العنوان هنا
تقييم حالة 21 فبراير ، 2011

احتمال إلقاء حزب العمال الكردستاني سلاحه

الكلمات المفتاحية

رستم محمود

باحث سوري مهتم بقضايا الأكراد في المنطقة. حاصل على بكالوريوس في الإعلام من "جامعة دمشق" . وهو طالب في ـ"المعهد العالي للعلوم السياسية" في مدينة التل السورية، قسم الدراسات الدولية والدبلوماسية . عمل كاتبا في القسم السياسي في صحيفة "الحياة" و"المستقبل" و"السفير" وموقع "الأوان" لعدة سنوات. كما عمل باحثا في مركز "فلورنسا – باريس " . واشتغل قبل ذلك باحثا في مؤسسة الفكر العربي ببيروت، وأعدّ لصالحها بعض الأعداد الخاصة من دوريتها الفكرية السياسية: "حوار العرب" عن "الإشكالية الكردية في الذهن العربي الراهن" و" العرب بعيون تركية" و" أين العرب من العملاق الروسي". ساهم في إعداد و إخراج سلسلة من الأفلام الوثائقية عن واقع "المهمشين" سياسيا في مناطق الشرق الأوسط.

تحاول هذه الورقة التوصل إلى تقديم إجابة على سؤال يتعلق بمدى أهمية قرار وقف اطلاق النار الذي أعلن عنه حزب العمال الكردستاني  الذي يعد الأطول في تاريخ الصراع بين الحزب والحكومة التركية (سيمتد ثمانية أشهر)، وهو يأتي في ظل ظروف سياسية إقليمية وداخلية جديدة في تركيا. كما أنها تتساءل عن إمكانية كون القرار المتخذ من الحزب سيؤدي في نهاية المطاف إلى تخلي هذا الحزب عن العمل المسلح، ويبدأ مرحلة مختلفة في أسلوب كفاحه؟ وتصل لنتيجة مفادها أن ثمة توافق تام بين اللاعبين المباشرين على ضرورة تخلي حزب العمال الكردستاني عن سلاحه.

 في 2/11/2010 أعلن حزب العمال الكردستاني وقفاً موقتاً لإطلاق النار ينتهي في آخر حزيران/يونيو 2011 موعد اجراء الانتخابات التشريعية في تركيا. وقد جاء ذلك الإعلان نتيجة لمجمل الاتصالات المكثفة التي أجرتها جهات عدة، مثل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وزعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل في تركيا عبد الله أوجلان، ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، والنائب عن حزب المجتمع الديمقراطي التركي، المؤيدة للأكراد، أيسيل توغلو، وهي محامية أوجلان، التي قامت بجولات مكوكية بين هذه الأطراف.


الفاعلون المباشرون وغير المباشرين في هذه العملية

ثمة فاعلان مباشران فقط في هذه العملية هما:

  • حزب العمال الكردستاني، المتمثل بمجموعة من المقاتلين الذين ينتشرون في سلسلة الجبال الواقعة بين تركيا والعراق، ويقدر عددهم بحوالى 5000 مقاتل، ويعتبر زعيمهم في تركيا عبد الله أوجلان المنبر السياسي المباشر لديهم والمعبر عنهم، كما يعتبر حزب السلام والديمقراطية الشرعي، والذي لديه 22 نائبا في البرلمان التركي، الواجهة السياسية لهؤلاء المقاتلين.
     
  • الحكومة التركية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، وهذه الحكومة تتعامل مع الملف الكردي بصفتها الحكومية المباشرة التي تعبر عن تطلعات القوى الدولتية الأعمق في تركيا، مثل الجيش والمجالس الاقتصادية... الخ.

ثم ان هناك ثلاثة فاعلين غير مباشرين في هذه العملية أيضاً هم:

حزبا المعارضة التركية، أي حزب الشعب الجمهوري (حزب الأتاتوركية ) وله 111 مقعدا في البرلمان، وحزب الحركة القومية اليميني، وله 77 نائبا في البرلمان الحالي (عدد مقاعد البرلمان التركي 550 مقعداً)[1].

الحكومة المحلية في إقليم كردستان العراق، وهي الجهة السياسية الكردية الوحيدة المعترف بها رسمياً في المنطقة، والتي لها صلة بالصراع بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية، عبر الامتداد الجغرافي لمعسكرات حزب العمال الكردستاني في المنطقة التي يسيطر عليها الحزب في شمال العراق.

القوى الدولية، وبالذات الولايات المتحدة والدول الإقليمية (إيران وسوريا والعراق وإسرائيل).... لعلاقتها الجيوسياسية بالموضوع الكردي في المنطقة.*

من حيث المبدأ، ثمة توافق تام في خطاب الطرفين الرئيسين في هذه العملية، على أن مرحلة الكفاح المسلح أصبحت من الماضي ويجب أن ينتهي عهدها. وهذا الخطاب السياسي بدأ يظهر في أدبيات الطرفين الفاعلين في هذه العملية، منذ اعتراف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بوجود قضية كردية في البلاد؛ وهو اعتراف أعلنه في مدينة ديار بكر في ربيع 2005، حين دعا إلى إسكات لغة السلاح وبدء مرحلة جديدة. لكن الخلاف الرئيس هو في المتطلبات السياسية والقانونية التي يجب أن تسبق عملية وضع السلاح جانباً. فحزب العمال الكردستاني يطالب بحزمة من الإجراءات، وبضمانات لتنفيذ تلك الإجراءات. وفي المقابل فإن حزب العدالة والتنمية يلمح إلى بعض الإجراءات التي يمكن أن يتخذها في ما لو تلقى ضمانات اكيدة في أن حزب العمال الكردستاني سيلقي سلاحه[2].


 


 

[1] لفهم أعمق للتمثيل السياسي للتيارات الحزبية الكردية في البرلمان التركي، يمكن متابعة كتابات يوسف كانلي

www.hurriyetdailynews.com/n.php?n=kurdish-representation-2010-12-26

* - ثمة تضاربًا شديدًا في الدور الإسرائيلي وتدخله في القضية الكردية. فالورقة الكردية لأهميتها في الشرق الأوسط ودوله الكبرى لا بد ان تستحوذ على الأهمية القصوى في العقل السياسي الإسرائيلي . لكن الموقف الديني والثقافي والاجتماعي للشعوب العربية من إسرائيل، يدفعها دوما إلى ممارسة أدوار مخفية في هذا الملف المهم، وفي أغلب الأحيان من خلال طرف ثالث يلعب دورا وسيطا.

[2] ثمة مجموعة من المقترحات لبناء الثقة وضعها السياسي الإيرلندي المشهور جو رايلي كي تسبق عملية نزع السلاح ، ويمكن قراءتها على الرابط :

www.turkishweekly.net/news/110556/-39-begin-dialogue-over-kurdish-issue-39-irish-politician-urges-turkey.html