بدون عنوان

أقام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يوم الثلاثاء 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، حفل إشهار لكتاب يوميات عدنان أبو عودة بمركز الحسين الثقافي في عمّان، حضرته شخصيات من جميع الأطياف السياسية من الأحزاب والنقابات والوزراء ورؤساء الوزراء السابقين. يأتي الكتاب ضمن سلسلة "مذكرات وشهادات"، وتتناول هذه اليوميات الممتدة من عام 1973 إلى عام 1988 فترةً مهمة من تاريخ الأردن والمنطقة العربية، تولى أبو عودة خلالها العديد من المناصب السياسية التي جعلته قريبًا من دائرة صنع القرار ومطّلعًا ومشاركًا في نقاش القضايا التي واجهت الأردن والعالم العربي خلال تلك الفترة. وتبرز أهمية هذه اليوميات،  أنها كُتبت في حينها، لا بأثرٍ رجعي، فهي تعبّر عن آراء كاتبها زمنَ وقوع الحدث، وهي يوميات كان أبو عودة مواظبًا على تسجيلها في أغلب فترات سيرته المهنية؛ إذ عمد إلى كتابة يومياته وتسجيل محاضر للاجتماعات التي كان يحضرها سواء حين كان وزيرًا في الحكومة الأردنية، أو حين شغل منصب وزير للبلاط، ثم منصب رئيس للديوان الملكي في الديوان الملكي الأردني. كما وصف المؤرخ والأكاديمي الأردني، الدكتور علي محافظة، هذه اليوميات في مداخلة فعالية إطلاق الكتاب بقوله إنها أشبه بمنجم يحتوي معادن ثمينة جدير بالمؤرخين العرب والأجانب أن ينقبوا فيها ويجمعوا ما يحتاجون إليه في أبحاثهم ومؤلفاتهم عن تاريخ هذه المرحلة من تاريخ العرب المعاصر، مشيرًا إلى أنّ السياسيين العرب عادة ما يلجؤون إلى اعتماد ذاكرتهم مصدرًا لكتاباتهم من دون الرجوع إلى المصادر الرسمية، وأنّ السياسيين الأردنيين، إذا ما كتبوا مذكراتهم، فإنهم يتجنبون الحديث فيها عن الأزمات السياسية والاقتصادية على نحوٍ صريح، ولا يتناولون الكيفية التي يُصنع بها القرار السياسي، والأدوار التي يؤدونها في صُنع ذلك القرار، وهو الأمر الذي بدا واضحًا وجليًا في يوميات أبو عودة.

ومن الجدير بالذكر أنّ هذه اليوميات تتسم بأهمية قصوى حيث إنها تمثل سجلًّا نادرًا ما وُجد مثله في الحياة السياسية الأردنية؛ بشأن كيفية تعامل الدولة الأردنية مع التطورات السياسية الداخلية والخارجية خلال الفترة 1973-1988، إضافةً إلى العوامل الرئيسة لاتخاذها بعض المواقف والسياسات خلال فترة اليوميات. كما تعكس هذه اليوميات، من خلال ما نقله أبو عودة من محاضر لنقاشات واجتماعات النخبة السياسية الحاكمة حينئذ، أضواء مهمة عن آليات صناعة القرار السياسي واتخاذه، فضلًا عن معلومات قيمة حول علاقات الأردن العربية؛ وتحديدًا علاقاته بالعراق وسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية وكذلك دول الخليج، وتطور هذه العلاقات وانعطافاتها الكبرى. وتقدم اليوميات، أيضًا، معلومات مهمة للباحثين والمهتمين بشأن تطور علاقات الأردن بكلّ من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي خلال النصف الثاني من السبعينات وعقد الثمانينات من القرن الماضي.

 

ونوّه الأكاديمي والإعلامي الأردني، الدكتور محمد أبو رمّان، خلال مداخلته في حفل إطلاق الكتاب بالأهمية التاريخية والسياسية لليوميات وقيمتها العلمية والثقافية والمعرفية، فهي في نظره ليست مادة أولية للباحثين والدارسين فحسب، بل هي أكثر من ذلك كثيرًا؛ إذ إنها تسجيل وتوثيق للحياة السياسية، يمكن أن نفهم من خلالها النخب السياسية، وفيها معلومات قيّمة على صعيد القضية الفلسطينية والعلاقة الأردنية - الفلسطينية بشقيها الداخلي والخارجي. ومن المتوقع أن تُستقبل هذه اليوميات بكثير من الاهتمام والمراجعة، وليس ذلك من جهة الباحثين والمهتمين أردنيًا وعربيًا فحسب، بل من جهة العديد من السياسيين والمثقفين ومن الفاعلين السياسيين في تلك المرحلة أيضًا.   

 

و أكد الأستاذ معين الطاهر من المركز العربي،  الذي قام بالاشرف على عملية تهيئة وتوثيق هذه اليوميات واعدادها للنشر،  أن اهتمام المركز في نشر يوميات ومذكرات شخصيات سياسية وعامة في المنطقة العربية  يقع ضمن الاهتمامات البحثية للمركز الذي يقوم بجهد كبير في توثيق وحفظ اليوميات والأوارق  والوثائق الشخصية اهتمامًا منه بضرورة حفظها والحيلولة دون تلفها أو ضياعها وإيمانا من المركز بأن  نشر الأوراق والوثائق الخاصة بشخصيات عربية  يساهم في  تأريخ مراحل مهمة ومفصلية من تاريخنا الحديث والمعاصر،  وفي  التعريف برؤى ووجهات نظر مختلفة ومتباينة تغني أعمال الباحثين والمتخصصين  بمصادر أولية تتسم بالندرة في عالمنا العربي. والجدير بالذكر أن الكتاب يأتي  ضمن سلسلة "مذكرات وشهادات" ، وكان قد صدر من هذه السلسلة عدة كتب منها الحرب العراقية – الإيرانية 1980-1988: مذكرات مقاتل لقائد القوات العراقية الأسبق نزار الخزرجي ومذكرات فاروق الشرع "الرواية المفقودة" حول المفاوضات السورية الإسرائيلية.