بدون عنوان

تركزت أعمال اليوم الثاني والأخير (الأحد 19 تشرين الأول / أكتوبر 2014) لمؤتمر "المنطقة العربية بين صعود تنظيم الدولة والانخراط الأميركي المتجدّد"، الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة حول انعكاسات تمدد تنظيم "داعش" والحرب التي يشنها عليه التحالف الدولي على دول الخليج العربي بالنظر خصوصا في حقيقة التهديد الذي يشكله التنظيم عليها، وتبعات مشاركة هذه الدول في التحالف الذي يحاربه، كما شملت الجلسات محاولة استشراف للتحولات والانعكاسات الجيوستراتيجية لصعود تنظيم الدولة والتدخل العسكري الغربي المدعوم عربيا وإقليميا ضده.

قراءات خليجية للانعكاسات على دول مجلس التعاون في الجلسة الرابعة للمؤتمر


مخاوف خليجية وخيارات بديلة

في الجلسة الرابعة للمؤتمر التي تناولت "سياسات دول الخليج العربي تجاه المتغيرات السياسية في دول الهلال الخصيب"، استهل الدكتور محمد المسفر الحديث فيها بمداخلة حول "قراءة في المواقف الخليجية من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة". وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة كانت قد شهدت حشد قوى إقليمية ودولية في عدة حروب، وكان لدول مجلس تعاون الخليج العربية دور في هذه الحروب وتمويلها. وقال إنّ هذه الدول مستهدفة من أطراف عدة لإجهاضها ماليًا وتخويفها من خطورة الحركات الدينية المتطرفة، ومن ثم، فقد جاء انضمامها إلى التحالف الدولي ضد "داعش" بسبب هذا التخويف الذي ساقه الغرب، والذي تم تصويره على أنه شرُّ داهم تجاه دول المجلس ولا بدّ من ردعه. كما أشار إلى أنّ ثمة عناصر تستطيع من خلالها دول المجلس تحصين نفسها ضد هذا الخطر؛ وذلك عبر تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين والإسراع في إجراء إصلاحات سياسية وإدارية واقتصادية، ومعالجة أسباب ظهور التطرف، وتحقيق تنمية مستدامة.

وسلّط المتحدث الثاني الدكتور عبد الله باعبود في ورقته المعنونة "تداعيات الخلافات الخليجية على أمن المنطقة في ظل انحسار الثورات العربية وصعود تنظيم الدولة" الضوء على التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تتعرّض لها المنطقة العربية ومن ضمنها تفاعلات الثورات العربية وانعكاساتها على أمن المنطقة وظهور التطرف الديني الطائفي وتدّخل قوى إقليمية وعالمية في الشأن العربي. وأشار إلى أنه في وقت يتوقع أن تعمل دول مجلس التعاون كمجموعة إقليمية للمحافظة على أمن المنطقة وتكاملها، نرى الخلافات قد دبت بينها؛ ما سيؤثر سلبيًا على العمل الخليجي والعربي المشترك.

وفي الورقة الثالثة المعنونة "السياسة السعودية، القاعدة وتنظيم الدولة"، لخّص الدكتور آلان غريش سلوك سياسة المملكة العربية السعودية بالخوف من إيران، والعجز لأسباب سياسية، والتناقض بين الفكر الديني الرسمي وسياستها داخليًا وخارجيًا. وشبه غريش السياسة السعودية تجاه الثورات العربية بسياسة الرئيس جورج بوش الابن وتبنيه مبدأ "من ليس معنا فهو ضدنا". فعندما انطلق الربيع العربي أخذت السعودية منه موقفًا سلبيًا وحسبت كل من لم يأخذ الموقف ذاته فهو ضدها. وهكذا نشأ الخلاف بينها وبين قطر وتركيا خصوصًا بعد التغيير في مصر.

المحاضرون في جلسة "تداعيات التدخل الأميركي في المنطقة بعد صعود تنظيم الدولة"

وفي الجلسة الخامسة المعنونة: "تداعيات التدخل الأميركي في المنطقة بعد صعود تنظيم الدولة"، تحدّث الدكتور عبد الوهاب القصاب عن "التهديدات والتحولات في البيئة الجيوستراتيجية"، فناقش فيها العلاقة التفاعلية بين ثلاثة مفاهيم إستراتيجية فاعلة وهي: التهديد والردع والصراع، وطبقها على ما يجري حاليًا بين الأمة العربية وما تنتجه هذه العلاقة التفاعلية من تحوّل على الصعيد الجيوستراتيجي. وأورد القصاب أمثلة تطبيقية على الدور الإيراني الذي اخترق الأمن القومي العربي، وعلى إسرائيل كما كانت الحال في الحرب الأخيرة على غزة، ثم دور "داعش" في الإخلال بالأمن القومي العربي، والحشد الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.

نقاش مهم بين الباحثين والمختصين والجمهور المهتم في ختام المؤتمر

ورأى الدكتور أندرياس كريغ في ورقته "التعاون ضد داعش: التظاهر بتكامل الأدوار" أنّ التدخل الأميركي ضد داعش محكوم بالإرث الذي تركته الولايات المتحدة وراءها في العراق، وأنّ جميع التحركات الأميركية الحالية تتأثر بمحاولة عدم تكرار تجربة العراق عبر استدراجها للتدخل في المنطقة. وفي نهاية مداخلته، أشار إلى أن أنساق العلاقات الحالية بين الدول والمنظمات من غير الدولة عبر الانقسامات الأيديولوجية والسياسية هي ظاهرة قصيرة المدى نشأت بسبب تكاملٍ غير فاعلٍ حول "داعش" بوصفه تهديدًا مشتركًا.

واختتمت الجلسة بورقة "تنظيم الدولة ومستقبل الحدود الدولية في الشرق الأوسط" ألقاها الدكتور جيمس دنيسلو، ورأى أنه بعد نحو مئة عامٍ على ظهور الحدود السياسية الحالية بين دول المشرق العربي، حاول تنظيم لا يحمل صفة الدولة وخصائصها مثل "داعش" إزالة هذه الحدود بالمعنيين السياسي والمادي. واختتم المؤتمر بجلسة نقاشية أكدت على أبرز النقاط التي أثيرت في المؤتمر وأهمها العوامل التي أدت إلى صعود تنظيم الدولة وتمدده وردود الفعل الإقليمية والدولية تجاه المخاطر التي نتجت من ذلك.