العنوان هنا
تحليل سياسات 18 فبراير ، 2015

الحكومة الائتلافية في تونس: قراءة في التركيبة والتداعيات والتحديات

الكلمات المفتاحية

أنور الجمعاوي

باحث تونسي، متحصّل على الجائزة العربيّة للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة لتشجيع البحث العلمي (فئة الشباب) من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة لعام 2011/2012. تحصّل على شهادة الدّراسات المعمّقة في اللّغة والآداب العربيّة من كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة عام 2003، وذلك في اختصاص حضارة. درّس في عدد من المؤسّسات الجامعيّة التونسيّة اللّغة والحضارة والآداب العربيّة وعلم المصطلح والتّرجمة. وهو عضو في عدد من الجمعيّات والهيئات الوطنيّة والعالميّة المتخصصة في مجال المصطلحيّة والتّرجمة. نشر له العديد من المقالات والدراسات، منها: "حوسبة اللغة العربية"، مجلّة العربي (نيسان/ أبريل 2011)؛ و"العقل العربي في منعطف الألفية الثالثة"، المجلّة العربيّة (آب/ أغسطس 2011)؛ و"المدارس المختصة في علم المصطلح وحدود المقاربة العربية" في الندوة العالمية: تعلّمية لغات الاختصاص تنظيرًا وتطبيقًا(نابل: تشرين الثاني/ نوفمبر 2005).

مدخل

بعد ثلاثة أشهر ونيّف من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية (26 تشرين الأول / أكتوبر 2014)، رأت الحكومة التونسية الجديدة النور (5 شباط / فبراير 2015). وهي الحكومة السابعة بعد انقضاء أربع سنوات على الثورة. وقد أشرف على اختيار أعضائها الحبيب الصيد (65 عامًا). وهو سياسي مخضرم تولّى مناصبَ قيادية في وزارة الداخلية قبل الثورة وبعدها. ويقدّم نفسه على أنّه غير منتمٍ حزبيًا. كلّفه رئيس الجمهورية الحالي الباجي قائد السبسي (89 عامًا) في 5 كانون الثاني / يناير 2015، بتشكيل الحكومة مع الأخذ في الحسبان برنامج الحزب الفائز بأكبر نسبة في مجلس نواب الشعب، وهو حزب "نداء تونس" (86 مقعدًا). وسبق أن قدّم الصيد أوّل مقترح لتشكيلته الحكومية المرتقبة أمام وسائل الإعلام بتاريخ 23 كانون الثاني / يناير 2015. غير أنّ تلك التشكيلة التي ضمّت 40 عضوًا لم تَلْق التأييد الواسع لدى القوى الفاعلة في المشهد السياسي؛ وذلك لأنّها اقتصرت على ضمّ ممثّلين عن حزب "نداء تونس" (86 مقعدًا)، و"الاتحاد الوطني الحر" (16 مقعدًا)، وعدد من التكنوقراط، وتجاهلت أحزابًا وازنة في مجلس نواب الشعب، وفي مقدمتها "حركة النهضة" (69 مقعدًا)، و"الجبهة الشعبية" (15 مقعدًا) و"آفاق تونس" (8 مقاعد). وقد أنذرت هذه الأحزاب بأنّها لن تمنح حكومة الصيد في نسختها الأولى الثقة عند عرضها على المجلس النيابي[1]. وفي السياق نفسه، احتجّ آخرون بأنّ تركيبة تلك الحكومة لم تأخذ في الحسبان المناطق الطرفية والجهات المحرومة، وبدت ميّالة إلى مركزة السلطة لدى المنتمين إلى الساحل أو العاصمة[2]؛ كما كانت الحال في عهد بورقيبة وخلَفه بن علي. وقد دفعت تلك المآخذ رئيس الوزراء المكلّف إلى إعادة النظر في تشكيلة حكومته وتعديلها في ضوء ما أجراه من مشاورات مع القوى الحزبية الفاعلة، ومع مكوّنات المجتمع المدني. وعرض التركيبة النهائية للحكومة الجديدة وبرنامجها يوم 4 شباط / فبراير 2015 على مجلس نواب الشعب (217 نائبًا). وبعد جدلٍ واسع داخل قبة المجلس (162 مداخلة من جانب النوّاب)، جرى التصديق على حكومة الصيد يوم 5 شباط / فبراير 2015؛ فصوّت لها 166 نائبًا، واعترض عليها 60 نائبًا، في حين احتفظ ثمانية نوّاب بأصواتهم؛ وذلك من مجموع 204 من النوّاب الحاضرين. وبذلك فازت الحكومة الجديدة بأغلبيةٍ غير مسبوقة في حكومات ما بعد الثورة. وهو ما يخبر بأنّها مسنودة سياسيًا وحزبيًا.

فما هي أهمّ ملامح هذه الحكومة من جهة تركيبتها وبرنامجها؟ وما هي انعكاسات تشكيلها على المشهد السياسي التونسي؟ وما هي أبرز التحديات التي تواجهها؟



[1] انظر: "رئيس الوزراء التونسي المكلف يبدأ مفاوضات جديدة بعد رفض لحكومته"، الحوار نت، 26/1/2015، على الرابط:

http://www.alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=27336#.VOHhTE1d6cx

Tarek Amara, «Tunisia new government faces resistance before ratification vote,» Reuters, 25/1/2015, http://www.reuters.com/article/2015/01/25/us-tunisia-politics-idUSKBN0KY0R520150125

[2] راجع: سمير العيادي، "الكاف: حكومة الصيد في عيون السياسيين: وفاق نسبي... وحضور ’باهت‘ لممثلي الشمال الغربي"، الشروق، 25/1/2015، على الرابط:

http://goo.gl/j4hpUV