بدون عنوان

اختتمت أمس (الخميس 11 نيسان / أبريل) في الدوحة أعمال مؤتمر "عشر سنوات على احتلال العراق: التداعيات والتأثيرات" الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يومي 10 و11 نيسان / أبريل 2013. وشهد اليوم الثاني والأخير من المؤتمر عقد أربع جلسات في سلسلة الجلسات الأكاديمية للمؤتمر. وقد تناولت عددًا من الموضوعات المهمة التي أثرت في المشهد العراقي خلال العقد الماضي.

وبعد الجلستين الصباحيتين في سلسلة الجلسات الأكاديمية للمؤتمر، واللتين تناولتا عددًا من الموضوعات المهمة التي أثرت في المشهد العراقي خلال العقد الماضي (يمكن الاطلاع على ملخصهما بالنقر هنا)، ضم برنامج مساء اليوم الثاني جلستين أيضًا. وشارك في الجلسة الثالثة من اليوم الثاني أربعة باحثين، هم: مروان بشارة، وأسامة أبو ارشيد، وكيكو ساكاي، ومثنّى حارث الضاري.

وكانت الورقة الأولى في الجلسة تحت عنوان "الأسرلة: الغزو والاحتلال الأميركيّ للعراق"، للباحث مروان بشارة الذي حاول من خلالها استعراض أهمّ العناصر الموجّهة للذهنية الأميركيّة في قرار احتلالها العراق، وهي العناصر نفسها التي تحكم رؤية إسرائيل للعالم والمنطقة، وهي الحالة التي انتهت بالأميركيّين إلى تقمّص الشخصية الإسرائيليّة. ودعم بشارة عرضه بمقدّمة تاريخية أبرزَ من خلالها تجذّر هذه العناصر في التاريخ السياسيّ الأميركيّ.

وأشار الباحث إلى أنّ الأسرلة التي تعرّضت لها أميركا دفعت بها إلى التصرّف كدولة مارقة، بينما دفعت إسرائيل إلى التصرّف كإمبراطورية، وهو ما انتهى بالولايات المتّحدة إلى الفشل. ويعتقد الباحث أنّ مساعي أوباما الأخيرة تعبّر عن رغبة الأميركيّين في التحرّر من أسر الرؤية الإستراتيجية الإسرائيليّة.

وقدّم أسامة أبو ارشيد الورقة الثانية بعنوان: "تأثير الانسحاب الأميركيّ من العراق في أولويّات الاهتمام الأميركيّ في العالم"، التي تناول فيها التقدير الأميركيّ للانسحاب من العراق، وهو تقدير لم يأخذ في حسبانه العامل الأخلاقي، بل اعتمد على الخسائر والتحدّيات التي تطرحها المنافسة الصينيّة، وعدم ارتداع إيران وكوريا الشماليّة.

وبعد تحليله الوضع الأميركيّ بعد الانسحاب من العراق، ختم أبو ارشيد ورقته بالإشارة إلى الأولويّات الأميركيّة اليوم، والتي جاءت واضحةً في خطاب أوباما عن حالة الاتّحاد الأخير، والتي تأسّست على إعادة بناء الاقتصاد الوطني، والاهتمام بالخارج من منظور اقتصادي.

أمّا الورقة الثالثة، فكانت للباحثة اليابانية كيكو ساكاي، وهي بعنوان: "تدخّل القوى الدوليّة غير الغربيّة في غزو العراق - اليابان نموذجًا". اهتمّت الباحثة في ورقتها بمقاربة المشاركة اليابانيّة في الغزو الأميركيّ للعراق، إذ استعرضت في البداية العلاقات التاريخيّة التي ربطت بين اليابان والعراق. وبعد ذلك أشارت ساكاي إلى الدور اليابانيّ الجديد في العراق بعد الغزو، والذي زاوجت فيه بين الحرص على المصالح الأمنيّة والمصالح الاقتصاديّة. وأشارت الباحثة في ختام ورقتها إلى أنّ احتلال العراق كان فرصةً لحدوث تحوّلٍ في العلاقات اليابانيّة الأميركيّة.

ثمّ اختُتمت المداخلات بكلمة للباحث مثنّى حارث الضاري، والتي ركّز فيها على دور المقاومة العراقيّة في مواجهة الاحتلال الأميركيّ، متناولًا طبيعة المكوّنات الأساسية لهذه المقاومة وتوجّهاتها. كما أشار الضاري إلى أهمّ المراحل التي مرّت بها المقاومة.

في الجلسة الأخيرة من المؤتمر، قدّم سلام مسافر قراءته للمحدّدات الداخليّة والخارجيّة للموقف الروسيّ من غزو العراق في عام 2003، مشيرًا إلى أنّ الكرملين سعى للحفاظ على موقفٍ مستقلّ وُصف حينها بأنّه غيرُ مريحٍ، لكنّه - وبعد سنواتٍ من احتلال العراق- بدا منسجما مع النهج البراغماتي لرجل روسيا القوي فلاديمير بوتين. ويرى مسافر أنّه على الرغم من تصريحات الروس التي لم تؤيّد العمل العسكريّ ضد العراق إلا أنهم لم يقفوا حائلا دونه.

من جهته رأى حميد دباشي أستاذ كرسي "هاكوب كفوركيان" للدراسات الإيرانية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا، أنّ الغزو الأميركيّ لأفغانستان في عام 2001 ثم للعراق في عام 2003 جاءا ليصبا كليًّا في مصلحة الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة ويحقّقا لها فائدةً إستراتيجية كبيرة، عبر إزاحة اثنين من أبرز أعدائها: صدام حسين في الغرب وطالبان في الشرق.

أما سرهاد إيركمان، وفي ورقته "نتائج غزو العراق في الشرق الأوسط: الحالة التركيّة"، فيرى أنّ غزو العراق تسبب بحالة أمنيّة جديدة بالنسبة إلى تركيا. وشخّص ايركمان آثار الغزو على العراق وتداعياته على أمن تركيا، مشيرًا إلى تنامي نشاط حزب العمال الكردستاني في أعقاب الغزو الأميركي للعراق، وأصبح يستخدم الأراضي العراقيّة قاعدةً لانطلاق هجماته ضد تركيا. إضافة إلى ذلك، فقد عدّت تركيا - والدول الأخرى التي تعيش فيها أقليات كردية - سعي أكراد العراق لنيل استقلالهم تهديدًا سافرًا لوحدة أراضيها.

وفي نهاية أعمال المؤتمر، قدّم الدكتور سيار الجميل الأستاذ الباحث في المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات كلمةً ختاميّةً، شكر فيها - باسم المدير العام للمركز - المشاركين في المؤتمر، ولخّص أبرز ما تداوله المشاركون طيلة الجلسات التي امتدت على يومين والنقاشات المثمرة التي شهدتها.