Author Search
أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس، ويشغل منصب أستاذ كرسي مئوية رئيس الجامعة الراحل فرانك سي إروين جونيور. وتشمل أحدث مؤلفاته: الجندي والدولة المتغيّرة: بناء الجيوش الديمقراطية في إفريقيا وآسيا وأوروبا والأميركتين (منشورات جامعة برنستون، 2012)، انهيار الديمقراطية وانحدار الجيش الروسي (منشورات جامعة برنستون، 2007)، وشارك في تحرير كتاب هل الديمقراطية قابلة للتصدير؟ (منشورات جامعة كامبريدج، 2009).
الباحث زولتان براني
براني أثناء تقديمه العرض
جانب من الحضور في السيمنار
مداخلات ونقاشات عقب انتهاء براني من العرض

استضاف برنامج السيمنار الأسبوعي الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يوم الأربعاء 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، الدكتور زولتان براني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس، والذي يشغل منصب أستاذ كرسي مئوية رئيس الجامعة الراحل فرانك سي إروين جونيور. وله مؤلفات أحدثها ما صدر عن سلسلة ترجمان في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بعنوان "الجندي والدولة المتغيرة: بناء جيوش ديمقراطية في أفريقيا وآسيا وأوروبا والأميركتين". وقد قدم ضمن برنامج سيمنار المركز العربي محاضرة بعنوان "الحرب في اليمن: المنظورات والأسئلة والتوقعات"، تناول فيها التطور التاريخي للجيش اليمني وتداعيات هذا التطور على الواقع الحالي، وصولًا إلى الحرب التي يتعرض لها اليمن وسياقاتها الإقليمية والدولية، كما حاول استشراف مسارات النزاع الدائر في اليمن وآفاق حله.

في البداية، استعرض براني التطور التاريخي للجيش اليمني، وقد حاجَّ بأنّ اليمن لطالما عاش صراعًا بين المدافعين عن المركزية السياسية والقبليين. أما المدافعون عن المركزية فقد كان توجههم منصبًا بشكل أساسي على ضرورة تعزيز سلطة الدولة، بينما كان القبليون يفضلون النفوذ التقليدي للقبيلة وتأثيرها في الحياة السياسية للدولة اليمنية. وقد انعكس هذا التناقض بين القطبين السابقين داخل المؤسسة العسكرية في اليمن؛ إذ تتميز هذه القوات بتاريخ من التناقض الداخلي والتشظي منذ تأسيسها في عهد الإمامة في ثلاثينيات القرن الماضي. وقد رصد براني حالة التشظي المؤسساتي في عهد الإمامة في اليمن؛ فالإمامة كان لها ما لا يقل عن أربعة تنظيمات مسلحة منفصلة، وهو أمرٌ ساهم في تغيير الخريطة السياسية في اليمن؛ من حيث وجود كيانات عسكرية متعددة تتسم بغياب الثقة فيما بينها، وبالاعتماد على العنف (الانقلابات العسكرية) في حل النزاعات السياسية.

نتيجةً لذلك، كانت النزاعات الداخلية في اليمن متعددة الأطراف، ومتعددة الجهات التي تحاول تغيير الوضع القائم باستخدام القوة العسكرية؛ وذلك من خلال التحالف فيما بينها أثناء مراحل محددة تلتقي خلالها مصالحها، في حين تدخل في صراع فيما بينها عند تناقض المصالح. ويرى براني أن أحد الأسباب التي جعلت اليمن يعيش، تاريخيًا، في مأزق داخلي، وفي صراعات، يكمن في انعدام قيادة، أو مرجعية مدنية، للمؤسسة العسكرية في تاريخها الحديث.

وعند انتقاله إلى الصراع الدائر في اليمن، رأى براني أنه يجب عدم تبسيط الصراع في اليمن، من ناحية وجود ميلٍ إلى وصف الصراع على أساس أنه صراع جماعة الحوثي في مقابل الرئيس عبد ربه منصور هادي، أو أنه صراع السعودية في مقابل إيران ضِمن نوع من الحروب بالوكالة. فالواقع أكثر تعقيدًا من ذلك؛ إذ إنّ الحضور السعودي والإماراتي في اليمن ليس متجانسًا كما يبدو للبعض، فكل من الطرفين يسعى في أوقات مختلفة إلى تحقيق أهداف ومصالح متناقضة في اليمن. وفي هذا الصدد، أشار براني إلى أنه في حين يدعم الإماراتيون الحركة الانفصالية في الجنوب، فإنّ السعودية تُعدّ الداعم الرئيس للقوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وهو ما يطرح تساؤلات حول طبيعة التحالف السعودي – الإماراتي، وحول اختلاف الأجندة لدى البلدين اللذين يتزعمان العمليات العسكرية في اليمن منذ ثلاث سنوات ضد الحوثيين المدعومين من إيران.

إضافة إلى ذلك، أرجع براني كيفية إبقاء الجانب الحوثي على الانسجام، وكيفية بقائه أيضًا - على الرغم من أنه يواجه عدوًّا أقوى منه - إلى القدرة التسليحية للحوثيين، واستيلائهم على بعض أسلحة الجيش اليمني، وإلى فشل التحالف في تحقيق أهدافه المتمثلة بالسيطرة على الوضع في اليمن؛ وهي عوامل ساهمت في استمرارية الحوثيين في القتال، وستساهم في عدم تفككهم في المستقبل القريب.

كما ناقش براني الدور الإيراني، وبيّن أنّ الإيرانيين لم يكونوا منخرطين في الحرب في البداية، وأنّ تكلفة تدخلهم فيما بعد كانت قليلة جدًا؛ نتيجة تحالفهم مع الحوثيين. فقد حققوا نتائج مرضية من الحرب في اليمن على خلفية استثمارهم في الجانب الحوثي؛ في إطار تنافس طهران مع الرياض في المنطقة، ومحاولة إيران استنزافها في اليمن من خلال إطالة أمد النزاع.

وفي الختام، قدم براني آفاق حلول، وإن كانت بعيدة الإمكان؛ إذ بيّن أن كل الأطراف يجب أن تكون ممثلة في عملية التسوية، نظرًا إلى أنّ إقصاء فاعلين معينين قد يعمق الأزمة. أما خطة الأمم المتحدة الحالية، فتبالغ في إعطاء أهمية لحكومة الرئيس هادي، بحسب براني، في حين أنه لم يتمَّ استدعاء بعض الفاعلين الإقليميين المهمين إلى طاولة المفاوضات؛ على غرار إيران، والإمارات العربية المتحدة. وبناءً عليه، يقترح براني إشراك جميع اللاعبين السياسيين في الأزمة من أجل حل النزاع والوصول إلى تسوية سياسية متوسطة المدى.

وإثر المحاضرة، دار نقاش ثريّ وأثار الحضور تساؤلات كثيرة.