بدون عنوان

استضافت وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، في 28 كانون الثاني/ يناير 2021، الدكتور إبراهيم فريحات، مدير الشؤون الطلابية والأستاذ المشارك في تسوية النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، بمناسبة صدور كتابه إيران والسعودية: ترويض صراع فوضوي Iran and Saudi Arabia: Taming a Chaotic Conflict. وأدار الندوة الدكتور مهران كامرافا، مدير وحدة الدراسات الإيرانية وأستاذ العلوم السياسية في جامعة جورجتاون بقطر.

ذهب فريحات إلى أن فكرة الكتاب مستوحاة من الأدبيات المتوافرة التي تركّز على فهم النزاع وتحليله بدلًا من تسويته. لذلك، فإنّ الكتاب يركّز، بعد تقديم خلفية موجزة عن النزاع، على سُبل تسوية النزاع. وقد اعتمد المؤلف في منهجية بحثه على مقابلات أجراها مع نحو ستّين شخصًا من بينهم باحثون أكاديميون وصناع سياسات وخبراء في مراكز أبحاث ونشطاء، إضافة إلى مشاركته في ما يزيد على عشر ورش عمل تعتمد "دبلوماسية المسار الثاني"[1].

في معرض حديثه عن سبب "فوضوية" هذا النزاع، تكلّم فريحات عن صعوبة تحديد الأسباب الجذرية للنزاع والخلافات بشأن القضايا الأساسية بين الطرفين، بما في ذلك أطراف النزاع التي تعاني قصورًا في تعريـفها. وقال فريحات في هذا الصدد إن إدارة هذا النزاع تتمّ، إلى حدّ بعيد، عبر وكلاء، وعلى مستوًى عالٍ من الغموض بشأن طبيعة العلاقة بين الوكلاء وقياداتهم والاتجاه الذي تتخذه هذه العلاقة. فالغموض يحجب الأطراف والسياسات الداخلية للأطراف المعنية. وأشار فريحات إلى أنه "لا يوجد إجماع بشأن القواعد الأساسية أو قواعد اللعبة في هذا النزاع"، وإلى أنّ هذه التحديات تجعل الوصول إلى حلٍّ ما أمرًا صعبًا.

اقترح فريحات أنموذجًا لحل النزاع يعتمد على ثلاث ركائز. تشمل الركيزة الأولى فهم قضايا النزاع الرئيسة مثل الأمن والطائفية والزعامة الإقليمية، إضافة إلى عوامل خارجية يجب أخذها في الاعتبار. أما الركيزة الثانية فتشدّد على بناء نظام لإدارة النزاع للحؤول دون التصعيد وتعزيز عملية إدارة النزاع بشكل أفضل؛ إذ يرى فريحات أن "النزاعات التي يتمّ إدارتها بشكل أفضل تحظى بفرصة أقوى للتوصل إلى حلٍّ". وفي هذا السياق، اقترح إنشاء خط ساخن بين الرياض وطهران، وتبادل زيارات رسمية رفيعة المستوى، وتشكيل لجان فنية، واتخاذ تدابير لبناء الثقة والمشاركة بالحوار.

وكانت الركيزة الثالثة هي الاستجابة للأسباب والظروف الكامنة المتعلقة بالنزاع، من خلال اعتماد مقاربة لحل النزاع المستدام تقوم على أساس استعادة توازن القوى على المستوى الإقليمي، والإصلاحات الداخلية، والإصلاح القائم على قوة الإقناع، وإصلاح استراتيجيات النزاع، فضلًا عن اعتماد وساطة دبلوماسية المسار الأول ودبلوماسية المسار الثاني من خلال إطلاق حوار بين الشعبين، بما في ذلك التبادل الأكاديمي والحوار والتواصل. واختتم فريحات حديثه بالقول إن "الهدف من هذا الكتاب هو رفع مستوى الوعي وإقناع الخبراء والباحثين بأن الوصول إلى الحلّ أمر ممكن".


[1] استخدم مصطلح "دبلوماسية المسار الثاني" Track Two diplomacy أوّل مرة في عام 1981، من جهة الدبلوماسي الأميركي السابق جوزيف مونتفيل Joseph Montville للإشارة إلى تلك الحوارات غير الرسمية التي يتم إجراؤها من أجل تسوية النزاعات، من خلال تخفيف التوتر وتبديد المخاوف بين الطرفين، ومن خلال تحسين التواصل وبلورة فهم أفضل لوجهة نظر كل طرف.