العنوان هنا
تقارير 30 يناير ، 2012

الطائفية تهدد الثورات العربية والديمقراطية

الكلمات المفتاحية

التاريخ: 30/01/2012

المصدر: العرب القطرية

للاطلاع على رابط الموضوع انقر هنا

عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة ندوة علمية بعنوان «الثورة العربية والديمقراطية: جذور النزعات الطائفية وسبل مكافحتها»، حيث أكد الدكتور عزمي بشارة المدير العام للمركز في افتتاح الندوة على أهمية مناقشة موضوع الطائفية من زاوية المنهجية العلمية، وليس كرد فعل على الأحداث، وأيضا تأكيد مساهمة المركز في هذا الوقت بالذات في دراسة الفعل الجماهيري لتغيير نظم الاستبداد والتحول نحو الديمقراطية. وأشار بشارة إلى أن النظام الطوائفي التوافقي قد لا يكون استبدادا، لكنه ليس في الوقت نفسه ديمقراطيا، وأوضح أن المركز ارتأى تناول موضوع الطائفية بمشاركة باحثين مختصين من لبنان ومصر وسوريا بمنهجية تركز على النسق الاجتماعي للمجتمعات العربية وبالتوازي مع الحالة الثورية العربية واستقطاباتها السياسية، وقال عزمي بشارة إن الهدف من الثورات هو بناء نظام ديمقراطي وإن هذا النظام لا يتفق مع ثقافة الأغلبية القائمة على التعبير الطائفي لأنها ليست مبدأً للديمقراطية.

وأوضح الدكتور بشارة أن الطائفية ظاهرة حديثة وإسقاطها مفاهيميا على الماضي لا أساس له من التاريخ، فلا يوجد معنى سلبي أو إيجابي للطائفية في استخداماتها المصطلحية التاريخية إذ كانت تعني «الجزء من الكل» أو «تجزيء الكل»، وحتى عند الحديث عن الشيعة والسنة وغيرها لا يحق في الماضي الحديث عن طوائف لأن اكتمال المذهب الشيعي مثلا لم يكن يعني تكون الطائفة، وتابع بالقول إن المعنى السلبي المعاصر للطائفية ظهر مع مصطلح ملوك الطوائف في الأندلس. 
وشدد الدكتور على تدخل الاستعمار في تشكيل الطائفية وتسييسها، وقومنة الطائفية، وبذلك تحويل الطوائف من كيانات اجتماعية إلى كيانات سياسية.


مغالطات الطائفية

وأوضح عزمي بشارة أن الطائفية مجموعة مغالطات لكنها تبدو منطقية، وأنها في الحقيقة هي التعصب لجماعة سواء كانت تضم متدينين وغير متدينين أو متدينين حصريين من فهم معين للدين. 

ومن جملة المغالطات التي تقوم عليها الطائفية والنظام الطائفي القول بأن التعددية الطائفية هي التعددية الديمقراطية ومحاولة مطابقة هذه بهذه، إلا أن التعددية الطائفية تميز الإمبراطوريات لا الديمقراطيات والدولة العثمانية كانت أرقى أشكال قوننة الطائفية. موضحا أن اعتبار التعددية الطائفية تعددية ديمقراطية لا أساس له لأن التعددية الديمقراطية تنافسُ أفكار سياسية وبرامج بخصوص أفضل سبل تمثيل مصالح الأمة، أما الطائفية فهي أبعد ما تكون عن تحديد مصالح الأمة بل تسعى لضمان مصالح ضيقة للطائفة وأفرادها وتؤدي إلى تهميش المصالح والقضايا الوطنية والقومية. ونبه في هذا الصدد إلى أن تعدد الهويات لا يميز الحداثة.

ومن بين المسائل التي تثبت الطائفية سياسة تعامل الدولة مع الطوائف، مشيرا إلى مثال الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر الذي كان أخطر ما فعله هو أنه كرس الطائفية بتقنين تعامل الدولة مع المواطن على أساس كونه شيعيا أو سنيا وجعل المواطن يتعامل هو معها على هذا الأساس.


خطر قائم

وفي محاضرته التي كانت بعنوان «مخاطر الانحراف الطائفي على الثورات العربية في المشرق»، أكد الدكتور وجيه قانصو أن خطر الطائفية على الثورات العربية ليس تهديدا وشيكا بل هو واقع قائم، مستدلا بأن النخب الجديدة التي كانت في صلب أجيج الثورة ليست ممثلة في المجالس المنتخبة بعد الثورات مما يثير القلق من أن تعود القوى التقليدية والطائفية للاستحواذ على نتائج الثورة.

