ضِمن سلسلة محاضرات "التفكير في أزمة كورونا وأبعادها"، التي يعقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وتُبث عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقدم فيها عدد من الخبراء والأكاديميين محاضرات علمية حول جائحة كورونا وتداعياتها على مختلف المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، قدم الدكتور عبد اللطيف الخال، يوم الأحد 10 أيار/ مايو 2020، المحاضرة الخامسة بعنوان "جائحة كوفيد-19 في قطر: الواقع واستراتيجية المواجهة والاحتواء".

استهل عبد اللطيف الخال محاضرته بمقدمة طبية مركّزة تناولت طبيعة الفيروس وفصيلته وطرق انتقاله والطرق الفعالة للوقاية منه، مشيرًا إلى أن فيروس كورونا الحالي يختلف عن الفيروسات السابقة كالسارس ومتلازمة الشرق الأوسط بقدرته على إحداث إصابات كثيرة بين البشر تنتقل مجاليًا بين أفراد المجتمع. وفي ما يخص طرق انتقال الفيروس، بيّن الخال أنه ينتقل عبر الرذاذ الذي ينتقل بين البشر عبر الكلام والعطس والسعال، وكذلك عبر لمس الرذاذ الذي يستقر على الأسطح. كما أشار إلى أن معدل تكاثر الفيروس يعد مرتفعًا؛ إذ يمكن أن ينقل شخص مصاب بالفيروس عدوى إلى ثلاثة أشخاص في المتوسط. وتزداد نسبة الخطر لدى الأشخاص المصابين المتقدمين في العمر، والذين يعانون الأمراض المزمنة كأمراض القلب والشرايين والسكري وارتفاع الضغط وأمراض مزمنة في الرئتين.

وفي ما يخص استراتيجية دولة قطر لمواجهة جائحة كوفيد-19، أشار عبد اللطيف الخال إلى أن دولة قطر استطاعت منذ ظهور الفيروس فيها أن تطبّق إجراءات احترازية ووقائية الهدف منها محاصرة الفيروس ومنع انتقاله إلى فئة أوسع من المجتمع. وتشمل هذه الإجراءات التباعد الاجتماعي، ومنع التجمعات، وغلق المراكز التجارية عدا المواد الغذائية والصيدليات، يضاف إلى ذلك العمل من البيت وغلق المدارس والجامعات. وبيّن أن الهدف الاستراتيجي وراء هذه الإجراءات والتدابير الوقائية هو منع حدوث إصابات أكبر في المجتمع القطري؛ ما من شأنهِ إبقاء النظام الصحي القطري فعالًا لناحية إجراء الفحوصات والتحاليل والعلاج، وكذا لناحية توفير الأسرّة اللازمة للمرضى وغرف العناية المركزة، وأجهزة التنفس الاصطناعي.

وبحسب عبد اللطيف الخال، فإنه إلى غاية اليوم الستين من ظهور الفيروس في دولة قطر، تعدت الإصابات 20 ألف إصابة؛ حيث وصل عدد الإصابات في الأيام الأخيرة ما بين 1000 إلى 1200 إصابة يوميًا، الأمر الذي يجعل الوباء في الدولة في مرحلة الذروة. وأشار إلى أن 90 في المئة من حالات الإصابة لا تظهر عليها أعراض الإصابة أو تظهر عليها فقط أعراض خفيفية. وضمن الإجراءات المتبعة في دولة قطر لاحتواء انتشار الفيروس، تقوم وزارة الصحة العامة باحتواء المصابين وعزلهم عن المجتمع لأنهم قد ينشرون الفيروس بين المخالطين لهم، وذلك من خلال فحص المخالطين والفحص العشوائي باستعمال تقنيات الفحص المتنوعة من بينها تقنية "السي بي آر".

ولفت الخال الى إصرار وزارة الصحة على عزل جميع الحالات المصابة التي يتم تقييمها، سواء أكانت حالات خفيفة أم شديدة تحتاج الى دخول المستشفى وتتطلب العلاج بالأكسجين والأدوية أو العناية المركزة. ويتم عزل الحالات الخفيفة في مباني عزلٍ حددتها وزارة الصحة، أما الحالات المتوسطة والشديدة والتي تحتاج الى أكسجين وعلاج وخاصة كبار السن والأشخاص الذين يعانون أمراضًا مزمنة فيتم عزلهم في المستشفيات، حيث يوجد خمس مستشفيات في دولة قطر، فضلًا عن مباني العزل الإضافية، وهي: مركز الأمراض الانتقالية، ومستشفى حزم مبيريك، والمستشفى الكوبي، ومستشفى مسيعيد، ومستشفى رأس لفان. وبيّن الخال أن هذه المستشفيات مجتمعة تستطيع احتواء أكثر من 2000 شخص حالتهم حادة، والرقم آخذ بالازدياد حتى تستطيع استيعاب حالات أكثر. كما أنها تستطيع أن تستوعب على الفور 700 حالة عناية مركزة. وقد قامت وزارة الصحة بتوفير غرف عناية مركزة يفوق عددها العدد المتوقع من الحالات وفق التنبؤات الوبائية في دولة قطر. ويقدر إجمالي المصابين الذين احتاجوا إلى العناية المركزة بـ 326 حالة، 47 في المئة منهم احتاجوا إلى أجهزة تنفس اصطناعي، وغادر منهم 205 حالات، وأما الوفيات فتبقى محدودة جدًا (13 حالة).

وقد أوضح المحاضر أن الفئة العمرية الأكبر للمصابين تتراوح بين 25 و35 سنة، تليها الفئة العمرية ما بين 35 إلى 44 سنة؛ أما الإصابات في أوساط الفئات العمرية الأكبر والأطفال فهي محدودة جدًا، وهو ما يستدعي ضرورة اتباع الإجراءات فيما يتعلق بالتباعد الاجتماعي الذي يصل معدله في قطر 40 في المئة. وقد نوّه الخال إلى ضرورة ارتفاع نسبة الالتزام بالتباعد الاجتماعي إلى 60 في المئة؛ وذلك للحفاظ على نجاعة النظام الصحي من جهة، وانحسار الفيروس بأسرع وقتٍ ممكن من جهة أخرى.

وفي الختام، أوصى عبد اللطيف الخال بضرورة زيادة الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي، والثبات على التدابير الوقائية كغسل اليدين وعدم لمس الأسطح وارتداء الأقنعة الطبية. كما أجاب المحاضر عن الأسئلة التي طرحها المتابعون عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث لقيت المحاضرة تفاعلًا واسعًا وأسئلةً متنوعة ومداخلات ثرية.