أستاذ مساعد في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا
استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 23 أيلول/ سبتمبر 2020، الدكتور عمار شمايلة، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، الذي قدّم محاضرةً عن بُعد، من خلال نقلٍ مباشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي (فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب)، بعنوان "من حافظ الأسد إلى بشار الأسد: انتقال السلطة والتنمية الاقتصادية الإقليمية في سورية (1992-2011)".
وقد بيّن الباحث أنّ عملية تغيير النظام الاستبدادي/ إعادة ترتيبه من شأنها الدفع بحالة من عدم الاستقرار؛ وأنّه في الحالة السورية تمّ توسيع النخبة الاستبدادية السياسية عن طريق توسيع النخبة الاقتصادية والاعتماد على القطاع الخاص؛ ما أثّر في الاقتصاد السوري والطبقة الوسطى، وحوّلَ البلاد إلى بيئة استثمارية غير موثوق بها.
اعتبر الباحث أن الاحصائيات الدقيقة حول التنمية الاقتصادية في سورية غير متوافرة بالغزارة الكافية لبناء تحليل علمي دقيق، كما افترض أنّ الدول الاستبدادية تعمل على تضخيم الأرقام الاقتصادية، وتلفيقها، سواء لأغراض سياسية، أو لتشجيع الاستثمارات الأجنبية التي لا تثق في الغالب بالبيئات التي تحكمها أنظمة استبدادية. لذلك، اعتمد الباحث على منهجية في رصد التنمية الاقتصادية، إطارها المكاني محافظات الدولة السورية الأربع عشرة (إدلب، الحسكة، حلب، حماة، حمص، دير الزور، دمشق، درعا، الرقة، ريف دمشق، السويداء، طرطوس، القنيطرة، اللاذقية)، وإطارها الزماني الفترة 1992-2011، وتتمثّل هذه المنهجية في تتبّع الإضاءة الليلية في المحافظات السورية كمؤشر على التنمية الاقتصادية. وإلى جانب متغيّر الإضاءة الليلية الذي يعدّ أساسيًا في البحث، اعتمد الباحث على متغيّرات أخرى مثل رصد التنمية الاقتصادية في الدول المجاورة لسورية كتركيا ولبنان والأردن والعراق، علاوة على رصدها في سياق عالمي، كما اعتمد على رصد منسوب الأمطار السنوي وتأثيره في الاقتصاد السوري.
في قراءته لنظام بشار الأسد، أوضح الباحث أنه استلم السلطة وهو يفتقر إلى الخبرة في ممارستها، وأن وصوله كان في سياق خلافات داخل النظام حول خلافة حافظ الأسد، هذا فضلًا عن أنّ خيار استلامه السلطة نضج عقب وفاة باسل الأسد سنة 1994. ويرى أن الأسد استلم ملفات جديدة من النخبة الحاكمة القديمة، وهو لا يملك تاريخًا حزبيًا وعسكريًا على عكس أخيه باسل. واعتبر كذلك أنّ نظام الأسد نظام مبني على شخصه، لكنّه لا يرتبط بالنظام والنخبة القديمين، لذلك عمد الأسد إلى محاباة جزء من النخبة وعمل على تقويته؛ ما أدّى إلى "كسر الاقتصاد السوري"، وإضعافه، إضافة إلى فقدان المستثمرين الأجانب الثقة في السوق السوري.
توصّل الباحث بعد تحليل نتائج رصده للإضاءة الليلية، كدّالٍ على التنمية الاقتصادية، إلى تراجع التنمية الاقتصادية في كلّ المحافظات، وأرجع ذلك بالأساس إلى انتقال السلطة من حافظ الأسد إلى ابنه بشار. ومن جملة النتائح التي توصل إليها: وجود إضاءة ليلية أقل من الإضاءة الليلية المتوقعة لجميع المحافظات، ووجود انخفاض ذي دلالة إحصائية في الإضاءة الليلية في 12 محافظة من أصل 14 سنة 2011، و8 من 14 محافظة ذات نتائج متماثلة جوهريًا سنة 2010، و12 من 14 محافظة ذات نتائج متماثلة سنة 2009. وقد بيّن الباحث أنّه يوجد ما يدعم فرضيته القائلة بأنّ انتقال السلطة أدّى بصفة عامة إلى انخفاض مستويات التنمية الاقتصادية في جميع أنحاء سورية، مؤكّدًا أنّ البيانات التي تم تحليلها لا تخدم الفرضيات المتعلّقة بالطائفية، وأنماط الاحتجاج.
أعقب المحاضرة نقاش ثريٌّ، شارك فيه عن بُعد الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثون من الوطن العربي، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.