بدون عنوان

صدر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتابان عن لبنان، هما صرخة الغضب: دراسة بلاغية في خطابات الانتفاضة اللبنانية لنادر سراج، وكتاب من أحوال الثقافة والسياسة في لبنان زمن الحرب (1975-1990) لعاطف عطيّة.

يسعى الكتابان إلى معالجة قضايا اجتماعية وسياسية وثقافية - دينية محورية ساهمت في رسم الواقع اللبناني الحاضر وتشكيله. ويُركّز الكتاب الأول على التقصي المنهجي والعملي لمفهوم "خطاب الهامش"، وآليات اشتغاله، من خلال تحليل خطاب الشعارات وتأصيل بلاغة جديدة. وقد أظهرت المضامين (الهتافات، والمدونات، والشعارات، والكتابات الجدارية)، أنّ الهامش أضحى اليوم متنًا بقدر ما أمسى الجدار نصًّا، لِما تنطوي عليه الساحات العربية من فيضٍ بلاغي مبتكر ومستظرف، وسَمَ دُرر البلاغة الشعبية من الكلام الاعتراضي. وتتمحور الإشكالية التي يرتكز عليها الكتاب، على نحوٍ رئيس، حول الكيفيات والآليات التي اكتنفت حضور المكوّن اللغوي، بمستوياته التداولية وبوظائفه الإقناعية والبلاغية والإبلاغية، في مفاصل الانتفاضة الشعبية العارمة في لبنان ومثيلاتها.

أما الكتاب الثاني، فيتناول إشكالية العلاقة بين الثقافة والدين والسياسة في لبنان، من خلال المؤتمرات والندوات التي عُقدت على هامش الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان وتداعياتها على مدى خمسة عشر عامًا (1975-1990). وقد تمحورت إشكالية هذا الكتاب حول العلاقة بين الثقافة والدين والسياسة، من خلال تمفصل هذه المتغيرات الثلاثة في علاقة اللبنانيين بعضهم تجاه بعضهم الآخر، وتأثير - أو تأثّر - متغيّرات هذه الإشكالية بعضها مع بعضها الآخر أيضًا؛ أي علاقة الثقافة بكلٍّ من الدين والسياسة، وعلاقة الدين بكلٍّ من الثقافة والسياسة، وعلاقة السياسة بكلٍّ من الثقافة والدين؛ للوصول، في النهاية، إلى معرفة التأثير الأقوى الذي أوصل لبنان إلى أزمات وحروب وفتن وقلاقل لم يَنْجُ منها، بل إنها عرقلت تنفيذ مشروع الدولة الحديثة، وأوصلت البلد إلى "مخانق" سياسية واقتصادية، وحروب دموية، منعته من التقدم والتطور.

ويشترك الكتابان، في دراستهما لمرحلتين مفصليتين من تاريخ الجمهورية اللبنانية، من خلال تفكيك جوانب التواصل (الخطابات اللغوية والمؤتمرات) وتحليلها لفهم الدور الذي أدّته هذه الجوانب في كل مرحلة على حدة. فبالنسبة إلى كتاب صرخة الغضب، قدّم سراج تفاعل الصحافة ووسائل الإعلام والاتصال الجماهيري ومواقع التواصل، ووصل إلى خلاصات واستنتاجات عامة تحاكي سيرورة الهتاف العربي والشعارات المتشابهة المحكيّة في ساحات الثورة والاعتراض. وفي المقابل، لجأ عطيّة في كتاب من أحوال الثقافة والسياسة في لبنان، إلى إظهار جوانب الخلل في النظام اللبناني، بناءً على ما جاء في المؤتمرات التي عُقدت في لبنان خلال الفترة (1975–1990)؛ وذلك انطلاقًا من البحث في إشكالية العلاقة بين الثقافة والدين والسياسة، مع التركيز على الأسباب المؤدية إلى ذلك الخلل.

تجدر الإشارة إلى أن المركز العربي قد أصدر مجموعة واسعة من الكتب التي تناولت الشأن اللبناني ومواضيعه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدينية والتاريخية، ومنها كتاب لبنان: دراسات في المجتمع والاقتصاد والثقافة لمجموعة مؤلفين، والهجرة وتشكّل النخبة السياسية في لبنان لبول طبر ووهيب معلوف، وكتابَا يساريون لبنانيون في زمنهم، ودفاتر الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) لدلال البزري، والعربية المحكية في لبنان: ألفاظ وعبارات من حياة الناس لنادر سراج.
وفي الإمكان زيارة قسم الكتب في الموقع الإلكتروني للمركز العربي، لمتابعة آخر الإصدارات المترجمة، وغير المترجمة، في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية.