Author Search

​باحثة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومدير ة تحرير دورية "أسطور" للدراسات التاريخية.

من السيمنار
خلال النقاش بين المحاضرة والمشاركين عبر تطبيق زووم

استضاف سيمنار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الأربعاء 2 حزيران/ يونيو 2021، الدكتورة آيات حمدان، الباحثة في المركز ومديرة تحرير دورية "أسطور" للدراسات التاريخية، التي قدّمت محاضرةً بعنوان "العنف البطيء في سياق الاستعمار الاستيطاني وأنماط المقاومة في فلسطين".

أبرزت الباحثة في بداية عرضها أنّ سياسات طرد/ إبادة المواطنين الأصليين والاستيلاء على الأرض تؤسس بنيةً أساسية للمشروع الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي في فلسطين، تجعل إسرائيل تطبّق مجموعةً من السياسات المرئية وغير المرئية بهدف القضاء على السكان الأصليين. وأوضحت أن السياسات الأقل وضوحًا تمارس أحيانًا قدرًا كبيرًا من العنف، على الرغم من أنه ربما يُفترض أن السياسات الأشد وضوحًا ستكون أشد عنفًا. وأحد الأسباب التي تجعل هذا النوع من العنف مهمًا هو أنه يمر دون أن يلاحظه أحد؛ بمعنى أنّ آثار العنف البطيء في نوعية حياة الشعوب الأصلية وإمكانياتها للعيش والبقاء، تخفيها قوة المستوطنين، التي لا تتكون فقط من الدولة، ولكن من مجتمعات المستوطنين، أيضًا، القائمة على تخوم تلك الدولة. لكنها عادت لتؤكد أن الفلسطينيين يدركون تمامًا تأثير هذه السياسات أو الآليات وآثارها اليومية، على الرغم من أنّها بطيئة، ومن ثمّ فهم يطورون تكتيكات المقاومة واستراتيجياتها، ردًا على ذلك.

ونتيجةً لاتساع هذه الظاهرة لتشمل فلسطين التاريخية، فقد ركزت الباحثة على نموذج واحد، وهو مدينة الخليل، باعتبارها ثاني أكبر مدينة في الضفة الغربية، والمدينة الوحيدة التي يوجد في قلبها مستوطنات إسرائيلية إضافة إلى مدينة القدس.


قسمت الباحثة عرضها ثلاثة أقسام؛ فعرّفت في القسم الأول بخصائص الاستعمار الاستيطاني في فلسطين، وبـ "العنف البطيء" نظريًا، وتشابكه مع نظريات أخرى مثل "فضاء الاحتجاز/ الاعتقال". ثمّ أبرزت في القسم الثاني السياسات المرئية/ المادية للعنف، والسياسات الخفية التي تمارس العنف البطيء على الفلسطينيين، والتي تستخدمها إسرائيل للسيطرة على مدينة الخليل. وفي ذلك بيّنت أنه من الصعب الفصل بين السياسات المرئية وغير المرئية لكونها متأصلة على نحوٍ متبادل، باعتبار أنّ بناء المستوطنات، على سبيل المثال، مكّن المستوطنين من ممارسة العنف تحت حماية الجيش، كما أدت إقامة الحواجز العسكرية وعمليات الإغلاق إلى تقييد الوصول إلى الخدمات والعمل والحركة، وكذلك عزل السكان عن الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المدينة ومع سائر المدن الأخرى، إضافة إلى التأثير النفسي والجسدي العميق لهذه السياسات. ثم عرجت إلى استكشاف السياسات الخفية للدولة الاستعمارية الاستيطانية من خلال التمييز بين ثلاثة مستويات: مستوى الخدمات (التعليم، والصحة، والوظائف، والإسكان)، ومستوى العزلة الاجتماعية للسكان عن محيطهم، ومستوى يتعلق بالسيطرة على الأماكن العامة والخاصة وخلق فضاء الاحتجاز/ الاعتقال. وفي القسم الثالث من العرض، أوضحت الباحثة أنّ المقاومة الفلسطينية يجب أن يُنظر إليها أيضًا على أنها بنية، بوصفها نتيجةً طبيعية للعنف الذي يمارسه المشروع الاستعماري الاستيطاني.

وقد تمثّل جوهر حجاج الباحثة في هذه المحاضرة بأنّ هذا الفهم للاستعمار الاستيطاني، الذي تم تأطيره على خلفية عنف الدولة والمستوطنين، يضع الأساس الذي يمكن من خلاله تحليل الأنماط المتعددة الأوجه لمقاومة السياسات الاستعمارية الاستيطانية. وهي بذلك تؤكد خاصة على "المقاومة غير التقليدية" التي تنتج لتتناسب مع العنف الممارس على السكان الأصليين في زمانٍ ومكانٍ محددَين؛ إذ يمكن أن يتناقض كل شكل من أشكال المقاومة هذه مع الأشكال الأخرى، مثل اللجوء القانوني إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، وعمليات الطعن، والمقاومة المكانية.

وأخيرًا، سلّطت الباحثة الضوء على النقاش الفلسطيني المستمر حول المقاومة، وتحديدًا، على الشكل/ الأشكال التي ينبغي لها أن تتخذها والوسائل التي ينبغي ممارستها من خلالها: المقاومة المسلحة، والمقاومة الشعبية، وغيرهما.

وقد أعقب المحاضرة نقاشٌ ثريّ، شارك فيه الباحثون في المركز العربي، وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، وأساتذة باحثون من ربوع الوطن العربي وخارجه، كما شارك فيه جمهور المتابعين عبر وسائط التواصل الاجتماعي.