العنوان هنا
تقييم حالة 22 أبريل ، 2024

انتقام ممنهج: سياسة الاعتقال في السجون الإسرائيلية منذ "طوفان الأقصى"

نزار أيوب

حاصل على الدكتوراه في القانون الدولي (معهد الدولة والقانون، موسكو 1998)، والماجستير في إدارة النزاعات والوساطة (جامعة تل أبيب، 2019). محامٍ ينشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، متخصص في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. عمل محاميًا وباحثًا قانونيًّا في مؤسسة «الحق» الفلسطينية في رام الله (2000-2013). له العديد من الدراسات التي تعنى بنظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري في فلسطين التاريخية، والوضع القانوني للأراضي العربية المحتلة (فلسطين والجولان) منذ عام 1967، وعلى نحو خاص سياسة التطهير العرقي في القدس، والمكانة القانونية للمدينة ومواطنيها الفلسطينيين. نشر العديد من الدراسات عن النزاع في سورية، منها: «النزاع المسلح في سورية وسبل محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، و»التدخل الدولي الإنساني في سورية ومسؤولية الحماية»، و»عدالة انتقالية أم سياسة انتقالية؟ أسس العدالة الانتقالية في سورية».

صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي وأجهزتها الأمنية حملات الاعتقال التي تشنّها في الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي اتسع نطاقها منذ بدء الحرب الانتقامية على قطاع غزة؛ إذ اعتُقل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حتى 31 آذار/ مارس 2024 نحو 7845 فلسطينيًا من الرجال والنساء والأطفال. وقد رافقت عمليات الاعتقال حملات اقتحام عدوانية وشرسة، تخللتها تحقيقات وإعدامات ميدانية، فضلًا عن الاعتداءات على المعتقلين وأفراد أسرهم بالضرب المبرح، والتنكيل بهم، وإشاعة الرعب بينهم، وتخريب المنازل وتدميرها، ومصادرة الأموال والمركبات. 

وقد نجم عن أعمال القمع الوحشية في حق المعتقلين الفلسطينيين، وإخضاعهم لظروف اعتقال صعبة، وإساءة معاملتهم، وفاةُ العشرات منهم داخل سجون الاعتقال ومعسكراته في ظروف غامضة. وفي هذا السياق، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية معطيات تتضمّن وفاة 27 معتقلًا من قطاع غزة في المنشآت العسكرية الإسرائيلية في أثناء احتجازهم في معسكرَي "سدي تيمان" بالقرب من بئر السبع، و"عناتوت" الواقع شمال غربيّ القدس، أو في أثناء استجوابهم في مرافق أخرى داخل إسرائيل. ولم يقدّم الجيش الإسرائيلي بيانات عن ظروف وفاتهم، لكنه ادعى أنّ بعضهم أصيبوا في القتال، وأنّ آخرين عانوا حالةً طبية معقّدة قبل اعتقالهم.

يتعرض المواطنون الفلسطينيون داخل الخط الأخضر "عرب 48" لسياسة تنكيل وقمع، أيضًا، بهدف ترهيبهم وإسكاتهم. فهم يواجهون، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حملة إسكات وقمع شعواء من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية، ويتعرضون للاعتقال التعسفي والتشهير الممنهج لمجرد التعبير عن آرائهم في الحرب على قطاع غزة، وإدانة الهجمات الإسرائيلية الوحشية التي تستهدف المدنيين الأبرياء، أو بمجرد إبداء تعاطفهم مع أبناء شعبهم في غزة، أو الحديث عن العقوبات الجماعية وجرائم الحرب، أو تناقل الأخبار حول ما يحدث فيها. وتتهم السلطات كل من يعبّر عن رأيه، سواء كان ذلك من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو المشاركة في وقفات احتجاجية، بانتهاك القوانين الإسرائيلية ودعم تنظيمات مصنفة "إرهابية"، وبالتحريض على الإرهاب.

تستعرض هذه الورقة سياسة التنكيل والانتقام التي تستهدف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، المدنية والعسكرية، في ضوء القانون الدولي الإنساني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، حيث يعانون ظروفًا معيشية وصحية صعبة، منذ بدء الحرب الانتقامية ضد الفلسطينيين على قطاع غزة، تتمثل في معاملات وظروف احتجاز غير إنسانية، إضافةً إلى أنهم يتعرضون لعنف شديد وإساءة معاملة من أجهزة الأمن وإدارة السجون الإسرائيلية.