بدون عنوان

اختُتمت اليوم (الاثنين 17 كانون الأول / ديسمبر) أعمال المؤتمر السنوي لمراكز الأبحاث السياسية والإستراتيجية في الوطن العربي الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة على مدى ثلاثة أيام وبمشاركة مديري نحو 70 مركز أبحاث عربي أو من ناب عنهم، وحضره ما يربو عن 160 باحثًا جاؤوا من مختلف الدول العربية ومن خارج الوطن العربي، إذ كانت مراكز الأبحاث التركيّة والإيرانيّة ضيف المؤتمر هذا العام.

واشتمل برنامج اليوم الأخير على جلستين، خصّصت الجلسة الأولى لمناقشة موضوع "القوى الإقليمية والعلاقات الجيوبوليتيكية مع الوطن العربيّ"، فيما تناولت الثانية موضوع "القوى الإقليميّة والتغيّرات الجيوستراتيجيّة بعد الثورات العربيّة".


الجوار الإقليمي للعرب: بين العثمانية الجديدة للدور التركي وطائفية إيران

وقدّم الدكتور سمير صالحة أول أوراق الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور حسن المهندي، وعنوانها "الأهداف والمصالح التركيّة في النظام العربيّ". وركّز فيها على عودة تركيا كقوّة فاعلة في الإقليم، ولكن بصيغة جديدة تختلف عن وجودها العثمانيّ السابق.

ورأى صالحة أنّ الدور التركيّ الحالي لا يمثّل "عودة العثمانيّة" كما يطرحه العديد من الأكاديميّين العرب، وأنّ إعادة الاعتبار "للتاريخ العثمانيّ" لا تعني بأيّ حال من الأحوال "طموحات عثمانيّة" لتركيا العدالة والتنمية.

أشار صالحة إلى التجربة التركيّة الداخلية فيما يتعلّق بالتنمية والنهوض بالاقتصاد والذي وضع تركيا في المرتبة الـ14 عالميًّا ضمن سلّم ترتيب القوى الاقتصاديّة العالميّة، ما جعل صعود الدور التركيّ وفاعليّة دورها في الإقليم إستراتيجيًّا وعلى المدى الطويل وليس صعودًا ظرفيًّا أو مؤقتًا. ودعا صالحة العرب إلى التنبّه إلى التجربة التركيّة وبناء تقاطعات مشتركة مع النموذج التركيّ لأنه نموذج طامح جيوستراتيجيًّا وليس فقط راغبًا في إحداث التغيير والتنمية داخل تركيا.

وقال صالحة إنّ تركيا لا تقدّم نموذجًا إسلاميًّا معتدلًا يمكن أن يحتذى في العالم العربي بعد الثورات على اعتبار أنّ تجربة تركيا لم تكتمل بعد، ولذلك لا يمكن تقييمها ليصار إلى تعميمها، إضافةً إلى ذلك فإنّ مشهد الثورات العربيّة لم يتّضح بعد من ناحية القوى الحاكمة وإمكانية استمرارها في الحكم.

وعقّب الدكتور محمد نور الدين على ورقة الدكتور سمير صالحة، محاولًا استعراض مقاربة تركيا للثورات العربيّة وكيف تعاملت معها. ورأى أنّ تركيا لم يكن لها معيار واحد للثورات، وتعاملت معها بحسب خصوصيّة كلّ دولة، فكانت متفاجئة في تونس، ومتحمّسة في مصر، ورمادية التوجّه والدور في اليمن، وصامتة في البحرين على الرغم من التحذيرات. وعندما جاءت الثورة السوريّة، كان لتركيا دورٌ متقدّم انطلاقًا من رغبتها في أن تكون اللاعب الأقوى في المنطقة فرغبت في إسقاط سريع للنظام السوريّ ما يمكن أن يقلّص دور منافستها إيران ونفوذها.

وعكس المحاضر سمير صالحة، يرى محمد نور الدين أنّ تركيا تحت العدالة والتنمية تطمح إلى "العثمانيّة الجديدة"، مستعرضًا تصريحات عدّة لرئيس الوزراء التركيّ رجب طيب أردوغان ودواد أوغلو. وقال إنّ تركيا قاربت الثورة السوريّة من منظور أنها قوّة أطلسية ضمن فلك الولايات المتّحدة الأميركية وإنّ تركيا خسرت بعد الثورة السوريّة حلفاءَها القدماء ولم تكسب القوى الجديدة، مشيرًا في هذا الصدد إلى علاقات تركيا بمصر.

