العنوان هنا
تقييم حالة 26 أكتوبر ، 2014

الاستحقاق الانتخابي في تونس: قراءة في المشهد الحزبي وتفاعلاته

الكلمات المفتاحية

أنور الجمعاوي

باحث تونسي، متحصّل على الجائزة العربيّة للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة لتشجيع البحث العلمي (فئة الشباب) من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة لعام 2011/2012. تحصّل على شهادة الدّراسات المعمّقة في اللّغة والآداب العربيّة من كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة عام 2003، وذلك في اختصاص حضارة. درّس في عدد من المؤسّسات الجامعيّة التونسيّة اللّغة والحضارة والآداب العربيّة وعلم المصطلح والتّرجمة. وهو عضو في عدد من الجمعيّات والهيئات الوطنيّة والعالميّة المتخصصة في مجال المصطلحيّة والتّرجمة. نشر له العديد من المقالات والدراسات، منها: "حوسبة اللغة العربية"، مجلّة العربي (نيسان/ أبريل 2011)؛ و"العقل العربي في منعطف الألفية الثالثة"، المجلّة العربيّة (آب/ أغسطس 2011)؛ و"المدارس المختصة في علم المصطلح وحدود المقاربة العربية" في الندوة العالمية: تعلّمية لغات الاختصاص تنظيرًا وتطبيقًا(نابل: تشرين الثاني/ نوفمبر 2005).

مقدمة


يُعدُّ يوم 26 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2014 يومًا تاريخيًا في مسيرة التجربة الديمقراطية الناشئة في تونس ما بعد "ثورة 14 جانفي 2011"؛ إذ يتوجّه ملايين التونسيين إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في انتخابات تشريعية تُفضي إلى اختيار أعضاء مجلس نوّاب الشعب وتشكيل حكومة في ظلّ الدّستور الجديد الذي جرى التصديق عليه في 26 كانون الثاني/ يناير 2014. ومن المنتظر أن ينقل هذا الاستحقاقُ الانتخابي البلادَ من المرحلة الانتقالية المؤقتة إلى سكّة الاستقرار السياسي والمأسسة الدّيمقراطية، بعد اختيار برلمانٍ وتشكيل حكومةٍ يتمتعان بصلاحيات واسعة ويضطلعان بمهمّة تسيير الدولة على امتداد خمس سنوات مقبلة.

وتقدِّم هذه الورقة لمحةً موجزةً عن الانتخابات التشريعية التونسية الجديدة، وتقف عند أهمّ القوى الحزبية الفاعلة في المشهد السياسي حاليًا، وتستجلي أهمّ التوقعات والمخاوف التي تتعلق بالعملية الانتخابية.


الانتخابات التشريعية 2014: بطاقة تعريفية

تعدّ الانتخابات التشريعية في 26 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2014 الانتخابات الثانية التي تشهدها تونس بعد قيام الثورة وهروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي؛ إذ تأتي بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2011، وتعتبر في نظر الملاحظين انتقالًا من الحكم المؤقت إلى الحكم المستقرّ. وتشرف على إدارة هذه الانتخابات الهيئة المستقلة للانتخابات لتأمين اختيار التونسيين 217 نائبًا يمثّلونهم في مجلس نواب الشعب. وتتنافس على الفوز بمقاعد البرلمان المرتقب 1327 قائمةً (1230 في الدّاخل و97 في الخارج)، موزّعة على 33 دائرة انتخابية (27 في الداخل و6 في الخارج). ويبلغ عدد المرشّحين المدرجة أسماؤهم في القوائم الانتخابية نحو 13 ألف مرشّح، جرى توزيعهم على القوائم بمراعاة مبدأ التناصف والتناوب بين النساء والرّجال، وذلك انسجامًا مع ما نص عليه القانون الانتخابي[1] الذي تم التصديق عليه من جهة المجلس التأسيسي بتاريخ 1 أيار/ مايو 2014.

ومن المفيد الإشارة إلى أنّ عدد سكّان الجمهورية التونسية يقدّر بنحو 11 مليون نسمة حسب آخر تعداد سكّاني صادر عن المعهد الوطني للإحصاء (2014)[2]. وبلغ عدد الناخبين المسجّلين الذين يحق لهم التصويت 5.285.136 ملايين ناخب، من بينهم 359 ألف ناخبٍ يعيشون خارج البلاد[3]. وتعد فئة الشباب هي الفئة العمرية الغالبة بين الناخبين، والتي تتراوح أعمار أفرادها بين 18 و40 سنة، ويبلغ عددهم 3.4 ملايين؛ أي ما نسبته 67% من مجموع من يحق لهم الاقتراع. ويوجد أكبر عدد من الناخبين في المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية، وفي مقدّمتها تونس الكبرى (تونس، ومنوبة، وأريانة، وبن عروس) التي تضمّ 1.229 مليون ناخب، وتأتي بعدها دائرتا صفاقس 1 وصفاقس 2 (جنوب البلاد) اللتان تستأثران بمجموع 440.809 ألف ناخب، في حين تحتلّ دائرتا نابل 1 ونابل 2 (شرق البلاد) المرتبة الثالثة بنحو 369.912 ألف ناخب، وينتشر من تبقى من الناخبين بين محافظات الوسط والشمال والجنوب.

وبناء عليه، يلاحظ أنّنا إزاء انتخابات تعدّدية بامتياز يتنافس فيها آلاف المرشّحين من مختلف المشارب الحزبية وغير الحزبية، وأنّنا إزاء تجربة انتخابية ينتظر أن يشارك فيها ملايين المقترعين المنتمين إلى دوائر عدّة وطبقات اجتماعية مختلفة وأسر سياسية متنوّعة. ومن اللاّفت الحضور المكثّف للمرأة في القوائم الانتخابية وهو ما يدعم دورها في المشهد السياسي القادم ويؤهلها لتصدّر مواقع القرار في البلاد، على الرغم من أنّ أغلب القوائم يترأسها رجال. كما سيظهر إقبال الشباب على التصويت من عدمه بناءً على نسبة المشاركة في الانتخابات؛ وذلك لحضورهم البارز في قوائم الناخبين (67%).



[1] انظر القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء:

 http://majles.marsad.tn/docs/5362b87812bdaa078ab82516

[2] انظر موقع المعهد الوطني للإحصاء: http://www.ins.nat.tn/indexar.php

[3] انظر موقع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات: http://www.isie.tn/index.php/ar/