بدون عنوان

الأستاذ مهدي مبروك في إفتتاح أعمال الندوة
المتحدثون في الندوة
جانب من الحضور المشارك
صورة عامة للحضور المشارك في الندوة

نظّم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بتونس والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، يوم الخميس 19 أيلول/ سبتمبر 2019، ندوة حول "دور الهيئات المستقلة والمجتمع المدني والإعلام والقضاء في ضمان النزاهة والشفافية في انتخابات 2019"، حضره ثلةٌ من المختصين والخبراء في مجال القانون الانتخابي، إضافةً إلى ممثلي العديد من الهيئات الوطنية المعنية بسير المسار الانتخابي، ومنها: الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، كما حضر أيضًا ممثلون عن أجهزة القضاء والعدالة، وقد جرى التطرق إلى المحاور التالية:

الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعية والانتخابات

أبدى كل من السيد ناجي البغوري (عميد الصحافيين)، والسيدة آسيا العبيدي (قاضية بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري)، والسيدة حنان زبيس (خبيرة وناشطة مدنية مختصة في وسائل التواصل الاجتماعي)، بعضَ التحفظات تجاه الأداء الإعلامي في تغطية الحملة الانتخابية التي شابها بعض النقائص والإخلالات، والتي قد يصل بعضها إلى مستوى الجرائم الانتخابية؛ سواء تلك المتعلقة بالإشهار السياسي، أو التجني على بعض المترشحين والمساهمة في تشويههم وثلبهم. وقد ذكر هؤلاء المتدخلون أن دور الهيئة والنقابة هو دور تعديلي حتى يتم إلزام الإعلاميين بالتحلي بالنزاهة والموضوعية، وهو ما يرسخ الخيار الحر للناخبين؛ لأنّ الإعلام يؤدي دورًا مهمًا في مراحل التطور الديمقراطي.

غير أن تقييمًا موضوعيًا لما حدث، خلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية 2019، يثبت أن بعض الوسائل الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية أخلّت بشرف المهنة، وانحازت إلى بعض المترشحين، وهذا ما جعل المناخ الانتخابي يشهد نقائص وإخلالات، حيث اصطفت بعض القنوات إلى جانب بعض المترشحين، وخصصت لهم مساحات شاسعة على حساب منافسين آخرين. وانتهى المتدخلون إلى ضرورة تعديل التشريعات حتى تكون أكثر صرامة، وإلى أهمية تكوين الصحافيين مهنيًا، وتخصيصهم بدورات تدريبة؛ من أجل تطوير كفاءاتهم المهنية، مع تحسين ظروفهم المادية من خلال تحسين أحوال القطاع الصحافي، حتى لا يجري ابتزازهم. كما جرى التطرق إلى الدور الخطير الذي أدّته بعض صفحات التواصل الاجتماعي؛ مثل خرقها للصمت الانتخابي.

التشريعات الانتخابية

تطرّق كل من العميد شوقي الطبيب (رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد)، والسيد أحمد صواب (قاضٍ سابق ومحامٍ)، والسيدة فضيلة قرقوري (قاضية بمحكمة المحاسبات)، والسيد عبد الجواد الحرازي (محامٍ)، إلى عيوب المنظومة التشريعية المتعلقة بالانتخابات المتمثلة في الدستور، والقانون الانتخابي والمراسيم ذات الصلة بالهيئات الوطنية المتدخلة في الشأن الانتخابي التي تبدو أحيانًا غير منسجمة، فضلًا عن غموض التحرير التشريعي في بعض الفصول والمصطلحات، كما ذكر البعض أن دائرة المحاسبات، التي تحولت منذ أشهر قليلة إلى محكمة المحاسبات، قد أدّت دورًا رياديًا في محاربة الفساد المالي الذي شابَ الانتخابات بدءًا بانتخابات 2014؛ وذلك من خلال التقارير التي أصدرتها المحكمة. غير أنّ مآل تلك القضايا ظلّ يراوح مكانه، وهو ما يدعو إلى وضع حد لحالات الإفلات من العقاب، وتجريم العديد من التجاوزات التي تؤثر في المناخ الانتخابي، وفي تساوي الفرص بين المتنافسين. وقد تعرض بعضهم للأزمة الأخلاقية والسياسية والقانونية المتعلّقة بأحد المترشحين، نظرًا إلى أنه سجين حاليًّا، وهو ما يُعتبر سابقةً سياسية وقضائية ستجعل فقه القضاء أمام مسؤولية أخلاقية وسياسية لا ندري مآلها في الأيام القادمة.

يبدو، بحسب هؤلاء المتدخلين، أن المراجعة الجذرية للمنظومة التشريعية ضرورية من أجل تأمين سلامة المسار الانتخابي. وإذا لم يَعُد تزييفُ صناديق الاقتراع أمرًا ممكنًا، فإنه يبدو أنّ هناك أشكالًا أخرى قد برزت لتزييف إرادة الناخبين، وهذا ما يهدد الديمقراطية.

المجتمع المدني والانتخابات

تدخّل كل من السيدة ليلى الشرايبي، والسيد محمد مرزوق، والسيد الناصر الهرابي، وهم ممثلون عن أبرز الجمعيات المعنية بمراقبة الانتخابات، "عتيد" و"مراقبون" و"شاهد"، حول أهمية ما يقوم به المجتمع المدني لمراقبة المسار الانتخابي خلال كامل مراحله؛ فهي لا تقتصر على الحملة الانتخابية ويوم الاقتراع، بل تشمل كامل الساحة السياسية والإعلامية، وقد حذّر هؤلاء من خطورة ظواهر "السياحة الحزبية"، والعنف اللفظي في البرلمان، والجمعيات الخيرية التي توظّف في الدعاية السياسية الإعلامَ الموجه؛ إذ يبدو أن هذه العوامل تلاعبت ضمنيًا بخيارات الناخبين. وقد أثار العميد شوقي الطبيب أشكالًا مختلفة للتجاوزات يوم الاقتراع تتمثّل في توزيع المال، وخرق الصمت الانتخابي، ومحاولة التأثير أمام مكاتب الاقتراع، ونقل الناخبين في وسائل نقل خاصة تُباع للأحزاب والمترشحين، وعدم حيادية الإدارة وتوظيف مواردها. وتعهدت الهيئة بإحالة هذه الممارسات على القضاء بعد درسها، وقد تمّ إصدار جملة من التوصيات على غرار ما يلي:

  • مراجعة التشريعات المتعلقة بالانتخابات حتى تكون أكثر دقةً ووضوحًا وصرامة.
  • تنقية المناخ الانتخابي ومراجعة قانون الأحزاب والجمعيات ومصادر تمويلها.
  • تمكين المجتمع المدني من حق النفاذ إلى المعلومة.
  • العمل على أن يكون الإعلام أكثر شفافيةً ليكون مرافقًا بيداغوجيا للمواطنين من شأنه أن يوطد الفضاء العمومي؛ لأن الانتقال الديمقراطي لا يمكن أن ينجح من دون انتخابات نزيهة وشفافة.