وفي الورقة الثانية للدكتور طلال عتريسي بعنوان "الأهداف والمصالح الإيرانيّة في النظام العربيّ"، وقدمها نيابة عنه الأستاذ نيروز ساتيك، رأى الباحث أنّ إيران تفاجأت كغيرها بانطلاق الثورات العربيّة خاصّةً في ظلّ انشغالها بقضاياها لاسيّما الملفّ النوويّ الإيرانيّ. وقال إنّها كانت تنتهج سياسات دفاعية قبل الثورات العربيّة.

وذكر الباحث أنّ إيران من المسارعين الأوائل لتأييد الثورات العربية، وعدّتها "صحوة إسلاميّة" كونها هزّت أنظمة كانت قريبة من الغرب والمحور الغربي. لكن إيران رأت في الثورة السوريّة محاولة لتقليص نفوذها في الشرق الأوسط، لا سيّما في ظلّ ميل المعارضة السوريّة لإقامة تحالفات مع الغرب ضدّ إيران. من هذا المنطلق، وقفت إيران إلى جانب النظام السوريّ ودعمته لأنّ كلّ السيناريوهات القائمة في الثورة السوريّة ما عدا بقاء الأسد، هي سيناريوهات تضرّ بالمصلحة القوميّة الإيرانيّة.

وعقب الدكتور محجوب الزويري على ورقة طلال عتريسي، ورأى أنّ ما شهدناه خلال الـ 33 سنة الماضية من استقطابٍ يرجع إلى جذورٍ تاريخية تراكمت وكانت حاضرة في العهد الملكيّ في إيران وفي عهد الجمهورية الإسلاميّة.

رأى الزويري أنّ الثورة السوريّة أعادت إيران إلى مربّعٍ لم تكن ترغب في العودة إليه وهو "الدولة الطائفيّة" معتبرًا أنّ إيران تعيش لحظةً حاسمة في علاقاتها مع العرب. وختم الزويري بقوله إنّ النخبة السياسيّة التي أفرزتها الثورات العربيّة لا ترحّب بالتعامل مع إيران وترى فيها دولة طائفيّة.


الهند وباكستان

في محور "القوى الإقليمية والعلاقات الجيوبوليتيكية مع الوطن العربيّ" دائمًا، قدم الدكتور عبد الوهاب القصاب الباحث في المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات ورقة عن "الأهداف والمصالح الهنديّة والباكستانيّة في النّظام العربيّ". ووصف الباحث العلاقة بين العرب والهند والباكستان من خلال استظهار وتحليل أهداف كلّ من الهند والباكستان ومصالحهما كونهما يمثلان بلدي جوار بحري للوطن العربيّ، كما يمثلان مجالًا حيويًا فاعلًا يمكن أن يؤثر أو يتأثر بما يجري في النظام العربيّ، وبالأخص في قطاعه القريب منهما الذي تمثله الجزيرة العربيّة وإطلالتها البحريّة ذات القيمة الجيوستراتيجية العالية. وأوضح أنّ مسألة الخصومة الهنديّة الباكستانيّة تؤثر سلبًا في العرب، وذلك لتأثيرات تلك الخصومة في العلاقة الإيجابيّة مع إسرائيل. وتوصل الباحث إلى نتيجة أساسية تكمن في أنّ هناك ثلاثة محددات لتحليل العلاقات العربيّة مع كل من الهند وباكستان هي العمالة والموقع الجيوبوليتكي والطاقة، والتي تبدأ بالتفاعل فيما بين الهند وباكستان ومن ثم تعود نتائجها للتفاعل مع العلاقة مع العرب وخاصة شبه الجزيرة العربيّة.


إسرائيل ومحاولات التأثير في النظام العربيّ

وتلت بعد ذلك ورقة للدكتور محسن صالح بعنوان "الأهداف والمطامع الإسرائيليّة في النظام العربيّ". وقال إنّ المشروع الصهيونيّ يلتقي مع المشروع الإمبرياليّ في إبقاء المنطقة العربيّة تحت وزر التخلف والجهل من أجل ضمان السيطرة عليها. وأكد أنّ الكيان الصهيونيّ كيان وظيفيّ (يخدم المصالح الغربية)، إضافة إلى الطبيعة التوسعيّة للمشروع الصهيونيّ.