وأشار إلى أن الثورة حملت مضمونا ثقافيا وأحدثت منطقا جديدا جعلها قادرة على تصفية الحسابات مع الوعي العربي القائم في سبيل الانتقال إلى نقطة توازن جديدة وإنشاء براديغم جديد وتجهض بذلك خلق نقطة توازن جديدة تصفي الحسابات مع الوعي العربي القائم، ونبه إلى أن هذا الإنجاز الأساسي للثورات العربية أصبح مهددا بفعل عودة القوى التقليدية والطائفية وتصدرها لمشهد ما بعد الإطاحة بالأنظمة السابقة. وأضاف أن الطائفية هي الشكل الحديث لرابطة العشيرة التي كانت تضع جدارا عازلا للفرد عن الدولة، ومثلها تضع الطائفية عازلا للمواطن عن الدولة.
وأشار الدكتور سمير مرقس في محاضرته «25 يناير: بين الحراك الوطني والعراك الديني» إلى بعض المظاهر الطائفية في أحداث ما بعد تنحي حسني مبارك في مصر واشتداد جذوة الخطاب الطائفي. 

وقال إن الثورة المصرية قد فككت البنى الطائفية في 25 يناير والأيام الأولى للثورة، وجرى تجاوز الاستقطاب وحصلت المصالحة وتوحيد المصريين بصرف النظر عن انتماءاتهم، فقد تحرك الشباب دون انتظار قرار المرجعيات الدينية والطائفية التي كانت مترددة في المشاركة في تظاهرات 25 يناير، فالشبان الأقباط لم ينتظروا قرار الكنيسة للمشاركة في التظاهرات.

وعلى الرغم من الأحداث التي وقعت بعد 11 شباط فبراير الماضي وتنحي مبارك بعودة النعرات الطائفية، يعتبر الدكتور سمير مرقس أن نهاية العام 2011 شهدت عودة المد الثوري إلى الشارع المصري من أجل المطالبة باستكمال الثورة وتحقيق التغيير الفعلي وقطيعة نهائية مع الممارسات الماضية.


الاستعمار وصناعة الطائفية

وفي محاضرته التي عنوانها «الطائفية: الصناعة والوعي الزائف» تناول الأستاذ محمد جمال باروت، مراحل نشأة الطائفية في بلاد الشام، وأكد على خطأ الفكرة الرائجة بأن نظام الملل العثماني هو من أنشأ الطائفية السياسية لأن الدولة العثمانية تعاملت على نحو متساو مع جميع مكونات المجتمعات التي خضعت لسلطتها ولم تفرض سيطرة طائفة على أخريات. 

ويرجع باروت نشأة الطائفية السياسية في البلاد العربية وخصوصا في بلاد الشام إلى السياسة الغربية تجاه المنطقة. وكان المشروع الاستعماري لنابليون الثالث فاتحة فبركة الطائفية السياسية، مشيرا إلى أن أول تقنين للطائفية السياسية حدث تحت حكم الدولة العثمانية ولكنها أرغمت على ذلك من قبل القوى الاستعمارية، بإنشاء «النظام الأساسي لمتصرفية جبل لبنان» في عام 1860. 

وذكر المحاضر دور الاستعمار الفرنسي في تأجيج الطائفية السياسية في بلاد الشام، من أجل حماية مصالحه في التعديل الذي أرادت بريطانيا إدخاله على اتفاقية سايكس-بيكو، وكان من قبيل ذلك أن قوانين الأحوال الشخصية التي وضعت طوال مراحل الانتداب الأجنبي لبلاد الشام بنيت على أسس طائفية وكرستها.

وقدم الدكتور محمد الشنقيطي عرضا تاريخيا لحقيقة الصراع الطائفي بين السنة والشيعة، مشددا على أن الخلاف بين الطرفين سياسي تاريخي وليس عقديا ولا حتى على مستوى الشعائر، وأوضح أن التحريض والتقاتل الطائفي بين السنة والشيعة في التاريخ لم يكن هو السائد إنما كان السائد تواصل واحترام الاختلاف. مشيرا إلى أن التاريخ رصد في بدايات الصراع الطائفي السني الشيعي صراعا بين حي باب البصرة السني الحنبلي وحي الكرخ الشيعي الإمامي في العراق، غير أن التاريخ الحديث يشهد تأججا للخلاف السياسي بين الفريقين ومن بين عوامل ذلك ما يسميه الشنقيطي بـ «حنبلة السنة» و «أسمعة الشيعة الإمامية»، حيث أصبحت الثقافة الحنبلية المحرضة ضد الشيعة هي السائدة لدى السنة حتى وإن لم يكونوا حنابلة، وإن المذهب الإسماعيلي المحرض ضد السنة أصبحت أفكاره طاغية على الشيعة.

وأكد الشنقيطي أن هناك فرصا لتحقيق التواصل بين السنة والشيعة بدل القطيعة وأن البداية يجب أن تكون من تفكيك الخلاف السياسي بينهما. وأردف بالتشديد على ضرورة انتقال من فكرة التسامح إلى فكرة المساواة التي لا منة فيها، لا للحاكم على الشعب ولا لأغلبية على أقلية، وأضاف أنه يجب الوعي بأن الدولة ليست قائمة على الطائفية ولكنها قائمة على عقد اجتماعي أساسه الجغرافيا لا على أساس الدين أو اللغة أو العرق، وعندها نكرس المساواة بين كل من يعيشون على نفس الرقعة الجغرافية للدولة وننهي الطائفية.

رابط الخبر: http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1507&artid=170326#