بدون عنوان

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الرابع والخمسون من الدورية العلمية المحكّمة "سياسات عربية"، وقد تضمّن العدد دراسات في مواضيع النظام الدولي، والاعتذار في السياسة الخارجية، والانتقال الديمقراطي في السودان، وصراعات المؤسسة العسكرية في سورية. وتضمن أيضًا ورقة في باب المؤشر العربي عن التحول الديمقراطي في العراق، وتوثيقًا لأهمّ محطات الصراع العربي – الإسرائيلي، وأهم محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي ووثائقه، ومراجعة لتقرير حالة الديمقراطية في العالم عام 2021، وكتاب "في الإجابة عن سؤال: ما الشعبوية؟".

السياسة ما بعد الدولية

ناقش محمد حمشي وعادل زقاغ، في دراستهما "عن السياسة ما بعد الدولية: تعايش بين نظامين أم عصر وسيط جديد؟"، المضامين النظرية التي ينطوي عليها التحول نحو السياسة ما بعد الدولية، وذلك من خلال مناقشة مفهوم التعايش بين النظام العالمي المتمركز حول الدول من جهة، والنظام العالمي المتعدد المراكز من جهة أخرى. ويرى الباحثان أن تسليط الضوء على هذين المفهومين يُمكّن الباحثين من فهم إعادة توزع السلطة فـي النظام العالـمي من الدول (والـمؤسسات الدولية) نحو الفاعلين من غير الدول. ويرى الباحثان أن هذه المقاربة تساعد في توجيه البحث في حقل العلاقات الدولية بعيدًا عن الـمقاربات المتمركزة حول الدولة، نحو التفكير فـي السياسة العالمية باعتبارها نظامًا بلا بنية محددة، تتنازع وتتعايش فيه، فـي الوقت نفسه، سلطاتٌ متداخلة وولاءاتٌ متعددة من ناحية، ويتزامن فيه ويتعايش نظامان، أحدهما متمركز حول الدول والفاعلين الخاضعين لسيادتها، وآخر متعدد المراكز من ناحية أخرى.

الذاكرة والاعتذار في السياسة الخارجية

نظرت سارة ناصر، في دراستها "الذاكرة والاعتذار في السياسة الخارجية: حين يأبى الماضي المضي"، في مظاهر التفاعل بين الذاكرة والاعتذار في السياسة الخارجية، من منطلقات تجسير الهوّة بين حقلَي العلاقات الدولية وتحليل السياسة الخارجية. وتفترض الباحثة أن التنقيب في الأبعاد النظرية لمفاهيم، على غرار الهوية السردية، والأمن الأنطولوجي، والتمثلات الخطابية، كفيلة بتقديم مداخل مهمة لفهم التفاعل بين الذاكرة والهوية في السياسة الخارجية من جهة، وازدواجية معايير الدول في شأن مسألة الاعتذار من جهة أخرى. وتخلص الدراسة إلى أن بعض الدول لا تتعرض للضغوطات المعيارية والمادية نفسها التي تتعرض لها تركيا حيال مسألة اعتذارها عن إبادة الأرمن، ومن بين تلك الدول إسرائيل وممارساتها اللاإنسانية في حق الشعب الفلسطيني ماضيًا وحاضرًا. كذلك هو الحال فيما يتعلق بفرنسا وماضيها الكولونيالي في الجزائر.

