نظّمت وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في 22 كانون الثاني/ يناير 2024، محاضرة عنوانها "استراتيجية إيران الإقليمية المتغيرة" استضافت فيها صنم وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية، تشاتام هاوس، لندن، وأستاذة كرسي جيمس أندرسون في قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جون هوبكنز في بولونيا، إيطاليا. وأدار المحاضرة الدكتور مهران كامرافا، مدير وحدة الدراسات الإيرانية، وأستاذ الشؤون الحكومية في جامعة جورجتاون، قطر.

استهلّت وكيل المحاضرة باستعراض التحولات في النهج الإقليمي الذي تعتمده إيران، ومناقشة تصوراتها للتهديدات، وتناولت الكيفية التي تتأقلم فيها طهران مع هذه التغيّرات وتتفاعل معها. وترى وكيل أنّ "طهران عملت على تعديل استراتيجيتها الإقليمية تدريجيًا للاستجابة للفرص والتهديدات والتحديات الخارجية والداخلية". وتشمل هذه التحوّلات، التي أثّرت في المشهد الإقليمي، خفض التصعيد الإقليمي وفتور الهمّة بعد النزاع، ودور الولايات المتحدة في المنطقة، فضلًا عن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، والتركيز على الدبلوماسية الاقتصادية، والمنافسة الجيوسياسية.

تناقش وكيل أن دافع إيران الأساسي، في ما يتعلق بأولوياتها الأمنية، يكمن في بقاء النظام للحفاظ على تماسك المؤسسة السياسية ووحدتها. وأضافت "أن إيران مدفوعة في المقام الأول بسعيها للحفاظ على نفسها، لذلك تعمل على نقل التهديدات، ودفعها بعيدًا عن حدودها وأراضيها من خلال استثمارات غير متكافئة". وتشمل أهداف إيران الأخرى في المنطقة الحدّ من الوجود الإقليمي للولايات المتحدة ونفوذها، وتوسيع قاعدة دعمها، وإضعاف التنظيمات الإرهابية السنّية، إضافة إلى تنمية الموارد وتعزيز إمكانية تحقيق مكاسب اقتصادية، وإدارة التهديدات الناشئة. وتناولت وكيل أيضًا كيفية تأثير سياسات إيران الداخلية في استراتيجيتها الأمنية، مشيرةً إلى أنّ "التأثير المشترك والمترابط للعقوبات الاقتصادية الأميركية والاحتجاجات المتكرّرة في إيران قد كشف عن ديناميات محلية هشة".

أما في يتعلق بما يسمى "محور المقاومة"، فذكرت وكيل أن "شبكة وكلاء إيران أصبحت عرضةً للخطر بسبب بروزها وتوسّعها المفرطَين، الأمر الذي دفع طهران إلى اعتماد إدارة لامركزية لهذا المحور". وشدّدت على أنه في حين أن هذه المجموعات قد تشكّل معًا محورًا للمقاومة له أهداف أيديولوجية مشتركة، إلا أنها تعمل ضمن سياقاتها المحلية الخاصة، كما اتّضح منذ هجوم حماس والحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وناقشت أيضًا تأثير الاستراتيجية الإسرائيلية "الأخطبوطية"، الرامية إلى التصدّي للوجود الإقليمي لإيران، إلى جانب اندماج إسرائيل في العالم العربي من خلال اتفاقيات أبراهام. وأخيرًا، سلّطت الضوء على أن تواصل إيران مع المنطقة، بخاصةٍ دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتقاربها مع المملكة العربية السعودية، يدلّان على أنّها ترى أن الدبلوماسية المباشرة هي الخطوة القادمة لممارسة النفوذ وبناء الجسور الاقتصادية بهدف الحفاظ على استقرار اقتصادها.