Author Search

أستاذة مشاركة في برنامج الفلسفة بمعهد الدوحة للدراسات العليا. تتمحور اهتماماتها البحثية حول الفلسفة الثقافية ببعديْها الغربي وما بعد الكولونيالي، مع اهتمام خاص بالفكر العربي الحديث والفلسفة العربية المعاصرة. 

من السيمنار
من السيمنار
إليزابيث كساب
إليزابيث كساب
رشيد بوطيب
رشيد بوطيب
هاني عواد مترئسا جلسة السيمنار
هاني عواد مترئسا جلسة السيمنار

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، يوم الأربعاء 20 آذار/ مارس 2024، الدكتورة إليزابيث كساب، أستاذة الفلسفة في معهد الدوحة للدراسات العليا، والتي قدّمت محاضرة عنوانها "من الحرب العالمية الثانية إلى حرب غزّة: الفلسفة ولحظات سقوط أوروبا"، تناولت فيها تأثير حرب غزة في إدراك الكثيرين للغرب، وخاصة أوروبا، والكيفية التي أدى بها ذلك إلى "سقوط" أوروبا في المخيال الفلسفي.

أشارت كساب إلى أنه على الرغم من ارتكاب الصهيونية المجازر في حق الفلسطينيين على امتداد الستة أشهر الماضية، فإن الأوروبيين واصلوا تغطيتهم السياسية والثقافية للقوى المُعتدية، في عملية نزع أنسنة عن الإنسان غير الأبيض، ما يدفعنا إلى طرح السؤال، تبعًا لها، عن ماهية ما نمرّ به في هذه المحنة، على مستوى العاطفة والأفكار.

وصفت كساب عرضها على أنه تمرين في التعبير عن التحول الذي نمرّ به: "سقوط أوروبا" والمطالب الفكرية، وعلى نحو أكثر تحديدًا الفلسفية، التي تفرضها علينا هذه التجربة. وقامت في هذا بمسح للطريقة التي تعامل بها الفلاسفة مع لحظات "سقوط" أخرى لأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، مُركّزة بصورة رئيسة على الأزمة الفلسفية التي أعقبتها. واستعرضت الصور المختلفة التي تفاعل معها الأكاديميون والمفكرون لذلك "السقوط"، وكيفية تأثّر أفكارهم وتصوراتهم تبعًا لخلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية. وعلاوة على ذلك، أوضحت الكيفية التي يُغفَل بها غير الأوروبيين من الخطاب الإنساني، والفلسطينيون بصورة خاصة، ونجد ذلك حتى في المدارس النقدية التي زعمت محاولتها التفكير بصورة جذرية في المجتمع في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

بدأ السيمنار بحديث عن مؤتمر الفلسفة الأميركي الذي عُقد في نيويورك عام 1947، بعد الحرب العالمية الثانية، والذي جمع فلاسفة من قارتَي أميركا الشمالية والجنوبية لمناقشة حال الفلسفة وآفاقها المستقبلية بعد دمار أوروبا. وقارنت اهتماماتهم بتلك الخاصة بالعالم الاجتماعي الأميركي الأفريقي البارز وليام إدوارد بورغاردت دو بوا وتلك الخاصة بإيمي سيزير، اللذين كتبا في الوقت نفسه تقريبًا عن الموضوع ذاته، ولكن بنظرة مختلفة جدًا حول "سقوط" أوروبا.

ثم انتقلت إلى استعراض بعض الكتابات الفلسفية الأوروبية التي عكست على نحو نقدي صعود الفاشية والخطابات الهمجية إبان الحرب العالمية الثانية، ومن بينها: مدرسة فرانكفورت النقدية، والفلسفة الوجودية لجان بول سارتر، وإيتيقا الآخرية عند إيمانويل ليفيناس. وبما أن نهاية الحرب تزامنت مع النكبة الفلسطينية، واصلت كساب تتبّع القراءات النقدية لتلك الفلسفات، بهدف تحديد "النقاط العمياء" لها: كيف تعاملت تلك الفلسفات النقدية الأوروبية مع صنع النكبة الفلسطينية؟ وما مكان الفلسطيني في تلك المحاولات لإضفاء المعنى على الفاجعة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية؟

واختتمت كساب السيمنار بالإشارة إلى ردود الفعل الأوروبية على حرب غزة، لا سيما تلك التي قدّمها عدد من الأكاديميين والفلاسفة البارزين، إذ تداعت الفلسفة الأخلاقية وتركتنا وحدنا لمواجهة فظائع الحرب. وتساءلت عن عواقب "العزلة" بالنسبة إلينا، وعواقب خيانة قيم الديمقراطية، التي يدعون إليها، وما تقوله هذه المواقف عن العالمية أو الخصوصية. ثم عقّبت بالاقتباس من سيزير ودو بوا حول "الخيانة الأخلاقية"، وإذا ما كانت خيبة الأمل المريرة التي نمرّ بها شكلًا من أشكال "التنوير" الوحشي الذي دعانا كلاهما إلى حمل تلك القيم ولكن من دون وصاية أوروبية. وتساءلت في النهاية عن التحديات الفكرية والفلسفية والسياسية التي تنتظرنا.

وقد عقّب الدكتور رشيد بوطيب، أستاذ الفلسفة في معهد الدوحة، بقوله إنه لا يمكن التفكير في غزة من دون التفكير بالكونية أو الفكر النقدي الغربي، وعدّد مجموعة من الأفكار والمفاهيم النقدية، التي يمكن الاستعانة بها من أجل التفكير في الوضعية التي نعيشها، لمجموعة من الفلاسفة الغربيين، من بينهم: ثيودور أدورنو وجاك دريدا وميشيل فوكو وبيير بورديو وإيمانويل ليفيناس وغيرهم. مؤكدًا أن التفكير في واقعنا اليوم عليه أن يبدأ من خلال التفكير النقدي في الرأسمالية والحداثة، والمراكمة على التراث العالمي للفلسفة.

وشارك في نقاش السيمنار نخبة من أساتذة معهد الدوحة وباحثي المركز العربي، تناولوا موضوعات الأخلاق، والفلسفة في لحظة الكارثة، وحقوق الإنسان.