بدون عنوان

تضمّن العدد الخامس والأربعون من دورية "سياسات عربية" التي تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا ثماني دراسات علمية، في ملف خاص بعنوان: "غزة: سنوات الحصار والانقسام والنار"، إضافة إلى تقرير عن الرأي العام في غزة تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية صادر في باب "المؤشر العربي"، ومراجعتين لكتابين صدرا حديثًا عن غزة. كما ضم العدد توثيقًا لأهم وقائع الصراع العربي – الإسرائيلي وأهم محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي في شهري أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، وأهم وثائق الحراك الاحتجاجي في العراق في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

ناقش عماد الصوص في دراسة له بعنوان "الديمقراطية المنتخبة والاستبداد النافذ: فشل الديمقراطية الانتخابية الفلسطينية، 2006-2007"، العوائق التي واجهتها حكومة حماس المنتخبة بعد تشكيلها الحكومة الفلسطينية العاشرة، التي جاءت عقب فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006. وطرح الصوص مجموعة من المحددات الأساسية التي أعاقت عمل الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة حماس عام 2006، مع التركيز على القيود المؤسساتية المحلية والخارجية. وخلص إلى أنه على الرغم من استكمال الفلسطينيين شروط إجراء الانتخابات بوصفها أحد مسارات الديمقراطية، فإن منظومة الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي التي تتحكم في الفلسطينيين وتهمين عليهم حرمتهم منها.

وميّز هاني عواد في دراسة عنوانها "فهم ’حماس‘: تأمّلات في ثلاثة مداخل نظرية مختلفة ومتشابكة" بين ثلاثة مداخل سائدة في كتابات الباحثين لفهم نشوء حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس": ركز الأول على حماس بوصفها حركة أيديولوجية، وركز الثاني على حماس بوصفها حركة اجتماعية، أما الثالث، فركز على حماس بوصفها وريثةً لحركة التحرر الوطني الفلسطيني. وحاجّ عواد بأنه على الرغم من أن القراءات الثلاث لا يناقض بعضها بعضًا، فإنّ الاقتصار على واحدة منها يقود غالبًا إلى الإفراط في التبسيط أو المبالغة في التهويل؛ إذ يؤدي التشديد على المقاربة الأولى إلى إغفال التحوّلات التي شهدتها الحركة في مراحلها المتأخرة وتهميش الأبعاد المحلية، ويؤدي التشديد على المقاربة الثانية إلى المبالغة في تقدير فاعلية الفعل الجمعي، أمّا المبالغة في توظيف المدخل الثالث فتسلب من الفاعلين الاجتماعيين فاعليتهم.

أما أحمد قاسم حسين، فقد ركز في دراسته "كيف أسست حماس جيشها في غزة؟ قراءة في تطور العمل العسكري لكتائب عز الدين القسام"، على تطور العمل العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" عشية انطلاقها عام 1987، ثم تأسيسها "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري للحركة عام 1992. وبالاعتماد على مذكرات قادة الحركة السياسيين والعسكريين في فلسطين وشهاداتهم، وعلى البيانات المتوافرة حول المواجهات العسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي، حاجّ حسين بأن تطور العمل العسكري لحركة حماس اختلف باختلاف مراحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي من ناحية، وبطبيعة تطور الفكر السياسي للحركة وعلاقاتها بالنظامين الإقليمي والدولي من ناحية أخرى. وخلص حسين إلى أن المواجهات العسكرية غير المتكافئة مع الاحتلال الإسرائيلي (2008/ 2009، و2012، و2014) أثبتت حقيقة تطور الأداء القتالي لكتائب القسام التي باتت تتمتع ببنية تشبه إلى حد ما بنية الجيوش النظامية.

وكشف غسان الكحلوت، في دراسة له عنوانها "انحسار الفضاء الإنساني في غزة تحت الحصار"، عن أهم تداعيات الحصار على غزة، وأثره في زيادة حجم الكارثة الإنسانيّة التي يعانيها سكان غزة منذ عام 2006، في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والصحية والنفسية. كما كشف الكحلوت عن الكيفية التي تداخلت بها عوامل تسييس العمل الإنساني في غزة مع الحصار المفروض عليه، على نحوٍ أدّى إلى تدهور الوضع الإنساني وانحسار الفضاء الإنساني فيه. وخلص الكحلوت إلى أن الفضاء الإنساني الضيق أساسًا في غزة يتضاءل يومًا بعد يوم، ويرى صعوبة إيجاد أي ملمح في المستقبل القريب يؤشر إلى تحسّن ممكن في وضع غزة الإنساني؛ فالأوضاع تتجه نحو مزيد من التدهور والمعاناة. وخلص أيضًا إلى أن التعقيدات التي تواجه عمل المنظمات الإنسانية، وتتسبب في عجزها عن الوصول إلى المحتاجين، تُنبئ بنتائج وخيمة على كل الصعد.