وحدد الباحث الأهداف والمصالح الإسرائيلية في الوطن العربي في: أولا- استمرار حالة الضعف في الدول العربيّة بما يضمن تفوقها في ميزان القوى؛ ثانيا - تشجيع حالة الانقسام والتّفتت في المنطقة على أسس طائفية وإثنية؛ ثالثًا- السعي للوصول إلى معاهدات تسوية سلميّة منفردة مع الدول العربيّة تحيّدها من معادلة الصراع العربيّ الإسرائيليّ؛ رابعًا- عزل الفلسطينيّين عن العرب، ويرى الباحث أنّ إسرائيل فشلت كليًّا في تحقيق هذا الهدف؛ خامسًا- توطين اللاجئين الفلسطينيّين في الدول العربيّة المجاورة؛ سادسًا- دعم الأنظمة العربيّة المعتدلة والموالية للغرب حتى لو كانت مستبدة.

وعقّب سعيد نوفل على الورقة، مركزًا على قضايا تثير جدلًا في العادة. وتساءل: هل استطاعت إسرائيل بعد كل هذه السنين تحقيق ما كانت تهدف إليه؟ ورأى أنّ قوة إسرائيل كدولة متجانسة أمرٌ مبالغ فيه، كما أنّها لم تستطع القضاء على حركات المقاومة العربيّة، إضافة إلى فشلها في تشكيل دويلات طائفية وإثنية في الوطن العربيّ. وأوضح الباحث أنّ إسرائيل تعي أنّ التغيّرات الحاصلة في الدول العربيّة ليست لمصلحتها لأن الشعوب العربيّة لا يمكن أن تقف إلا ضد إسرائيل.

وخصصت الجلسة الثانية من أعمال اليوم الأخير برئاسة الدكتور عبد الجليل التميمي لتدارس موضوع "القوى الإقليميّة والتغيّرات الجيوستراتيجيّة" واستعرض المحاضرون فيها تفاعل عدد من دول الجوار مع التغيرات الإستراتيجيّة في سياق الثورات العربيّة، بداية بتركيا ثم إيران وإسرائيل، إضافة إلى المنظمات والحركات العابرة للحدود.

قدّم الباحث التركي سليمان سنسوي ورقة تحت عنوان "تركيا والتغيّرات الجيوستراتيجية في الوطن العربيّ". وعدّ الباحث تركيا لاعبًا جديدًا في المنطقة، وقال إنّها دولة لها ميلٌ طبيعيّ نحو العرب. ورأى أنّ الأتراك الآن يستكشفون جذورهم فيما يتعلّق بالعلاقة مع العالم العربيّ، وفي ذلك فرصةٌ ممتازة من أجل اكتشاف ذواتنا كأمّة مسلمة.

وذكر الباحث أنّ تركيا لا تبحث عن بديلٍ للشراكة في الشرق الأوسط والمنطقة العربيّة لأنّ هذه الشراكة أهمّ ركيزة في السياسة الخارجيّة التركيّة منذ الإمبراطوريّة العثمانيّة. وانطلاقًا من هذا البعد، لا تعد تركيا ذات مطامعَ في المنطقة العربيّة، بل ترى ضرورة أن تكون على وفاقٍ مع العرب.

ورأى الباحث أنّ التحوّل الاقتصاديّ إذا ما حدث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فستكون هذه المنطقة مثل منطقة شرق آسيا. ولتحقيق ذلك لا بدّ من التعاون بين دول الشرق الأوسط، وبالضرورة بين العرب وتركيا.

وختم سِنسُويْ بالقول إنّ الشرق الأوسط فيه فرص واسعة على الرغم من التناقضات من حيث المنافسة بين القوى الموجودة فيها. لذلك، لا بدّ من ترسيخ الاعتماد المتبادل بين تركيا والعرب.

