أستاذة علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في معهد الدوحة للدراسات العليا.
استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 13 آذار/ مارس 2024، الدكتورة دينا طه، أستاذة علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في معهد الدوحة للدراسات العليا، والتي قدّمت محاضرة عنوانها "رقصة الحماية والشرف: تصورات الرجولة والأنوثة في زواج المصريين والسوريات"، وهي جزء من مقالة قيد الكتابة متعلقة بالرجولة والأنوثة في الشرق الأوسط.
افتتحت الباحثة السيمنار بالإشارة إلى أعمال صبا محمود، خاصة تلك المتعلقة بمفهوم الفاعلية، والتي تُسائِل فيها الارتباط الحصري بين مفهومَي الفاعلية والمقاومة. تتحدى طه في بحثها السردية الاختزالية التي غالبًا ما تسيطر على حقل الدراسات الجندرية، والتي تُصوّر الرجال العرب على أنهم مضطهدون والنساء على أنهن لَسْن سوى ضحايا لا يمتلكن أيّ فاعلية. فبدلًا من ذلك، تستكشف الباحثة السُّبل المعقدة التي تتشكل بها الذكورة والأنوثة ويؤثر بعضها في بعضها الآخر، وذلك في سياق الزيجات موضوع البحث. وقد استندت الباحثة إلى 42 مقابلة مع زوجات سوريات وأزواج مصريين في القاهرة والإسكندرية، وحاولت تعزيز حضور المُستجيبين في بحثها؛ من أجل ردم الهوة بين البحث وتجربة هؤلاء الناس.
تناولت الباحثة سؤالين رئيسَين: كيف تؤثر تصورات الذكورة والأنوثة المثالية لدى الأزواج المصريين والزوجات السوريات في اختيارهم الدخول في هذه الزيجات؟ وماذا تكشف هذه الخيارات عن تشكيل الذكورة العربية الحديثة؟ وقد كشف تحليلها أن المؤشر المركزي لنجاح المرأة في السعي للحماية الاجتماعية والاقتصادية، من خلال الزواج، يتجلى في العثور على زوج يمكنه توفير الدعم المالي ومنحها المكانة الاجتماعية التي تتمتع بها المرأة المتزوجة في السياق الشرق أوسطي. من ناحية أخرى، أكدت روايات الرجال على أهمية حفاظ المرأة على الشرف والحياة المنزلية، مقارنةً في كثير من الأحيان بين الأنوثة المثالية المتصورة للمرأة السورية وتلك الخاصة بالمرأة المصرية.
يسلّط المبحث الذي تناولته طه الضوء على مفهوم "الأنوثة الاستراتيجية"؛ إذ تتنقل المرأة السورية بين أنواع مختلفة من الأنوثة للحفاظ على الانسجام في علاقاتها وتعظيم مكاسبها ضمن قيود ظروفها الاجتماعية والاقتصادية. ويتجلى هذا النهج الاستراتيجي من خلال الأنوثة الحازمة أو الامتثال أو التنازلات العملية، اعتمادًا على السياق. ويساهم بحثها في فهم الذكورة العربية من خلال سد الفجوة بين بحوث الذكورة والأنوثة، مع الكشف عن الدور النشط الذي تؤدّيه المرأة في تشكيل الهويات الذكورية من خلال تفاعلاتها.
وقد عقَّب الدكتور إسماعيل ناشف، أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في معهد الدوحة للدراسات العليا، على أهمية تناول موضوع الجندر، مشيرًا إلى إشكالية دراسة هذا الحقل بسبب طبيعة تاريخه المرتبط بأطراف لديها أجندات سياسية مباشرة، والتي انعكست على بنية المعرفة المتشكلة في هذا المجال. وأكد ناشف على أن ما يلفت النظر في طرح الباحثة دينا طه هو محاولتها تقديم قراءة بديلة من المدونة المعرفية الغربية المتعلقة بالجندر في السياق العربي، والتي تفترض حركة مزدوجة: الأولى هي القطع مع المعرفة الغربية البيضاء حول الرجل والمرأة في العالم العربي، والثانية هي استحضار أصوات الرجال والنساء في هذا السياق. وأشار إلى أن هذه الحركة تفرض مجموعة من الإشكاليات؛ منها ما يتعلق بمضمون هذا القطع مع الإرث الفكري وأبعاده على تصميم البحث والمداخلة الأساسية، خاصة أن عملية القطع تتضمن عودةً، أو افتراضَ عودةٍ، لما هو أصيل وحقيقي، وللتجارب المعيشة لهؤلاء الرجال والنساء.
شارك في نقاش السيمنار نخبة من أساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وباحثي المركز العربي، وقد جرى النقاش حول الديناميكيات الجندرية في العالم العربي، وتحدي القوالب النمطية، وتسليط الضوء على الحاجة إلى مناهج أكثر تفصيلًا ومراعاةً للسياق في دراسة هذه القضايا المعقدة.