استضافت وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، شيرين سعيدي، أستاذة مساعدة في العلوم السياسية ومديرة مركز الملك فهد لدراسات الشرق الأوسط في جامعة أركنساس، لتلقي محاضرة بعنوان "تأريخ النشاط النسائي في إيران بعد ثورة عام 1979"، أدارها مهران كامرافا، مدير وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي وأستاذ في جامعة جورجتاون قطر.

انطلقت سعيدي في محاضرتها من تسليط الضوء على الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها إيران في إثر مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في أيلول/ سبتمبر 2022، ثم قدّمت سياقًا تاريخيًا شديد الضرورة لنشاط النساء الإيرانيات خارج طبقة النخبة، وهي جماعة اجتماعية تعرّفت إليها أثناء عملها الميداني الإثنوغرافي عام 2007. وبدأت بمناقشة موجزة لأحداث أيلول/ سبتمبر 2022، مشيرة إلى أن "الاحتجاجات الأولى كانت ضد فرض الحجاب، ومراقبة أجساد النساء، ورفض الحكومة لقبول أيّ إصلاح. وسرعان ما تطورت الاحتجاجات لتتحول إلى انتقاد للدولة". وتقود شابات إيرانيات الاحتجاجات الحالية التي تتمحور حول شعار "نساء، حياة، حرية".

وركّزت سعيدي على هيمنة النسوية الليبرالية على نشاط حقوق النساء بعد عام 1979. ووفقًا لها، فإن النسوية الليبرالية "متركزة حول الدولة، وتعتمد على المناصرة، والتوعية، والضغط من أجل إنهاء القوانين التمييزية ضد النساء". وتدّعي أن النساء في شوارع إيران اليوم لم يُشملن في الرؤية السياسية للحكومة. وكان للدولة والعوامل الخارجية أثر ضئيل في تطلعات النساء الإيرانيات غير النخبويات.

ناقشت سعيدي انفصال النشاط الجندري العابر للقوميات عن الأهداف المحلية، وإمكانية تهديد هذا الانفصال للناشطين داخل إيران. فالممارسة البحثية الجيدة، بحسبها، هي تجنّب تصنيف النساء ودمغهنّ، ومحاولة توقّع تطلّعاتهنّ، وتقول: "علّمتني سنوات من البحث في هذه الجماعة الاجتماعية المحددة مدى كرههنّ للتصنيفات، والدمغ، والتراتبية، والحدود، والمصطلحات الأكاديمية". فاحتجاجات أيلول/ سبتمبر 2022 اندلعت من تاريخ طويل يخص "أفعال المواطنة" التي تحدّت فيها النساء غير النخبويات الدولة وقوانينها التمييزية. والأهم أن "النساء غير النخبويات اللواتي شاركن في هذه الاحتجاجات لا يدعمن النسوية الإمبريالية الخارجية، كما قد يدّعي الزعماء الإيرانيون أو المعارضة، ولسن أدوات لسياسات الولايات المتحدة غير الإنسانية الموجّهة ضد إيران أو بقاع أخرى في المنطقة".

وركّزت كذلك على العواقب السياسية والمكانية للتفاوت القانوني والتمييز الجندري؛ إذ تسبّب قمع ناشطات حقوق النساء في إيران في نشوء فضاءات غير رسمية للنشاط النسوي، تعتمد عليها معظم النساء غير النخبويات من أجل نجاتهنّ وتلبية حاجاتهنّ. وبيّنت سعيدي، مستعينة بأمثلة من عملها الميداني في إيران، مفهوم الفضاءات غير الرسمية، موضحة محاولات النساء المتواصلة للتعبير عن مخاوفهنّ بشأن تجاهل الحكومة لحقوقهنّ. أما بخصوص الدور الفاعل لطالبات الجامعة في النشاط النسوي، فأشارت إلى أن "السكن الجامعي وقاعات المحاضرات فضاءات تحظر فيها الدولة النشاط النسوي الرسمي، غير أن في وسعهنّ ببساطة تحويلها إلى فضاءات غير رسمية للنشاط النسوي بشرارة واحدة".

وأخيرًا، ساجلت سعيدي بأن التضامن العابر للأجيال والجماعات موضوع مهيمن في سياسات الجندر في إيران بعد عام 2009، فضلًا عن تعزّزه بالنشاط النسائي في الفضاءات غير الرسمية. وخلصت إلى أن "أفعال المواطنة التي تنشأ في الفضاءات غير الرسمية لا تتمركز حول الدولة، وليست خطية، أو تقدمية بالضرورة؛ فهذه الأفعال تتمحور حول انتزاع المرأة لما تظنّه حقوقها ضمن سياق يُقمع فيه المجتمع المدني، ويتعذّر فيه الإصلاح القانوني.