وسلّط سلطان بركات، في دراسة "بطء عملية إعادة الإعمار في غزة: تلكؤ المانحين بين الذاتي والموضوعي"، الضوء على دور المانحين في إعادة إعمار غزّة، منذ أن تسلّمت حركة حماس السلطة في غزة عام 2006. وناقش تلكؤ المانحين في إعادة إعمار غزّة تحت الحصار، مع التركيز على عدم التعرّض المباشر للاحتلال، والإبقاء على سياسات الحصار، وضمان عدم حصول الحكومة في غزة على أموال المانحين وعدم إشراكها في التخطيط والتنفيذ، ودعم السلطة الفلسطينية. وخلص إلى أنّ قضية إعادة إعمار غزة تمثل سياقًا مختلفًا عن سياقات إعادة إعمار بعد الحرب. وعليه، يجب التعامل معها على نحوٍ مختلف، خاصة أن المانحين لا يرغبون في التعامل مع القضايا الرئيسة وجذور الصراع التي تتمثل في دوام الاحتلال الإسرائيلي والإجراءات العقابية المتواصلة بما فيها الحصار الجائر.

ورأى تامر قرموط، في دراسته "المساعدات الدولية لغزة وفق الشروط الإسرائيلية: هل حان الوقت لإعادة التفكير في سياسات التمويل وآلياته؟"، أن المساعدات المقدمة إلى قطاع غزة المحاصر منذ عام 2006 لم ترقَ في أهدافها وآليات تنفيذها إلى حد تلبية الاحتياجات والتطلعات الأساسية لسكانه. وحاجّ بأن المانحين لم يتصرفوا بطريقة تتوافق مع مبادئ منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الخاصة بالدول الهشة، أو مع المفهوم الفلسطيني في "التنمية التحررية المركّزة على الشعب". وخلص إلى أن من أسباب محدودية نجاح المساعدات التزام المانحين سياسة "عدم الاتصال" بحماس، على نحوٍ أعاق بشدة قنوات التواصل الضرورية جدًا مع حكومة الأمر الواقع التي تمثلها. أضف إلى ذلك أن عمل المانحين، في ظل قيود إسرائيلية مفروضة، جعل إيصال المساعدات أمرًا شديد الصعوبة.

وتناول محمود محارب، في دراسته "سياسة إسرائيل تجاه غزة"، السياسة الإسرائيلية منذ أن طرح رئيس الحكومة الإسرائيلية، أريئيل شارون، خطة فك الارتباط من جانب واحد في عام 2003 حتى اليوم. ووقف على دوافع الحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة، وعلى عمق الأزمة الإنسانية التي سببها الحصار الإسرائيلي، وعلى سياسة إسرائيل تجاه مسألة إعادة إعمار القطاع، وعلى رؤية إسرائيل لمسألة التسوية بينها وبين سلطة "حماس" في القطاع. وخلص محارب إلى أن سياسة إسرائيل تجاه غزة ارتكزت على الحفاظ على حصارها أطول فترة ممكنة، والحصول على استقرار أمني وتهدئة طويلة الأمد بين إسرائيل وغزة، والحفاظ على سياسة الردع الإسرائيلي تجاه غزة، وإشراك مصر وسيطًا بين إسرائيل وسلطة حماس، وإدخال أطراف عربية ودولية لتوفير الدعم المالي لغزة، وتدمير البنية التحتية لاقتصاد غزة.

ورصد أسامة أبو ارشيد، في دراسته "توجهات السياسة الخارجية الأميركية نحو غزة بعد عام 2007"، تحت إدارات ثلاث: بدءًا من إدارة جورج دبليو بوش، ومرورًا بإدارة باراك أوباما، وانتهاءً بإدارة دونالد ترامب. ورأى هنا أن الولايات المتحدة الأميركية، رغم تعاقب ثلاث إدارات عليها منذ سيطرة حركة حماس على القطاع، لم تطور استراتيجية واضحة ومتماسكة نحوه؛ وهو ما أثار انتقادات كثيرة؛ إذ إن المقاربة الأميركية بقيت رهينة لردود الفعل نحو التطورات الميدانية على الأرض. وخلص إلى أن قطاع غزة يمثل معضلة أميركية، كما هو معضلة إسرائيلية، ولكن هذه المعضلة نتاج سياسات أميركية سيئة ومنحازة، إلى حد بعيد، كما أنها مجرد عارض من عوارض المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة، وبما لا يبرئ الحصار المصري الرسمي على قطاع غزة من الأزمة الطاحنة التي يعيشها.

وفي باب "المؤشر العربي"، أعدّت دانا الكرد تقريرًا عنوانه "الرأي العام في غزة تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية"، ركّز على قياس مدى الثقة بسلطات الدولة الثلاث، ومدى الثقة بالأجهزة التنفيذية الأساسية، إضافة إلى مجموعة من المؤشرات التفصيلية التي تناولت تقييم أداء المجالس التشريعية في القيام بأدوارها وأداء الحكومات في خدمات أساسية أو مجموعة سياسات عامة.

وفي باب "التوثيق" اشتمل العدد على توثيق لأهمّ "محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية" في المدة 1/5-30/6/2020، وتناولت "وثائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي" الحراك الاحتجاجي في العراق في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

وفي باب "مراجعات وعروض كتب"، أعدّ عمر شعبان مراجعة لكتاب "سنوات التنمية الضائعة في قطاع غزة (2007-2018)" لمازن العجلة، وأعدّ مجد أبو عامر ويارا نصّار مراجعة لكتاب "احتواء حماس: صعود مقاومة فلسطينية وركودها" لطارق بقعوني.

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.