بدون عنوان

مروان قبلان
روسلان كوربانوف
من المحاضرة
من قاعة المحاضرة

عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يوم الإثنين 5 شباط/ فبراير 2018 ندوة بعنوان "السياسة الخارجية الروسية في منطقة الشرق الأوسط"، ألقاها روسلان كوربانوف، الباحث في معهد الدراسات الشرقية بالأكاديمية الروسية للعلوم في موسكو، ورئيس تحرير القسم السياسي في مجلة سميسل "المعنى"، تناول فيها المجتمعات المحلية الإسلامية في روسيا، وقد سلط الضوء على آرائها في سياسة روسيا الخارجية في العالم العربي.

استهلّ كوربانوف محاضرته بلمحة عامة عن المجتمعات الإسلامية المتنوّعة في روسيا، مستعرضًا تاريخها في إيجاز، مشدّدًا على عدم تجانسها. فتناول مجموعتين مسلمتَين مختلفتين فيها، هما المسلمون القوقازيون (بمن فيهم مسلمو الشيشان وداغستان)، ومسلمو الترتر والباشكير في شمال روسيا. وقد أثار موضوع التفاوت في الآراء، بين أجيال الشباب وكبار السن في روسيا، إذ رأى أن الشباب أكثر ميلًا لانتقاد السلطة؛ سعيًا منهم لممارسة حقوقهم الديمقراطية، في حين أنّ الأكبر سنًّا يقبلون، في أغلب الأحيان، سياسات الحكومة عمومًا، والسياسة الخارجية في الشرق الأوسط بصورة خاصة.

وشدّد كوربانوف على الأواصر الدينية والثقافية بين الشباب القوقازيين المسلمين والعرب المسلمين، فأشار إلى أنه أثناء إقامته في دمشق كان هناك ما يقارب الألف طالب وطالبة من داغستان في دمشق وحدها. وانطلاقًا من عمق التبادل الثقافي والتاريخ الطويل للتعايش بين الطوائف والأعراق في روسيا، رأى الباحث الروسي أنّ المسلمين العرب يستطيعون الإفادة من تجارب المجتمعات الروسية المسلمة والتعلّم من نماذج تفاعلها مع المجتمعات غير المسلمة.

بعدها، انتقل كوربانوف إلى موضوع سياسة روسيا الخارجية في العالم العربي، مؤكّدًا أنّ "أكبر خطأ ارتكبته الدبلوماسية الروسية هو عدم سعيها لإيجاد أصدقاء جدد لها في العالم العربي". ورأى أن على الدبلوماسيين العرب والروس بذل المزيد من الجهود للاستفادة من الفرص المتاحة لتطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية. أما في ما يتعلق بالثورات العربية، فقد أعرب كوربانوف عن أسفه؛ لأنّ روسيا لم تدعم الشعب العربي ضد الأنظمة الاستبدادية. إلا أنه برّر هذه السياسة الروسية بالخوف السائد في روسيا من الربيع العربي بصفته خوفًا من المجهول.

وأكّد كوربانوف، أيضًا، وجهة نظره المتمثلة بأنّ الحكومة الروسية بدأت تدخّلها العسكري في سورية من أجل إنقاذ النظام الرسمي؛ بغضّ النظر عن طابعه المذهبي. ففي رأيه، نجح التدخل في تحقيق أهدافه العسكرية، وإن لم يحقق أهدافه السياسية بعدُ. وادعى أنّ أكبر تحدٍّ تواجهه السياسة الروسية اليوم في سورية، يكمن في تنفيذ اتفاق سلام دائم.

وخلال محاضرته، أشار الخبير الروسي إلى التجربة العسكرية الروسية في الشيشان، مشدّدًا على أنّ سياسة روسيا الخارجية في سورية كانت بمنزلة استمرار لمنطقها العسكري في القوقاز؛ فقد كشف الصراعان عن خلل أساسي في السياسة العسكرية الروسية التي طالما تسبّبت في خسـارة في أرواح المدنيين وخلّفت تدميرًا واسـع النطـاق. وكان أن غذّت تداعيات هذا التدخّل العسكري الحاسم، نزعات التطرّف لدى المسلمين.

وأعقبت المحاضرة مجموعة أسئلة وأجوبة. وقد أشار عدد من المداخلات إلى الإفراط في تبسيط الصداقة الوثيقة بين موسكو ودمشق، باعتبارها العامل المحدّد الرئيس للتدخّل العسكري الروسي في سورية، في حين لفت أحد المعلّقين الانتباه إلى أنّ التدخل العسكري الروسي من خلال استهدافه المدنيين وتعزيز موجات التطرّف في سورية، من شأنه إفساد جهوده الهادفة إلى هزيمة الإرهاب.