وعقّب على الورقة الباحث طارق عبد الجليل الذي أبدى ثلاث ملاحظات؛ إذ لم يتّفق مع الرؤية التي تبنّتها الورقة بالتحليل على أنّ النظام الدولي متعدّدُ الأقطاب، كما أكّدت الورقة أنّ محيط تركيا الجغرافيّ هو مسرح الأحداث الدوليّة، ولذلك ستكون تركيا محورًا لأيّ قوّة سياسيّة دوليّة عالميّة ترغب في التأثير في هذا المسرح. ولكن المعقّب، يرى أنّ هذا ليس بجديد والتحالف التاريخيّ الأميركيّ - التركيّ هو المؤشّر على ذلك.

أمّا المداخلة الثانية في الجلسة، فكانت لمحمد صدقيان تحت عنوان "إيران والتغيّرات الجيوستراتيجيّة في الوطن العربيّ"، وأشار فيها إلى أنّ إيران كانت تتمنّى انتفاضة المجتمعات العربيّة على حكّامها المستبدّين منذ الثورة الإسلاميّة الإيرانيّة، وأنّ البعض صوّر ذلك أفكارًا لتصدير الثورة. ولذلك رأت إيران أنّ ما يجري في الثورات العربيّة هو "صحوة إسلاميّة" أو "صحوة إنسانيّة". وعمومًا، رحّبت إيران بالتطوّرات في كلّ الدول العربيّة. ولكن، كان هناك إشكاليّة خاصّة هي سورية. ورفض الباحث الفكرة القائلة إنّ النظرة الإيرانيّة نظرة طائفيّة ويبرهن على ذلك من خلال تحالفاتها العابرة للطوائف. ويؤكّد أنّها لا تدعم النظام السوريّ كنظام أو بشّار الأسد كرئيس، ولكنها تفكّر في مرحلة ما بعد بشّار الأسد، إذ إنّ إيران تتخوّف من صوملة سورية وتفكّكها.

من ناحيته، عقّب رشيد يلوح على ورقة صدقيان، وأكّد أنّه يغلب على الدراسات والأبحاث عن إيران التعقيد بسبب اختلاط الأيديولوجيات مع تحليل المعلومات والبيانات. ويؤكّد أنّ النظام الإيرانيّ يستخدم قضايا التحرّر ودعم القضيّة الفلسطينيّة لتبرير الاستبداد على الرغم من عدم إنكار إنجازات هذا النظام. ويرى المعقّب أنّ إيران أرادت تصدير الثورة، ولكن معوقات ذاتيّة داخلية إيرانيّة أجهضت الأفكار التحرريّة للثورة.

واستغرب الباحث فكرة أنّ إيران لم تتورّط في التمزيق الطائفيّ في سورية، إذ إنّ هناك حقائقَ تثبت تورّط إيران في سورية. كما أنّ الدور الإيرانيّ في العراق هو دور طائفيّ.


القوى الإقليمية والحركات العابرة للحدود ضمن التحولات الجيوستراتيجية

وقدّم الدكتور محمود محارب ورقة عنوانها "إسرائيل والتغيّرات الجيوستراتيجية في الوطن العربيّ"، وعدّ إسرائيل من أكثر الدول التي تولي اهتمامًا بما يجري في العالم العربيّ على اعتبار أنّ أمنها ووجودها وسياساتها العدوانيّة تتأثّر بالتغيّرات في الوطن العربيّ.

وتطرّق محارب إلى عوامل القوّة الإسرائيليّة التي حصرها في العلاقة مع الولايات المتّحدة، واحتكار الأسلحة النوويّة في المنطقة، إضافةً إلى وجود أنظمة استبداديّة عربيّة. من هذا المنطلق، وقفت إسرائيل بوقاحة ضدّ الثورات العربيّة وطالبت - صراحةً - الولايات المتّحدة والغرب بحماية الأنظمة العربيّة الديكتاتورية المتحالفة مع أميركا والغرب.

وأضاف المحاضر أنّ سياسة إسرائيل في المنطقة العربيّة كانت تقوم على ثلاثة أسس، هي: التحالف مع المعتدلين، أي مع كلّ من يقبل المشروع الصهيونيّ في المنطقة؛ والتحالف مع الأقلّيات الدينيّة بهدف زيادة الاستقطاب الفرعي ومواجهة المشروع العربيّ؛ وحلف المحيط المقصود به الدول الإقليميّة، مثل تركيا، وأثيوبيا والدول الأفريقيّة.

