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، و»التدخل الدولي الإنساني في سورية ومسؤولية الحماية»، و»عدالة انتقالية أم سياسة انتقالية؟ أسس العدالة الانتقالية في سورية».

مقدمة

بعد مرور أكثر من سبعين عامًا على حرمان الفلسطينيين من ممارسة حق تقرير المصير على أي جزء من أرضهم في فلسطين التاريخية، واستعصاء التسوية السياسية بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، أعلن رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب عن اعتراف إدارته بأن القدس هي عاصمة إسرائيل، وأنه أعطى التعليمات اللازمة للبدء بنقل سفارة بلاده إلى مدينة القدس.

أضحت القدس "بؤرة التاريخ المقدس الصهيوني" وعاصمته، وتمحورت عملية التعبئة الصهيونية على نحو خاص منذ عام 1967 حول القدس[1]. وما زالت القضية الفلسطينية مستعصية على الحل؛ ذلك أن موضوع القدس يتصدر لائحة القضايا الخلافية بين الفلسطينيين أصحاب الحق، وإسرائيل التي تفرض سيطرتها على المدينة بالقوة منذ عام 1948 على نحو مخالف للقانون الدولي ولقرار التقسيم. وتستغل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة واقع سيطرتها على القدس منذ عام 1948 لإحكام قبضتها على المدينة ومواطنيها الفلسطينيين بالضم بحكم الأمر الواقع وبالقانون. وتصطدم الإجراءات الإسرائيلية تجاه القدس ومواطنيها الفلسطينيين برفض دولي؛ إذ لا تنال إسرائيل اعترافًا دوليًا بأن القدس عاصمة لها، وبناء عليه ترفض كل الدول نقل سفاراتها إلى أي مكان في مدينة القدس.

تؤكد الحكومات الإسرائيلية دائمًا فكرة "إجماع وطني إسرائيلي" على رفض مبدأ التفاوض حول قضية القدس، باعتبارها العاصمة الأبدية للشعب اليهودي ولدولة إسرائيل، وهي تستمر في إدارة القدس على أساس قرارات الحكومات الإسرائيلية التي تتعامل مع القدس على أنها العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل وللشعب اليهودي، وعدم السماح لسكان القدس الشرقية الفلسطينيين بالمشاركة في انتخابات الحكم الذاتي أو انتخابات السلطة الفلسطينية[2]. ومنذ بدء التسوية السياسية "عملية أوسلو" قبل نحو ربع قرن بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطات الإسرائيلية، أمعنت حكومات الاحتلال المتعاقبة في تغيير الوضع القائم في مدينة القدس.

تستعرض هذه الورقة سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لتكريس سيطرتها على مدينة القدس ومواطنيها، وأبرز مراحل تطور مواقف الإدارات الأميركية المختلفة بشأن السياسات الإسرائيلية وما يرتبط بها من إجراءات. وتناقش عددًا من النقاط، مثل: دور سلطة الانتداب البريطاني في تمكين المنظمة الصهيونية من إقامة "وطن قومي" في فلسطين وتبعات تقسيم فلسطين، وسيطرة إسرائيل على القدس وفرض القوانين الإسرائيلية، وتطور مواقف الإدارات الأميركية المتعاقبة فيما يتعلق بسياسات إسرائيل تجاه القدس ومواطنيها الفلسطينيين.

 

[1] عزمي بشارة، "حول القدس بإيجاز شديد"، الجزيرة نت،17/12/2009، شوهد في 12/12/2017، في: http://bit.ly/1LctqG9

[2] خطاب إسحاق شامير أمام اللجنة المركزية لحزب الليكود في تل أبيب، 5 تموز/ يوليو 1989.

The Palestinian Academic Society for the Study of International Affairs, Documents on jerusalem (Jerusalem: PASSIA, 1996), p. 113