Author Search

باحثة مساعدة ومنسقة وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. قبل انضمامها إلى المركز العربي، عملت مترجمةً ومساعدة بحثية لمشروع "الأخلاقيات الحيوية الإسلامية في جامعة جورجتاون – قطر. كما عملت أيضًا مستشارة لمشروع "رباعيات" في متحف قطر، حيث أجرت بحوثًا حول التركيبة السكانية والتطورات الاجتماعية والتاريخية والبيئية والاقتصادية في دولة قطر.

حميدة دُرزاده
عائشة البصري
مهران كامرافا
الدكتور كامرافا معقبًا في السيمنار
الحضور المشارك في السيمنار

قدّمت الباحثة المساعدة ومنسقة وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حميدة دُرزادة، عرضًا لمشروعها البحثي "الوضع المؤقت المطوّل والحياة العابرة للحدود الوطنية للمجتمع البلوشي المهاجر"، وذلك في إطار سيمنار المركز بالدوحة، يوم الأربعاء 8 حزيران/ يونيو 2022.

استهلّت دُرزادة عرضها بلمحة عامة عن الأدبيات المتوافرة عن جماعة البلوش في منطقة الخليج، وأشارت إلى أنه "على الرغم من الوجود المهم لجماعة البلوش في المنطقة، فإنه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي كتابته". وبحسبها، تركّز الأدبيات المتوافرة على المستوى الكلي، على عُمان على نحو رئيس، في حين لا تولي اهتمامًا لحياة البلوش في أنحاء أخرى من الخليج. أما العوامل الكامنة وراء هجرة البلوش إلى المنطقة فهي واسعة النطاق ولا ترتبط بسياق محدّد. ونوّهت بأنه يجري التغاضي عن أثر النوع الاجتماعي في هجرة البلوشيين في الخليج، ما يؤدي إلى تجارب متجانسة؛ إذ تغيب النساء على نحو واضح عن هذا التاريخ الذي يركز بالأساس على المهاجرين الذكور. والأهم من ذلك، تسود في الأدبيات الأكاديمية المحدودة العواملُ الاقتصادية والعسكرية التي تفسّر هجرة البلوش. ويجري تعزيز الصور النمطية القائمة عن البلوشيين في الأدبيات التي تختزلهم في كثير من الأحيان بالاحتلال العسكري. وتتّسم هذه الأدبيات أيضًا بأنها بقيت على ما هي عليه مع مرور الزمن، ولا تكاد تشرح كيف تطوّرت هجرة جماعة البلوش إلى منطقة الخليج على مرّ الزمن.

قدّمت دُرزادة مساهمتها في تلك الأدبيات المتوافرة عن البلوشيين في الخليج من خلال تركيزها على التجارب المعيشة لجماعة البلوش في قطر، من خلال التاريخ الشفوي لهذه الجماعة وعملها الإثنوغرافي في مجمّع فريج البلوش، وهو مجمّع خاص بالبلوشيين في حي أبو هامور في الدوحة، واستهدفت دراستها البلوشيين الذين يعانون وضعًا اجتماعيًا واقتصاديًا متدنّيًا. وأكدت أن "حياة البلوشيين في قطر لم يتم بحثها، ولا يوجد عمل أكاديمي يتناول هجرتهم والخبرات التي راكموها في البلاد". وبعدها، حدّدت دُرزادة ثلاثة موضوعات محورية تندرج في سردية هجرة جماعة البلوش إلى قطر كما رواها المستجيبون البلوشيون الذين ينتمون إلى الجيل القديم ممن التقتهم، والذين شاركوا في رحلة الهجرة تلك، وهي: الدوافع الاقتصادية والاجتماعية السياسية للهجرة، وغياب الوثائق الرسمية (مثل جوازات السفر ووثائق الهوية) في قطر، والتضامن الجمْعي والهجرة التسلسلية بين جماعة البلوش.

ثم تناولت كيف يؤثر الوضع القانوني لجماعة البلوش في قطر، بوصفهم مقيمين مؤقتين، في حياتهم العابرة للحدود الوطنية. ورأت أنه نظرًا إلى إحساسهم بوجودهم المؤقت وحياتهم المحفوفة بالمخاطر، يحتاج البلوشيون إلى بلورة مجال (أو مجالات) اجتماعي عابر للحدود الوطنية مع أقاربهم في بلوشستان في إيران. ورأت أيضًا، أنه بالنسبة إلى البلوشيين، باتت عملية شراء الأراضي وتملّك العقارات وبناء المنازل في بلوشستان نشاطًا مهمًا عابرًا للحدود الوطنية؛ فهم لم يتمكّنوا من القيام بذلك في قطر، حيث يكافح الكثيرون سعيًا وراء تغطية احتياجاتهم. واستفاد البلوشيون في قطر من وضع الاقتصاد الكلي في إيران، ولا سيما في إثر تدهور قيمة العملة المحلّية نتيجة العقوبات، ما أتاح لهم شراء العقارات بتكلفة أقل. وأكّدت دُرزادة أن هذا هو شكل من أشكال "العمليات التفاعلية العابرة للحدود الوطنية"، إذ يشارك البلوش في هذه الأنشطة نتيجة لوضعهم المؤقت.

ومع ذلك، تتفاوت التجارب العابرة للحدود الوطنية بين البلوشيين بحسب النوع الاجتماعي، والعمر، والوضع القانوني، والأوضاع الاقتصادية. وأوضحت دُرزادة أن بعض علاقات البلوشيين المتوتّرة مع الناس في إيران، إضافة إلى الشعور بعدم الانتماء إلى إيران، يخفّفان من أنشطتهم العابرة للحدود الوطنية، ما يجعل إيران وجهة طبية أو سياحية بصورة رئيسة، بدلًا من كونها مكانًا للاستثمار المادي والعاطفي. ورأت أنه من المتوقع بالنسبة إلى الرجال البلوشيين المقيمين في قطر، وخاصة المتزوجين منهم الذين ينتمون إلى الجيل السابق، أن يمتلكوا عقارات في إيران، إذ إن مسؤولية إعالة الأسرة والتخطيط لرحلة العودة المحتملة إلى إيران تقع على عاتق الرجال، لا النساء. واختتمت عرضها بتسليط الضوء على أن الوضع المؤقت والعمليات العابرة للحدود الوطنية، بما فيها امتلاك الأراضي في إيران، لم يمنعا البلوشيين من شعورهم بالانتماء إلى قطر.