من هذا المنطلق، رأى محارب أنّ إسرائيل عندما وجدت حلفاءَها من الديكتاتوريات العربيّة أخذوا يسقطون حاولت إنقاذهم بدايةً، ومن ثمّ محاولة إفشال الثورات العربيّة واحتواء القوى الجديدة المناهضة لها. وختم محارب بالقول إنّ إسرائيل تخشى في حال قيام ديمقراطيات عربيّة من أن تقيم الدول الغربيّة والولايات المتّحدة علاقات جيّدة مع هذه الديمقراطيّات، ما يُفقدها أو يقلّص من أبرز مرتكزات قوّتها ألا وهي العلاقات مع الولايات المتّحدة. كما تخشى إسرائيل من أنّ الديمقراطيات العربيّة قد تنسّق فيما بينها ويصار إلى عملٍ مشترك بينها من شأنه أن يعيق سياسات إسرائيل التوسعيّة.

ثمّ عقّب هاني المصري على ورقة محمود محارب، ورأى أنّ الورقة بالغت في الوعود والفرص المرجوة من الثورات العربيّة، وتجاهلت المخاطر المرافقة لها، ومدى تأثير هذه المخاطر في نظرة إسرائيل للتغيّرات الحاصلة في الوطن العربيّ، خاصّةً بعد الاضطرابات التي حصلت في مصر، أو مسار الثورة السوريّة.

وكانت آخر مداخلات المؤتمر للدكتور هشام القروي الذي قدّم ورقة عن المنظّمات والحركات العابرة للحدود وعلاقتها بالتحوّلات الجيوستراتيجية في سياق الثورات العربيّة. وصنّف القروي الحركات الإسلاميّة الراديكاليّة في إطار المنظّمات العابرة للحدود كونها تتعارض مع مفهوم السيادة ولا تعترف بالدول الوطنيّة. وهذه الحركات كانت جزءًا رئيسًا في محاربة الديكتاتوريات أثناء الثورات وهي تحاول استغلال نتائج الثورات لصالحها.

ورأى القروي أنّ أبرز الإشكاليّات المطروحة بعد الثورات في مراكز الأبحاث الغربيّة يتعلّق بزيادة تأثير الحركات الراديكالية العابرة للحدود ومستقبلها وتأثيرها في المصالح الغربيّة، خاصّةً فيما يتعلّق بخطوط الإمدادات النفطيّة في المنطقة العربيّة.

وفي سياقٍ آخر، رأى أنّ التهديدات العابرة للحدود سيكون لها تأثيرٌ في التحوّل الديمقراطيّ منها تهديدات متعلّقة بالأمن الاقتصادي خاصّةً في ظلّ الاضطرابات التي تشهدها دول الثورات، وأخرى متعلّقة بالأمن السياسي متعلّقة بالتوتّرات الإقليميّة والدوليّة، والحرب اللامتناظرة التي يمكن أن تقوم بها هذه الحركات في الدول الوطنيّة.

من ناحيته، تدخّل حسين أبو هنية معقّبًا ورأى أنّ المقصود تحديدًا بالحركات الراديكاليّة العابرة للحدود هو تنظيم القاعدة والحركات الجهاديّة السلفيّة، وأنّ هذا التنظيم وغيره من الحركات تفاجَأ كالآخرين بثورات الربيع العربي التي أرست نمطًا جديدًا للتغيّر  يختلف جذريًّا عن النمط الذي كانت هذه الحركات تطرحه.

وذكر أنّ تنظيم القاعدة يُعدّ من أبرز الناشطين في المجال الافتراضي، ويحاول بثّ أفكاره وعولمتها من خلال ما أطلق "الجهاد الإلكتروني" أو "جهاد الجيل الثالث". وفرض هذا الأمر لاحقًا تكيّف هذه الحركات مع المستجدّات السياسيّة الحاصلة في الوطن العربيّ، إذ تخلّى عددٌ من الحركات الجهاديّة عن نمطه قبل الثورات العربيّة وأنتج أطرًا جديدة تحمل الفكر نفسه ولكنّه يختلف بطريقة التعبير عن نفسه، وذلك من خلال التظاهرات والاحتجاج السياسيّ مثل "جماعة أنصار الشريعة" في تونس وليبيا.