Author Search
باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
سيمنار المركز بعنوان: التشكّل السلطوي لمفهوم السيادة في البلدان العربية
الدكتور مراد دياني رئيسًا والباحث عبده موسى محاضرًا في جلسة السيمنار
الباحث عبده موسى
الدكتور مراد دياني
الحضور المشارك في السيمنار
الباحث عبده موسى خلال تقديمه العرض أمام الحضور المشارك

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الذي عُقد في الدوحة، يوم الأربعاء 15 كانون الثاني/ يناير 2020، عبده موسى، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، والذي قدّم محاضرةً بعنوان "التشكّل السلطوي لمفهوم السيادة في البلدان العربية".

قدّم الباحث في بداية العرض ملامح عامة لمشروعٍ بحثي يتناول مسألة السيادة والدولة، معالجًا التطورات التي تشكل التواشج بين المفهومين في السياق العربي، ومعرّجًا على الأبعاد القانونية والسياسية والاجتماعية لدراسته. وبين أنّ غايته البحثية هي تشكيل فهم مُعمّق لمسألة استقلال الدولة العربية، وكفاءة الحكم فيها، معتمدًا مدخل السيادة.

واستعرض الباحث الأقسام التي خطط المشروع وفقًا لها، وهي أربعة أقسام. ففي المدخل النظري والمفاهيمي، تتبع الباحث التطورات التي جرت بشأن نظرية السيادة، وانعكاساتها في الفكر الدستوري والسياسي العربي، ومدى تعلق التصورات العربية لمفهوم السيادة بتحولات الدولة العربية، وصولًا إلى مرحلة الربيع العربي. أما في المقاربة العامة، التي تضم تحليله القدرة السيادية للدولة العربية على قاعدة الممارسة السياسية الفعلية مع بيان التباين بينها وبين القانون والخطاب، فقد حاول تأسيس نموذج للفهم والتفسير، في حين ضمّ القسم الثالث مقاربة مقارنة تحلل التمايزات والتشابهات في الحالات الرئيسة التي تشكل الأنماط التطبيقية للمفهوم في البلدان العربية، بخصوص قضايا السيادة الداخلية، وقضايا السيادة الخارجية، ثمّ انتهى الباحث إلى خلاصات ونتائج، مع طرحٍ لتصور يُعيد تأسيس مفهوم السيادة عربيًا وفق منحى ديمقراطي واستقلالي.

استعرض الباحث مسارًا لتشكّل مفهوم السيادة عربيًا، منطلقًا من أنّ للسيادة دالتَين تُميّزانها هما السيطرة على السكان والهيمنة على إقليم الدولة، ومن قناعةٍ مفادها أنّ مفهوم الاستقلال هو أكثر المفاهيم التي تلخص تاريخ الدولة العربية الحديثة، وأنّ كفاءة الدولة متعلقة بمعيار الاقتراب من حده المعياري أو النأي عنه، وأنّ هذا الحدّ لا مجال لفهمه من دون أن نفهم الأصل الذي نبع منه، وهو مفهوم السيادة.

وتحدث الباحث عن العناصر التي تكوّن مفهوم السيادة في الفكر العربي، والتي تتشكل انطلاقًا من النظرة الكلاسيكية للمفهوم، في حين تتجاهل حقيقته بوصفه وسيطًا بين السلطة والقوة. وتصف الكتابات العربية السيادة بأنها جدارة وأهلية للدولة للاستقلال عن أي سلطة أخرى؛ بمعنى أن السيادة حيز لممارسة السلطة مضمون للدولة فيه: تفوقها، وأوليتها على ما عداها، وعدم تجزئة ما تتمتع به من صلاحيات أو مشاركتها مع أطراف أخرى. وينتقد هذا الطرح من جهة أنه معياري، سَكَن كُتب القانون ونصوصه، لكنه لم يعكس واقع ممارسة السيادة، ولا التفاعل السياسي حولها في المنطقة العربية.

وفي بيانه للحالة المصرية، ضمن مقارنة عبر عربية، انطلق الباحث من مقاربة السيادة بوصفها "أيديولوجيا دولة"، زاعمًا أنّ أهمية الحالة المصرية تكمن في فشل غالب الطروحات المتداولة عن الدولة العربية من جهة أن تنطبق عليها بشكل جيد (مثالها مقاربة الدولة القبلية، والدولة المصطنعة، ودولة الهويات المنقسمة). ثم استعرض، في معالجة الحالة المصرية، عددًا من المسائل الجدالية، أهمها تناقض الحقوق الشخصية للمواطن في مقابل حقوق الجماعة، وأن النضال الدستوري الذي يعود إلى أكثر من قرن قد تمخض عن تقليدين فكريين حول معنى السيادة؛ تقليد دستوري ينافح عن سيادة الأمة، وهو يعنى بضبط السلطة، وتقليد دولتي ينافح عن سيادة الدولة (المتقلصة في هيئة الحاكم/ السيد)، وهو يعنى بضبط أفراد المجتمع. وأشار الباحث إلى أهمية نَفْض وهمين مكرسين في الفكر القانوني الدولتي، هما ادعاء وجود حقوقٍ للجماعة بخلاف الحقوق السيادية، وادعاء وجود حقوق للجماعة تناقض في جوهرها حقوق الفرد.

وفي الختام طرح الباحث إمكانية استعادة معاني استقلال الدولة وقوّتها عبر أطروحة تقوم على أولوية مبادلة السيادة عبر الحدود العربية - العربية، وخفض حمولتها السلطوية داخليًا.

وأعقب المحاضرة نقاشٌ عامٌّ، شارك فيه الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وجمهور الحضور.