السودان والانتقال الديمقراطي

وفي ورقة عنوانها "الثورة السودانية وآفاق الانتقال الديمقراطي"، يطرح التجاني عبد القادر حامد تساؤلات منها: أكان سقوط نظام الإنقاذ في السودان نتيجة لـ "مبادرة من الداخل"، أم لتحالف المعارضة، أم لهذين الأمرَين معًا؟ وما مدى تأثير العامل الخارجي في مرحلة إسقاط النظام والانتقال إلى الديمقراطية؟ ثمّ أيُتوقّع أن يتّبع نظام ما بعد الإنقاذ مسارًا ديمقراطيًا، أم أنه سيتحوّل إلى نظام تسلّطي جديد؟ ويخلص الباحث في دراسته إلى القول بأرجحية أن يكون الهدف المتّفق عليه بين القوى الدولية وشركائها السلطويين في الإقليم هو الانتقال بالسودان إلى النظام "الهجين"؛ حيث تبقى عناصر النظام السلطوي القديم مُمسكة بمفاصل السلطة، مع المحافظة على الحدّ الأدنى من الديمقراطية. ويرى الباحث أيضًا أن الحكومة الانتقالية في السودان ستواجه تحدّيات صعبة، قد لا تؤدي إلى انهيار الوضع الانتقالي فحسب، بل إلى انهيار الدولة السودانية ذاتها أيضًا.

المؤسسة العسكرية السورية وصراع الأجنحة السياسية

يناقش أحمد مأمون، في دراسة له بعنوان "صراع الأجنحة السياسية داخل المؤسسة العسكرية السورية 1954-1958: الانقلابات والتعددية السياسية"، الأسباب التي دفعت الجيش السوري إلى ترك سدّة الحكم والسماح للقوى المدنية بممارسة العمل السياسي في الفترة 1954-1958، على الرغم من توسط هذه المرحلة بين مراحل انقلابية. وتفترض الدراسة أن الجيش مؤسسة عسكرية تمثل أجنحة وقطاعات ووحدات وألوية وعلاقات قوة، قبل أن تكون تعبيرًا عن أي شرائح اجتماعية أخرى، وهو عكس ما ذهبت إليه الأدبيات في بحث خلفيات الضباط السوسيولوجية في سورية.

أمّا في باب "المؤشر العربي"، فأعدّ مجموعة من الباحثين العراقيين المختصين بالعلوم الاجتماعية وبدراسات الديمقراطية ومؤشراتها ورقة عنوانها "المؤشر الوطني للتحول الديمقراطي في العراق 2017-2021"، الصادر عن مركز حوكمة للسياسات العامة. وشملت الورقة الأعوام (2017-2021)، وهي فترة حكومات رئيس الوزراء حيدر العبادي (2014-2018) في عامها الأخير، وحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي (2018-2020)، وبدايات حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي (2020- حتى الآن). وكشفت الورقة عن وجود علاقة عكسية بين تصاعد مستوى الإحباط العامّ من الخلل المؤسسي والتوقعات والآمال في هذا المجال، وبين الأداء الحكومي.

واشتمل العدد في باب "التوثيق" على توثيقٍ لأهمّ "محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية"، و"وثائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي" في المدة 1 تشرين الثاني/ نوفمبر-31 كانون الأول/ ديسمبر 2021.

وفي باب "مراجعات وعروض كتب"، أعدّ عبد الفتاح ماضي مراجعة لتقرير بعنوان "حالة الديمقراطية في العالم عام 2021: بناء القدرة على التكيف في زمن الوباء"، الصادر عن المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، ركز فيها على أبرز خلاصات التقرير بأن الديمقراطية في خطر، وبقاؤها مهددٌ بالاختفاء بسبب مجموعة عاتية من التهديدات، سواء من داخل الديمقراطيات ذاتها أو من جرّاء تصاعد التسلطية. وأعد سعيد بكار مراجعة لكتاب "في الإجابة عن سؤال: ما الشعبوية؟" لعزمي بشارة، رأى فيه أن هذا الكتاب يعدّ رحلة غنية ومفيدة وعميقة حول ظاهرة الشعبوية في العالم الغربي والعالم العربي؛ وهي رحلة متكاملة من حيث فصول الكتاب التي حاولت أن تحدد ظروف نشأة الشعبوية وتعريفها وتوظيفها السياسي في الأنظمة الديمقراطية الراسخة منها والوليدة، فضلًا عن تقديمه دراسة حالتين هما حالة تونس ومصر، بإبراز الدور السلبي للشعبوية في نظاميهما السياسيين.

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.